الأقباط متحدون - «القصاص» قمة الإنسانية
  • ٠٦:٠٨
  • الاربعاء , ٢٧ فبراير ٢٠١٩
English version

«القصاص» قمة الإنسانية

مقالات مختارة | سحر الجعارة

٤٣: ٠٦ ص +02:00 EET

الاربعاء ٢٧ فبراير ٢٠١٩

سحر الجعارة
سحر الجعارة

سحر الجعارة
وكأن العالم كله لم يرَ بالصوت والصورة انتهاك آدمية البشر وأعراضهم فى سجن «أبوغريب» بعد سقوط بغداد؟!.. لم يسمع عن معتقل «جونتانامو» وما يحدث فيه من تعذيب وسحل يصل لحد «القتل».. دون أن يتحرك أحد!.

لم يرَ العالم تنظيم «داعش» ينفذ الحكم بالإعدام فى الأبرياء (الذين يدافعون عن أوطانهم)، بالذبح علناً، ويبث لنا صور القتل لنشر الرعب فى قلوبنا.. وكأن العالم لا يعرف أن تنظيم «داعش» يغتصب الأطفال الأيزيديات فى سن ٨ سنوات، ويختطفون الأطفال ويدربونهم على القتال بالسلاح، ويحرضونهم على قتال أهلهم وذويهم باعتبار أنهم كفار!.

لقد عانت أوروبا وأمريكا من الجيل الأول من «العائدين من أفغانستان»، الذى تحول إلى قنبلة موقوتة تبدد أمن أوروبا وأمريكا، لكن مع الجيلين الثانى والثالث بدأت الأفكار تتغير، والخريطة يعاد صياغتها، والحرب تزداد ضراوة.. لتظهر تشكيلات جديدة تشبه «الخلايا العنقودية» التى ظهرت فى الثمانينات، (وهى ما تسمى بالذئاب المنفردة)، والتى كشفت الكثير من خفايا تلك التنظيمات الإرهابية التى يعاد شحنها وتغذيتها بالأفكار التكفيرية تحت لافتة «الجهاد» ويعاد تدريبها عسكرياً فى «سيناء» وينتشر نشاطها الإرهابى فى الشرق الأوسط، بدعم «تركى - قطرى».

وبلغت درجة «التوحش» أقصاها، فشهدت البلاد عمليات (الذبح والنحر والرجم)، وهى طرق جديدة على التنظيم خرجت من رحم التنظيم الأصلى فى العراق وسوريا، ونقلها «الدواعش الجدد».. ولكن يبقى التخطيط والتدريب والتمويل فى معظمه «إخوانياً» وهو ما أغرى جنسيات أخرى، من الدواعش العائدين، فى الدخول تحت مظلتهم.

نحن من نعانى منهم، وجيشنا هو من يحارب الإرهاب «نيابة عن العالم»، نحن من أصبح لدينا فى كل عائلة أرملة أو أم ثكلى أو طفل يتيم.. أو «شهيد».. وكل هؤلاء يطالبون بالقصاص العادل لأرواح الأبرياء.

وبحسب آخر إحصائية لمنظمة العفو الدولية عن توقيع عقوبة الإعدام، (المنشورة على موقع BBC العربى بتاريخ 14 أكتوبر 2018)، فقد رصدت المنظمة: (106 دول لم تعد تسمح بالقانون بتطبيق عقوبة الإعدام، 7 دول تسمح بعقوبة الإعدام فى بعض الجرائم الخطيرة فقط فى ظروف استثنائية مثل زمن الحرب، 29 دولة يسمح فيها القانون بتطبيق عقوبة الإعدام، ولكنها لم تطبقها لعشر سنوات على الأقل وهناك التزام بعدم تطبيقها، 56 دولة تبقى القوانين التى تسمح بتطبيق عقوبة الإعدام وهى إما طبقت العقوبة أو لم تصدر إعلاناً رسمياً بعدم تطبيقها)!.

إذن لسنا استثناء فى تطبيق هذه العقوبة التى تطبقها بعض الولايات الأمريكية (راعية حقوق الإنسان)، هذا إلى جانب سنغافورة والصين وماليزيا وعدد من الدول العربية.

وحين سُئل الرئيس «عبدالفتاح السيسى» أمام قمة شرم الشيخ «العربية - الأوروبية» عن عقوبة الإعدام، أكد أنها وسيلة للاقتصاص من المتورطين فى قتل المصريين خلال العمليات الإرهابية.. وأوضح أن واقع المنطقة العربية يفرض علينا الحفاظ على دولنا ومنعها من الخراب والانهيار كما يحدث فى دول الجوار، وليس البحث عن «الرفاهية».. وإن كان هذا لا يعنى تجاوز القانون أو حقوق الإنسان.. وقال «الرئيس»: «لن تعلمونا إنسانيتنا ونحن أدرى بظروفنا، ولدينا أخلاقنا وعليكم أن تحترموها كما نحترمها لديكم»، مضيفاً أن أقارب الضحايا فى العمليات الإرهابية يطالبونه بالقصاص لأبنائهم، مختتماً بالقول «عليكم أن تشاهدونا بظروفنا نحن وتحترموها، وليس وفق ظروفكم أنتم، فاحترموا أخلاقياتنا وأدبياتنا وقيمنا كما نحترم قيمكم».

كان لا بد أن يحترم العالم -ممثلاً فى صحفييه- أن مصر التى كانت تحكمها «ميليشيات الإخوان»، وتتفشى فيها العمليات الإرهابية لتحول أرضها إلى خريطة دم، قد رفعت شعاراً لقمة شرم الشيخ هو (الاستقرار والاستثمار).. ولو أن الإرهاب ظل قائماً مثلما كان ومثلما أرادته جماعة الإخوان الإرهابية، لما جرؤ قائد واحد فى العالم «عربى أو أوروبى» أن يكون تحت مظلة سمائنا وهو يشعر بالأمان فى القمة.

وأتعجب كيف ينتقد البعض أحكام القضاء (وهو سلطة مستقلة)، فى الوقت الذى يعتبرها العالم «عنوان الشرعية» لأى نظام!.

يكفى الرئيس «السيسى» فخراً أن مصر جمعت رؤساء وملوك أوروبا والمنطقة العربية لأول مرة على أرضها، بحثاً عن القواسم المشتركة، والتباحث فى التحديات المشتركة مثل الإرهاب والهجرة غير الشرعية.. ودعم الحكومات الوطنية التى تعانى أزمات فى المنطقة فى مواجهة التنظيمات الإرهابية المسلحة، واللجوء للمسار السياسى وليس الخيار العسكرى.

ويكفى الشعب المصرى أن يشعر بـ«العدالة الناجزة»، التى جاءت بالقصاص لأرواح الشهداء كما طالبنا به دائماً، فى مواجهة من يتاجرون بـ«الجهاد»: «وَلَكُمْ فِى الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِى الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ» سورة البقرة، 179.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع