عودة إبن سيدي ..أحد الإبن الضال

Oliver كتبها 
 
-أنا يونانى أممي الأصل .عبد مع عبيد السيد السخي الذى يفيض علينا طعاماً في حينه فيفضل عنا الخبز و يبقي أثر الحب.أغنية محبته الغامرة ترنيمة البيت كله.أب رقيق لا يتسلط.لنا سيد رحوم و رؤوف يشفق علينا .يحسدنا عليه الآخرون الذين ليسوا في البيت .مدللون هنا حتي حسبنا القصر قصرنا الفريد نتباهي به.هذا الموطن الرائع للسيد العجيب.بيت المحبة الفياضة للجميع.بيت تذوب فيه الفوارق بين العبيد و الأبناء.سيدنا ملك و له إبنان يدللهما كالأمراء.ما كان يعوزهما شيء.الكبير كالصغير محبوبين غير أن كل منهما له عالمه الخاص.أما نحن العبيد فكان عالمنا الوحيد هو سيدنا.ليس لنا حياة سواه.
 
- وظيفتنا نحن خدم البيت أن نأخذ من سيدنا الفرح و نوزعه علي أركان القلوب فما كان سيدنا يرضي إلا إذا ملأ الفرح الجميع لذلك لم يكن في البيت حزن أو دموع أو أنين.
 
-ذات يوم صار لإبن سيدي الصغير أصدقاء .كانوا يرفضون المجئ للبيت علي روعته و يفضلون أن يتصايحون قدام البيت.يدعونه فيخرج لهم ,يأخذونه وحده بعيداً عن أبيه و عنا.ثم يعود جالباً الحزن معه في البيت دون أن ندري سبباً لذلك.تكرر الحال و إنتشر الحزن حتي صار وجه الإبن متغيراً متقسياَ.مَن هؤلاء الأصدقاء الذين يجلبون الحزن لبيت الفرح؟ ثم جاء يوم الفراق لما جاء الإبن لأبيه و بصوته المتغير صاح فيه مجترئاً طالباً ميراثه من أبيه و لم ينتظر حتي يموت أبوه وبالموت يدوس الموت و يهب الميراث للجميع حتي للعبيد أما أبوه فأعطاه ميراثاُ أرضياً مؤقتاً حتي يحين ميعاد السماوي.
 
- غاب الإبن و بكي يسوع.أول مرة أري السيد يبكي.إهتز كياننا.حتي الأرض إهتزت.ما عاد للقصر رونق وسط دموع السيد.لم تعد للنفس شهية و لا للنوم جفوناً ترتخي.يوم غادر الإبن ترك السيد عرش البيت و صار يجول يصنع خيراً يعتني بالمريض و يشفق علي المنحنية حتي رأي في كل إنسان إبنه الغائب.فلم يكن الإبن الغائب شخصاً بل رمزاً للجميع فأنحني السيد يغسل أقدام الجميع.
 
-في القصر كانت حجرة السيد لا يدخلها سواه.كنا ننظرها من بعيد و نتشوق.ملامحها تشرق علينا في دخول و خروج السيد.أصوات من داخلها تأت مسامعنا فيبتهج القلب بلا تفسير.كنت أكنس قدام القصر أمسك في يدي سعف نخيل من قصر السيد.بالزوفا أبحث في الأركان عن سر تغيير القلوب.سمعت صوتاً ملائكياً يهاتفني.نحن هنا في إنتظار العريس.أي عريس يقصد الصوت الملائكي؟هل عودة الإبن البعيد أم عودة السيد إليهم.ما أدركت مقاصد الكلام و إنهمكت أبحث في الأركان فوجدت الأحزان ما أكثرها.
 
- أفاقني صوت الابن الكبير.وحده منتشياً في البيت مزهواً بلا سبب. سألني الأمير الأكبر ما حصاد اليوم و كم  إتسعت أملاك أبيه؟ الإبن يحسب الأملاك لا يبال بأبيه؟لم يسأل عن أخيه يوماً؟ كيف لا يشعر بالفقد لأخيه بل لفقد نفسه فهو في جهالته مفقود.ما كانت الأملاك تشغلنا بل السيد الذي فقد إبنيه معاً ,نحن جميعاً مفقودون ,نحن العبيد نئن معه.
 
