الأقباط متحدون - المعلم، والدين، ومقاعد الدراسة!
  • ١٤:٣٧
  • الأحد , ١٣ نوفمبر ٢٠١٦
English version

المعلم، والدين، ومقاعد الدراسة!

عادل عطية

مساحة رأي

٣٢: ٠٦ م +02:00 EET

الأحد ١٣ نوفمبر ٢٠١٦

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

بقلم: عـادل عطيـة
   نحتفي بالمعلم، نستدعي شطر بيت الشعر، الذي يقول: "كاد المعلم أن يكون رسولاً"!


كاد، بالقياس الديني!
رسولاً كالرسل، بالقياس الإنساني!


 نتأسى على "كاد"،  مع أن "الدين" قد يشطر المعلم إلى وجهين، ولسانين: رسولاً للنور، أو: رسولاً للظلام!
 وعندما أذكر للمعلم، رسوليته للنور؛ فانني أستعيد قصة الجاحظ، ومعلمه المجهول:


 فقد كان الجاحظ في طفولته، يبيع السمك والخبز، وكان ما يربحه من قروش، وما يزيد من السمك والخبز، كفيلين ليعيش هو وأمه على الكفاف!
  وكان على مقربة من مكان البيع، حلقة لمعلم يلقي فيها الدروس، وحين حضر الجاحظ أول درس، شعر بالسعادة الغامرة، ولذا انقطع عن البيع وصار يقضي وقته بين التلاميذ، يسمع الدروس من معلمه ويسجل ويكتب، فجاع هو وأمه، وشعر بالكآبة والحزن، واحتار بين العودة للبيع، أو أن يكمل طريقه في التعلم.


 المعلم الذكي اكتشف أن تلميذه العبقري والموهوب، يعاني من ظروف صعبة وقاهرة، فسأله عن الأمر، وحين عرف القصة أعطى الجاحظ خمسين ديناراً. وهكذا استمر الجاحظ في تلقي الدروس من معلمه، وصار كما تعرفون: الأديب، والعالم، والحكيم، والفيلسوف!


وعندما أذكر للمعلم، رسوليته للظلام، فانني مضطر للعودة إلى العصر الحجري الحديث؛ لأسرد عليكم بعضاً من قصصه المؤلمة:
.. وقف طالب الطب أمام استاذه؛ لكي يجيب على أسئلته.. وعندما سمع الدكتور اسمه، الذي يشير إلى إيمانه المسيحي، سأله، قائلاً: هل أنت حمار، أم أنا الحمار؟!..


قفز السؤال فوق كل توقعاته، وحدّ من حركته، قليلاً.. ولكنه كان قد تعلم أن الإيمان القوي لا يهتز أمام كلمات الآخرين، وأن الحضارة لا ترتعب إلا كانت ضعيفة وهزيلة. فأجابه، قائلاً: لا أنا ولا أنت؛ لأن الله خلقنا على صورته!


   ولكن الأستاذ المصاب بالهوس الطاووسي، انتفخت أوداجه، وأصرّ على سؤاله. مما دفع بالطالب إلى حافة الإنزعاج، والغيظ؛ فقال ساخراً ـ وقد عرف أنه لا محالة سيخسر نجاحه ـ: أنا حمار؛ لأنني وقعت تحت يدك!


   .. وطالبة جامعية، ما أن رأى استاذها الصليب يزيّن عنقها؛ حتى أمرها بأن تنزعه عنها، ولا تعد تظهره على الملأ. ولكنها لم تستجب ببسالة، ومن غير خشية لهذه الدعوة؛ فكان عقابها أن ترسب سنتين متتاليتين، إلى أن رآها في السنة الثالثة. ولما رأى اصرارها العجيب على ارتداء الصليب، رغم رسوبها بسببه، ورغم أنه كأبليس يتغذى على الشر، ويتعظم في الألم والمعاناة، ويكتسب قوة منها. إلا أنه أشاد بموقفها، وقال لها: أنت تستحقين النجاح على شجاعتك، واصرارك!


 .. وطالبة أخرى لها قصة أخرى، مع استاذ جامعي آخر:
   فعندما رآها ترتدي صليباً، قال لها: أعدك بانني سأمنحك عدد الدرجات بعدد الصلبان التي معك!
 فقد كان يعتقد أنها في أكثر تقدير، ستحصل على ثلاث درجات فقط: درجة على الصليب الذي على جيدها، والثاني إن كان موشوماً على معصمها، والثالث إن وجد في حافظة مفاتيحها!


وهنا فتحت الطالبة حقيبتها، وأخرجت كيساً، كانت قد اشترته في اليوم السابق للامتحان، كيساً يحتوي على مئة صليب؛ لتوزيعه على أطفال مدارس الأحد. وكانت قد نسيته في حقيبتها، بعد أن وزعت منه ثلاث صلبان على بعض معارفها. وهنا اسقط في يد الأستاذ، واضطر نزولاً على وعده: أن يمنحها ثمانية وتسعون درجة من المئة!
   ،...،...،...
   وهكذا شوّهوا الدين، فتارة يقولون عنه أنه أفيون الشعوب. وتارة أخرى يجعلونه يُقسّي القلوب!

حمل تطبيق الأقباط متحدون علي أندرويد