مينا ملاك عازر
تأتي زيارة وزير الدفاع المصري، المشير السيسي لروسيا في سياق استعادة العلاقات المصرية الروسية رونقها القديم، وقت أن كان الجيش المصري كل عتاده من العتاد الروسي، ورغم أهمية صفقة الأسلحة التي تأتي كثمرة مباشرة لتلك الزيارة إلا أن الأهم من هذا كله ليس حجم الصفقة ونوعها ولكن طبيعة الاستقبال الحافل الذي تمتع به السيسي ومرافقه نبيل فهمي وزير الخارجية المصري، إذ استقبلهم وزيري الدفاع والخارجية الروسيين، ورئيس الكريملن الروسي، وما يبرز أهمية طبيعة الاستقبال ذلك التضاد البيِّن بين طبيعة الاستقبال في هذه الزيارة  وطبيعة الاستقبال في حالة زيارة مرسي والذي استقبله كما تذكرون عمدة مدينة سوتشي، ولا مبرر للإخوان من استقبال عمدة هذه المدينة لمرسي إلا ميول مرسي الرياضية إذ أن المدينة التي استقبل عمدتها مرسي هي المدينة التي تستضيف الآن الأوليمبياد الشتوية.

وما يتفوق على طبيعة الاستقبال ويصبغ أهمية للزيارة، هو اهتمام بوتين نفسه بالزوار، وهو ما وضح في تكريمه للسيسي باستقباله إياه بقصره على عكس لقاءه بمرسي في منتجع، وهو ما يعكس الأكثر من ذلك أن اعتبار الروس لجماعة الإخوان جماعة إرهابية، هو الدافع الحقيقي لذلك الاستقبال السيئ لمرسي، وليس استهانتهم لمصر بدليل الاستقبال الممتاز للسيسي ومرافقيه، والأكثر من ذلك والذي أتمنى أن تنتبه له عزيزي القارئ، أن زيارة السيسي وفهمي اليوم هي رداً لزيارة قام بها نظراؤهما الروس لمصر في الرابع عشر من نوفمبر الماضي وليس كتلك التي قام بها مرسي والتي بدت كمد يد، ومبادرة لاستعادة العلاقات المصرية الروسية القديمة والتي كانت في الحقيقة هي شحاتة قمح، وهي الشحاتة التي رفضها الروس، بل أن مرسي لم يعد من روسيا بشيء ذي جدوى أو قيمة، وهو يعكس مدى الاستياء الروسي من تلك الجماعة الإرهابية، ومدى عمق الفهم الروسي لتلك الجماعة التي لم يحسن المصريون فهمها للأسف ومن بعدهم الأمريكيون.

ولعل عمق الفهم الروسي للجماعة الإرهابية يعود لما تعانيه الدولة الكبرى وما عانته على يد الإرهاب المدعم من القوى الغربية منذ أفغانستان والذي قد نستثنيه إن أسميناه مقاومة لكن لا ننساه في الشيشان وحتى تلك اللحظات بتفجيرات فولجاجراد وتفجير المدارس وقتل الرهائن، وكأن الروس يقولون لنا أو نقول لهم نحن ما قاله شوقي قديماً في إحدى قصائده، يا نائح الطلح أشباه عوادينا نشجو لواديكم أم تشجو لوادينا!؟.

ومن ثمة، فالهم واحد ومشترك بين القيادتين المصرية والروسية إذ أن العدو أيضاً واحد وينتهج نفس النهج الدموي الإرهابي. ومن ثم، فأن فرص التقارب هائلة،  ناهيك عن طبيعة شخصية السيسي رجل الاستخبارات تلتقي مع ذات شخصية بوتين رجل الاستخبارات الآخر مما يعطي كم هائل من الفرص لزيادة التقارب المصري الروسي على حساب الغباء الأمريكي الداعم للإخوان والتي يبدو أن الكونجرس يحاول أن يتراجع عنه بتوصيته لإعادة المساعدات العسكرية لمصر، وستبقى الأيام القادمة تحمل لنا الأخبار اليقينية بخصوص العلاقات المصرية الأمريكية وعلى الضفة الأخرى منها العلاقات المصرية الروسية.