- كان لرجل إبنان واحد يقتله بالقساوة و الآخر يقتله بالجفاوة .واحد في غربته و الآخر في جهالته و السيد يرحم بلا تفرقة و هو مقتول ما أعجبه ؛القصر في القلوب مغلق. للفرح صارت متاريس من له مفاتيح الفرح.السيد يأت و يذهب و ثيابه من الشمس تلوحت حتي صار السيد كعبد و لم يسأله إبنه الأكبر عن حاله؟لم يكن رحيماً معنا مثل أبيه؟ لا نشعر أننا عبيد إلا حين يخاطبنا هذا الإبن الأكبر الأمة اليهودية.حتي صرنا نتحاشاه فعشنا غرباء و هو و القصر خارجنا.أما عن سيدنا فنحن وحدنا يعرف قدره حتي لو إرتدي ثوب العبيد. نعرفه و نحبه أكثر من  إسرائيل الذي يرفضه كل يوم. 
 
- مرت الأيام.ثلاث سنوات و ثلاثة أشهر و الحال نفس الحال.وقت الفجر و الظلام باق .إرتجت المدينة و  وجدنا سيدنا مرتدياً ثوباً بهياً كعهده السابق.لم ينتظر أحد أن يفتح له فباب القصر بابه و المفاتيح كلها في يده.أسرع يركض و نحن خلفه نتأمل.كان قلبه يعرف أن إبنه في منتصف الطريق.لا أحد أكمل الطريق بغير سيدنا الذى صار الطريق للطريق.ظهر الإبن العائد لبرهة ثم إختفي في حضن أبيه إلي الأبد.حتي اليوم ما عدنا نستطيع أن نر العائد إلا و نري حضن السيد يعانقه.
 
-الإبن المنتشي عاد حانقاً.خنقه عودة الفرح للقصربتوبة أخيه.ضايقه حميم الميلاد الثاني فهو متمسك بالختان.ضايقه خاتم الملك فهو يظن أنه الوريث وحده.ضايقه النعل في رجلي أخيه إذ يظن أن الرب يحفظ له نعله وحده كما حفظها في البرية فلم تبلي ثيابه و لا نعله. أما أخوه فلم يكن له ثوب و لا نعل و لا خاتم فأخذها بالمراحم.نسي غربته القديمة في البرية فصاح يدين غربة أخيه التي عاد منها..ظن أفراح أخيه أحزاناً له و قبول أخيه رفضاً له لأنه يجهل كم يتسع قلب أبيه للجميع. 
 
- خاطب أباه بحدة معاتباً من أجل ذبح العجل.كأن أملاكه نقصت عجلاً مسمناً و هي بلا حصر.في يوم الفرح يختلق الأحزان.أما أبوه الحنون فلم يصده.كرر له الوعد بالميراث.لماذا تحزن يا من تظن أنك إبن إبراهيم لأن إبراهيم نفسه رأي و فرح.كل ما لي هو لك يا إسرائيل إذا قبلت الخلاص و فرحت بعودة الأمم لحضن المسيح.قال السيد قولته التي ملأت القصر كله.حتي اليوم لا تغادر كل القصر.إبني هذا كان ميتاً فعاش .أسرعت إلي الحجرة الملائكية أنتظر الصوت الهادئ لأسأله.هل إبني هذا عن المسيح قيلت أم عن الإبن الضال.فأجابني أن المسيح أخذ صورة الإبن الضال و عاد به من الهاوية.أما بقية الكلام : و كان ضالاً فوجد فأنا أعرف من كان ضالاً فكلنا كغنم ضللنا و هو حمل آثامنا كالجمر علي رأسه لكنه بأحضان الحب أعادنا إلي ملكوت الفرح و ميراث الأبناء.