CET 00:00:00 - 18/09/2009

مساحة رأي

بقلم: أدولف موسى
قرأت مرة قصة مؤلمة أريد أن أرويها لكم:
كان هناك أبًا ديكتاتوريًا مع زوجته ومع أولاده، كان كل ما يأمر به هذا الأب لا بد أن يُطبق بدون نقاش، كانت الأم لا تمتلك القدرة على أن تخالف قراراته حتى لو كانت قرارات تعسفية وتضر الأسرة كلها، لأنها مسحت شخصيتها مسحًا تامًا ولم تُعوِّد نفسها أن يكون لها قدرة التفكير أو قدرة النقد التي انقردت لديها عندما أخذت ان تكون قرارات الزوج شيء مُنَزل ليس لأحد الحق حتى في مناقشته.
في يوم ما خرج الزوج للعمل وقال لزوجته أن لا تأكل ولا تُطعم الصغار حتى يعود هو إلى المنزل، وهو في العمل جاء له تليفون أن والده في البلد قد توفى وأنه لا بد أن يحضر في الحال، ترك الرجل العمل وسافر إلى البلد وأمضى هناك أسبوعين.
عندما عاد إلى البيت وجد أن زوجته وأولاده أمام مائدة الطعام قد ماتوا من الجوع لأنهم انتظروا مجيئه حتى يأكلوا ولم تجرؤ الزوجه كسر أمر زوجها وإنقاذ أولادها من الجوع.

عندما نسأل أنفسنا سؤالاً وننتظر الإجابة الصادقة بدون غباء أو استعمال الشعارات الخائبة: ما هي مقومات اتخاذ القرار؟
إن لكل إنسان لكى يتخذ قرار لا بد له من التفكير أولاً ما هي الفوائد أو الخسائر التي سوف تنشأ عن اتخاذ هذا القرار؟ أيضًا أنه من المعروف أن كل إنسان محدود الرؤية لأي فكر لأنه يرى هذا الفكر من جانب واحد وهو جانبه هو فقط، أليس من الأفضل أن يُنَاقش هذا متخذ القرار آخرين بوجهات نظر أخرى ويعطيهم الحق في حرية المناقشه حتى وإن كانت مخالفة له؟ إن إتُخذ القرار واتضح بعد ذلك أنه كان القرار الخاطئ أليس من الأصلح تغيره السريع لكي لا يسبب خسائر أكثر مما تسببها؟

فلنعود إلى موضوعنا.. هل كان يعلم السادات أنه قد بلى مصر كلها بأكبر جريمة يمكنها أن تضر البلد عندما اتخذ الفرمان الديكتاتوري بتطبيق الشريعة الإسلامية في مصر ووضعها في الدستور المصري في الماده الثانية؟ كلنا نعلم أيضًا أنه بهذا الفرمان كان يريد أن يرضي فئة ما من الشعب كثمن لوصوله لهدفه الأساسي وهو اعتلاء حكم مصر إلى الأبد؟ إننى عندما أقول أنه كان يهدف الوصول لحكم مصر إلى الأبد فأنا أعني ما أقول، لأن السادات لم تأتِ له ولو للحظة واحدة فكرة أنه يمكن أن يأتي عليه يوم ما وتنتهي حياته فيه. إن أكبر كذبه كانت تتملك في السادات هو الإحساس بالخلود.
إنني لا أقول فقط لأننى مسيحي أني أرفض تطبيق هذه الشريعة فى بلدي مصرلأنها ضارة بالمسيحيين فقط بل كمصري حيادي، لأن تطبيق الشريعة الإسلامية في مصر تسبب ضررًا كبيرًا بعامة الشعب المصري ككل وأولهم المسلمين، إنني هنا لا أناقش صحة الأديان لأن هذا لا يهمني بل أناقش شيئًا قد جعل أيضًا من القضاء المصري قضاء منفصم الشخصية الذي يمكننا أيضا بتسميته بقضاء الشيزوفرينيا. إن كنا نجد أن أحد القضاة في قضية ما -ولنأخذ كمثل قضية العائدين إلى المسيحية- يأخذ التشريع الإسلامي كحجة كما سمح له القانون وهو ليس مُلامًا على ذلك، فلماذا لا يُحكم بقطع يد السارق وقدمه خلاف كما أمر به الشرع وعدد السارقين في مصر يكاد يكون مجموع تعداد شعب مصر كلها؟ لماذا لا يُحكم برجم الزاني والزانية بعد أن يطلب القاضي أربعة شهود عدال -أي مسلمون فقط وهذه في حد ذاتها عنصرية وفتنه-؟ أليس هذا بالتشريع الإسلامى أيضًا؟ هنا تأتي عدم مصداقية القانون المصاب بمرض انفصام الشخصية.

السؤال الأهم.. لماذا سميت أنا قرار السادات في هذه الحالة بالجريمة؟ إنني لا بد أن اكون صريحًا مع نفسي ومع من يقرأ هذه السطور وأسأل سؤالاً في غاية الأهمية: هل هناك قوة على الأرض يمكنها إلغاء هذا القرار؟
لكي نجد الإجابة الصادقة على هذا السؤال لا بد أن نعرف أولاً، هل هناك النسبه الكافية في مصر التي تمتلك قدرة رؤيه الحقيقه وقدرة التغيير لكل ما هو ضار حتى وإذا ادعى البعض أنه أمر إلهى من السماء؟
الجواب: إنى آسف لكِ يا مصر، إنه بوجود الجهل الذي نهى عليكِ لن يكون هناك أملاً. لهذا يأتي الحكم على هذا الفرمان الساداتي بالجريمة لأن لا أحد يستطيع إنقاذ مصر منها.

أخيرًا إني أريد أن أقول لكل من يقرأ هذه السطور أنني لا أناقش صحة أديان لأن -كما قلت من قبل- هذا لا يهمني، أنا أحاول ان أضع الفكر المنطقي بحيادية تامة للمناقشة وأرغب في تحرير بلدي مصر من كل ما يوقف تقدمها، وأبحث فقط عن إمكانية رخاء كل مصري. إن هناك أصوات كثيرة تطالب بطرد الذين يسمونه بالمحتل الإسلامى! أما بالنسبة لي (مسلم- مسيحي- غير ديني)، كل من يقطن مصر فهو مصري له كل حقوق المصري لأنه يعيش في بلده.
فلنخاف كلنا على بلدنا لأنها إذا حدث لها أي مكروه فسوف يعم على المسلم والمسيحى والكل.
هل يريد أحد منا دمار مصر؟ للأسف نعم.. الجاهل الذي ليس له القدرة على أن يفهم على الأقل لا يعرف ماذا يفعل و يسير خلف شعارات الوهم التي لا يفهمها هو نفسه بل يأخذها على أنها مسلمات، هذا هو المجرم الحقيقي.
لن يكون هناك سلامًا في أي بلد إلا بوجود العدالة المطلقه بين كل جوانب شعبها.

أدولف موسى

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق