بقلم: مدحت عويضة
منذ الصعود السياسي للإخوان في مصر والذي بدأ الدورة الماضية بحصولهم علي 17 مقعد من مقاعد مجلس الشعب, ثم حصولهم على ثمانية وثمانين في الدورة الحالية، دأب رجال النظام في مصر وأعوانه على تخويف الشعب المصري بصفة عامة والأقباط بصفة خاصة بكلام خلاصته إن النظام الحالي بكل مساوئه وبكل ما فيه من عيوب هو أفضل من حكم الإخوان المسلمين الذين لو قبضوا على السلطة ليحولوا مصر لسجن كبير، يزكي هذا الخطاب تجارب مريرة لحكم الإسلاميين في أفغانستان وإيران وأخيرًا ولاية غزة ستان, كما أكد هذا الكلام المرشد العام عندما قال (لما نوصل للحكم هنضرب العلمانيين بالجزمة).

وهذه الرسالة من النظام المصري تطالب اليساريين والليبراليين والأقباط بالتأييد المطلق وبدون حتى مجرد السماع لطلبات هذه القوى الوطنية، لم يبتلع هذا الطعم ولم يصدق هذا الكلام سوى الأقباط وذلك يرجع لتجاربهم المريرة كفئة مستهدفة من المتشددين الإسلاميين على مر العصور.
والحقيقة غير ذلك تمامًا فالإختلاف بين الإخوان والنظام بالنسبة للأقباط هو إختلاف في الأسماء والشخصيات فقط ولكن منهج النظام في الحكم وهو منهج إخواني بحت والأمثلة كثيرة، فمن يمنع بناء الكنائس سوى النظام ومن يحمي عمليات خطف وأسلمة فتيات الأقباط سوى النظام, ومن المسئول عن المناهج الدراسية التي تحض على كراهية الآخر وتحقيره, ومن المسئول عن أجهزة الإعلام الحكومية المقروءة والمسموعة والمرئية والتي لا يمر أسبوع دون الهجوم على العقيدة المسيحية من خلالها، ومن المسئول عن عدم ترشيح الحزب الوطني لأقباط علي قائمته في الإنتخابات المحلية والتشريعية، ومن المسئول عن حرمان الأقباط من تولي الوظائف والوصول للمناصب العليا في الدولة.
هذه أمثلة قليلة لقائمة طويلة للمارسات عنصرية يمارسها النظام ضد الأقباط، في المقابل أحترف النظام تصديرخطاب مخادع للغرب والعالم الخارجي يصور فيه مصر وكأنها واحة للحرية والعدل والمساواة بين جميع مواطنيها ونجح إلى حد بعيد حتى الآن في خداع العالم الخارجي, الأمر الذي لن يستطيع الإخوان فعله أبدًا.

والحقيقة أن وصول الإخوان للحكم في مصر مستحيل فلن يسمح لهم العالم بتوليهم السلطة في مصر، فمصر ليست غزة, مصر هي قلب العالم ومصر هي المؤثرة والرائدة في الشرق الأوسط والتغيرات التي تحدث في مصر سرعان ما تنتقل للبلاد الأخرى، فلو حكم الإخوان مصر لتحولت جميع الدول العربية والإسلامية لنظام حكم إسلامي متشدد مما يهدد سلام العالم كله، فالعالم الغربي لا ينظر للديموقراطية على أنها صندوق انتخاب بل الصندوق هو نتيجة ليس أكثر، والغرب لن يعترف بالنتائج عند غياب أبسط الأسس الديموقراطية في المجتمع والدليل ما حدث في الجزائر، وكلما ارتفع الصوت المتشدد في بلد من البلاد الإسلامية كلما جذب انتباه الغرب لمشاكل الأقليات في هذه البلد وأمامكم السودان أكبر دليل.

خلاصة ما أريد أن أقوله أننا لن نكف كأقباط عن مهاجمة النظام المصري لأن النظام أفضل من الإخوان، ولن نؤيد نظام يضطهدنا ويحرمنا من أبسط حقوقنا ولن نخاف النظام ولا الإخوان ونحن قوة ساسية هائلة تتعدى قوة الإخوان بكثير الذين لا يزيد عددهم عن الثلاث ملايين في مصر ونسطيع مع الليراليين أن نكون أقوى من النظام والإخوان، فلقد مضي عهد السذاجة السياسية وعلى النظام أن يصغي لطلباتنا ويجد حلول لمشاكلنا ويعيد لنا حقوقنا المغتصبة كمواطنين مصريين, أو مواجهة معارضتنا له وفضحنا له في العالم كله.
medhat-eweeda@hotmail.com