الأقباط متحدون - كتيبة مصرية تحارب فى المكسيك
أخر تحديث ١٦:٠٥ | الثلاثاء ١٦ يونيو ٢٠١٥ | ٩بؤونه ١٧٣١ ش | العدد ٣٥٩٣ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

كتيبة مصرية تحارب فى المكسيك

محمد أبو الغار
محمد أبو الغار

 يشغلنى هذا الموضوع منذ سنوات. لماذا تسافر كتيبة من الجيش المصرى إلى المكسيك لتحارب وكيف ومتى حدث ذلك. وكان ظهور رواية كتيبة سوداء للروائى المبدع محمد المنسى قنديل، والذى تناول هذه الحادثة بطريقة روائية، دافعاً لى للبحث والكتابة عنها.

 
 
بدأت الحادثة أثناء حكم خديو مصر سعيد باشا الذى لبى طلب نابليون الثالث بإرسال كتيبة من الجيش المصرى لتساعد الجيش الفرنسى فى حربه لاحتلال المكسيك.
 
وقام الجيش المصرى بتجهيز كتيبة من 447 جنديا من السودان (التابعة لمصر جزئياً) والنوبة والصعيد استجابة لطلب الإمبراطور نابليون الثالث. وغادرت الكتيبة الإسكندرية على متن سفينة فرنسية فى يناير 1863، وتوفى الخديو سعيد بعد إبحار الكتيبة بتسعة أيام وخلفه الخديو إسماعيل. وأثناء الرحلة الصعبة، التى استمرت 47 يوماً، توفى عدد من الجنود بسبب أوبئة مختلفة. وقد وضعت الكتيبة بعد وصولها إلى المكسيك تحت قيادة الضابط الفرنسى مانجن، وضم إليها بضعة جنود جزائريين للمساعدة فى الترجمة.
 
كانت الحرب صعبة جداً على الفرنسيين وخسروا عدة معارك وانتصروا فى أخرى، وخاض الجنود المصريون الحرب بضراوة شديدة، وقال الجنرال الفرنسى نورى إن المصريين حاربوا كالأسود، وقد طلبت فرنسا من الخديو إسماعيل إرسال كتيبة ثانية، ولكن أمريكا ضغطت على مصر لرفض الطلب. وفى النهاية انسحبت فرنسا من المكسيك. واستشهد طوال هذه المغامرة الغريبة 121 جندياً مصرياً.
 
وغادر 326 جندياً مصرياً المكسيك عام 1867 عائدين إلى الوطن بعد غياب أربعة أعوام، وأثناء العودة توقفت السفينة فى فرنسا، حيث تم تكريم الكتيبة المصرية بواسطة الإمبراطور نابليون، وبصحبة رئيس أركان الجيش المصرى، شاهين باشا، وذلك أثناء مسيرة الكتيبة فى شوارع باريس. وقد أنعم على 56 جندياً بوسام الشرف الفرنسى وأنعم على الضابط الوحيد فى الكتيبة اليوزباشى محمد ألماظ بنجمة الضباط وقلده الإمبراطور شخصياً هذا الوسام. وفى الإسكندرية استقبل الشعب الكتيبة بحفاوة شديدة، وأقام لهم الخديو إسماعيل حفل تكريم فى قصر رأس التين، وتمت ترقية اليوزباشى محمد ألماظ إلى رتبة بكباشى.
 
القصة مذهلة ومحزنة. كيف لخديو مصر أن يرسل جنوده عبر البحار إلى آخر المعمورة فى حرب استعمارية ضد شعب يريد الحرية؟ كيف يسمح بأن يموت جنوده من الأمراض والأوبئة ثم يقتلوا فى حرب صعبة خارج الوطن؟ هل سوف تستفيد مصر شيئاً من هذه الحرب؟ هل سوف تكسب نفوذاً أو أموالاً؟ هل فرنسا حليفة لمصر لتدافع عنها؟ وهل المكسيك عدو حتى نهاجمه ونحتل أرضه؟ وبالطبع لو كان فى عصر الخديو سعيد برلمان أو مجلس للشورى لكان قد استجوب الخديو عن أسباب موافقته على ذلك. ولكن غياب الديمقراطية فى ذلك الوقت كان سبب هذه الكارثة.
 
إرسال جنود خارج الوطن أمر صعب، خاصة لمساعدة عدوان غير إنسانى. تحية إلى روح شهداء القوات المسلحة الذين حاربوا من القرن التاسع عشر، وحتى الآن فى حروب كثيرة داخل وخارج الوطن.
نقلا عن المصرى اليوم

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع