الأقباط متحدون - «أبوالعلا» فى أحضان الحور
  • ٠٥:٠٧
  • السبت , ٩ مارس ٢٠١٩
English version

«أبوالعلا» فى أحضان الحور

مقالات مختارة | عادل نعمان

٥٨: ٠٧ م +02:00 EET

السبت ٩ مارس ٢٠١٩

الكاتب عادل نعمان
الكاتب عادل نعمان

أبوالعلا عبدربه، قاتل المفكر الدكتور فرج فودة عام اثنين وتسعين من القرن الماضى، يرافقه اثنان من القتلة، أشرف سيد ومحمد عبدالشافى «تم إعدامهما»، يصعد إلى السماء فى طريقه الآن إلى مخادع الحور العين، أبوالعلا تم نسفه فى الأراضى السورية الأربعاء الماضى بطائرات بشار الأسد لتتلقفه أيادى الملائكة على عجالة، وتنقله فى ثلاجة الموتى، حتى تفوز الحوريات العين به فى الليلة الأولى وهو بدمه وأشلائه وفتافيته، كل حورية ستفوز منك يا أبوالعلا «بفتفوتة» تنعم بها، كل حورية ستضاجع «بعضاً منك» سبعين عاماً فى المرة الواحدة.

صاحبنا إلى أن نلقاه قريباً ربما لا تتجاوز أشلاؤه فى المضاجعة لكل شلو «جمعها أشلاء» حورية واحدة فقط، أو ربما سنراها واقفة على بابه زائرة ومنتظرة، أو ما زالت تداعبه وتلاعبه على الأبواب، أبوالعلا ظل يحلم سنوات وسنوات بهذا اللقاء وهذه المتعة، يستعجلها ويترقبها ويصبو إليها طوال مدة السجن، حتى عفا عنه رئيس الإخوان من حكم خمسين عاماً، قضى منها عشرين فقط هو ورفاق السلاح والقتل والبلطجة فى عامهم الرئاسى التعيس، وحقق حلمه ولحق بإخوة الجهاد فى سوريا بعد فض اعتصام رابعة، وكان مرابضاً فيها على الحدود، وتحقق أخيراً مراده فى الموت على يد بشار، وهو الآن على مشارف الوصول إلى محطة الحور العين، كلهم على موعد مع الحور ولقائهن المرتقب، مكافأة القتل والنهب والسلب واغتصاب النساء وبيعهن هى الحور العين، الجميلات الفاتنات اللائى لا يحضن أبداً، جاهزات مستعدات حاضرات متأهبات متزينات لأبوالعلا وأمثاله.

يا أبوالعلا «نقبك هيطلع على شونة» ونقب كل رفاقك الإرهابيين هيطلع على نفس الشونة، كلكم فى مخازن الغلال شوال.

خدعوك وأضاعوا دنياك وآخرتك يا أبوالعلا، فالقاتل ليس بشهيد حتى لو قتل «فطيس» أو مظلوماً أو مدافعاً عن العرض أو الوطن أو الحق، أبوالعلا مات «فطيس يا رجالة»، ومسحته الطائرات هو ورفاقه مسحاً من على وجه الأرض إلى غير عودة، كل هؤلاء الجبناء مصيرهم ومحطتهم الأخيرة فى سوريا بين قتيل وأسير ومشرد ومنبوذ فى بلاد الله بلا وطن أو مأوى، هذه مصائرهم ومصير أبوالعلا «وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافاً كَثِيراً»، هذا هو الاختلاف بين الخير والشر، والحق والضلال، والعدل والظلم، فالخير والحق والعدل من عند الله، والشر والضلال والظلم من أنفسكم، فأين الخير والعدل والحق الذى جاءنا على أيديكم؟ ألا تتفكرون وتتدبرون وتقتنعون وتتراجعون؟ ألم تسمعها يوماً «من قتل يقتل ولو بعد حين» أو لم تقرأها يوماً وتتعبد بها «وَلَكُمْ فِى الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِى الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ»؟ هل كنت تقرأها دون فهم أو وعى؟ أم اعتبرت القصاص من حقك، وليس من حق الغير، كما فهمها مشايخك الظلمة، القصاص يا أبوالعلا لأولى الألباب والأبصار، وأنت وأمثالك ليس لكم عقول تفهمون بها، أو قلوب تبصرون بها، بل عقول غل وقلوب غلف، ستجدها فى عنقك أينما حللت ورحلت، وعن يمينك وعن شمالك أينما أقبلت وأدبرت، ومن فوقك ومن تحتك أينما أقمت وغادرت، سيطاردك ويلاحقك ويتتبعك أصحاب الحقوق، من رملتهم ويتمتهم وأثكلتهم وقتلتهم وأفقدتهم أهلهم وأرضهم وديارهم وستدفع الحساب لكل هؤلاء.

الجنة يا أبوالعلا ليست حكراً لدين، أو لفصيل دون الآخر، هى جنة الله، خالق كل البشر، يصطفى لها من عباده الأخيار، هى حق الله يفتح أبوابها للمصلحين والصالحين والأتقياء والأنقياء والرحماء، والطيبين الصادقين الشرفاء، ومفرجى الكروب والهموم، ومحاربى الفقر والمرض والجهل، البنائين والكادحين والعارقين والمخترعين والباحثين وأصحاب الهمم، والرافعين رايات المحبة والسلام والإخاء، الباحثين عن المرضى فى الأدغال والجائعين فى الشوارع والجهلاء فى البيوت، المنتشرين وسط أوجاع وآلام وعذابات الناس، يرفعون عنهم ما استطاعوا، ويخففون عنهم ما شق عليهم، ويحملون عنهم ما وسعت ضمائرهم حملها، هؤلاء هم الفائزون الرابحون والناجون، وليس القتلة المتاجرين بالدين، غزاة الأوطان والديار، الخاسرين الراسبين، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، فما ربحت تجارتهم، وساء ما يفعلون.

وأنتم أيها الأشبال الصغار فى مدارس ومعاهد أبوالعلا والظواهرى والبغدادى المتاجرين بالدماء، وحسان ويعقوب وبرهامى والحوينى، المتاجرين فى الأموال، كلهم نقبهم هيطلع على نفس الشونة، سيحفرون جميعاً وصولاً إلى الحور العين، كما حفر الفلاح من قبلهم بحثاً عن الآثار، وسيجدون أنفسهم فى نهاية الرحلة مجتمعين وواصلين إلى شونة الغلال وسط آلاف الأجولة، ساعتها لن ينفعهم العض على أصابع الندم على ما فرطوا فى حق الله، ولن ينفعهم الأسى والحزن على مصائر من ضللوهم وزيفوا لهم الطريق إلى الله، وليس طريق الله سوى المحبة وحفظ النفس والعرض والمال، ورفع الظلم والمعاناة عن البشر مهما كان لونه ودينه وجنسه، وهذا هو الطريق الصادق الأمين إلى الله، أفيقوا قبل فوات الأوان، وعودوا إلى طريق الخير والمحبة والسلام للجميع وهو خير عند الله وأبقى.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع