CET 00:00:00 - 15/09/2009

مساحة رأي

بقلم: أدولف موسى
لكي نفهم مفهوم الأغلبية والأقلية فمطلوب منّا أن نُحدد على أي أغلبية وأي أقلية نبحث؟ هل هي في مكانها أم لا؟ فلنبدأ أولاً بالسؤال: ما هي الأغلبية وما هي الأقلية؟ ما هو المؤثر الأساسي الذي يؤثر على نوع الأغلبية التي نبحث عنها لنقرر قرارًا ما؟ ما هي النسبة التي تستطيع أن تحدد لنا الأغلبية؟ هل كل ما هو فوق الـ 50  % كافي لنعامله معاملة الأغلبية؟

لكي نسهل على نفسنا الطريق لإيجاد الجواب على السؤال المطروح لابد لنا أن نأخذ مثلاً، ما هو نوع الأغلبية التي يمكننا أن نلتجئ إليها في مصر لاتخاذ أي قرار سياسي؟ -هذا إذا سمح لنا النظام الحاكم باتخاذ قرار ديمقراطي وهذا شبه مستحيل-، هل هي نسبة الأغلبية بين الصعايدة في الجنوب للفلاحين في الشمال؟ إن كانت 40% - 60% فهل يكون القرار لصالح الـ 60% ؟
هل هي نسبة مشجعي الأهلي للزمالك؟ إن كانت 30%  -70 % فهل يكون القرار لصالح الـ 70 %؟
هل هي نسبة المسلمين للمسيحيين؟ حتى لو أعطينا المسلمين نسبة 90%  وكل الفئات الأخرى من مسيحيين، بهائيين، شيعة -لأن السُنة لا يعترفوا بهم كمسلمين- وآخرون10 % هل 90 % كافيًا لنسميها بالأغلبية ويحق لهم التحكم في أي قرار سياسي؟
هل توجد نسبة أكثر من90 %؟
هل نستطيع أن نقول إن 100 % أكثر من90 % ؟
هل نسبة الأغلبية التي يمكنها أن تتحكم في إصدار قرار سياسي هي نسبة الصعايدة للفلاحين؟ نسبة مشجعي الاهلي للزمالك؟ نسبة المسلمين للمسيحيين أو للآخرين من المذاهب العقائدية الأخرى؟ إنني لا أرى أي ارتباط لهؤلاء جميعًا بأي قرار سياسي. عندما نريد أن نبحث سوف نجد بنفسنا النسبة المطلقة لاتخاذ أي قرار سياسي ومصيري لمصر.
أنها نسبة الـ 100% أين نجدها في كل منّا! فنحن جميعًا لنا هوية واحدة، نحن مصريون.

إن نسبة المصرين تضاهي نسبة الصعايدة، الفلاحين، الأهلاوية، الزملكاوية، المسلمون، المسيحيون والكل لأنها تضم الكل تحت هويتها. فإذا أراد أي أحد أن يعطي لنا أي نسبة في مصر يمكنها أن تفوق على نسبة  100 % مصريون فليقل لنا أين هي؟ والغريب إن فقط المصري كمصري له الحق في اتخاذ أي قرار سياسي لأنه يمس مصر ككل وليس جزء واحد منها ممن ينتمي إليه أي بذاته وحده أو مع بضع آخرون. فأنني مثلاً كمسيحي لا أطالب بحقوق المسيحيين، إن أردت هذا فأني بذلك أطالب بحقوق الأقلية وهي في ذات الوقت جزء من أغلبية مطلقة، فلماذا لا أطالب بحقي ككوني واحد من الأغلبية المطلقة وهذا واقع؟ هل أنا من الأقلية؟ بالطبع لا، فأني من الغالبية المطلقة، إني واحد من نسبة %100 مصريون. فإني كمصري أطالب بحقي في بلدي مصر كواحد من الغالبية المصرية المطلقة أن أعيش حريتي المطلقة التي يسمح لي بها القانون وأمارس شعائري الدينية التي أريد أن أمارسها أيًا كانت في بلدي مصر.

إن المأساة الكبرى التي يمكنها أن تهدد شعبًا ما هي محاولة جزء من هذا الشعب حمل رايات تخريبية يهد بها وحدته فقط لأنه ينتمي إلى فئة ما من هذا الشعب تريد فرض معتقد ما أو أي مسار آخر على الآخرين وهذا المسار أو المعتقد ليس له أساس من المكونات الأساسية لهذا الشعب.

إن هذا يمكن أن يحدث لدرجة استعمال الإرهاب والقمع إلى أن تصل إلى القتل لفرضه ويمكنهم أن يكونوا قد نسوا إن ليس لهذا المسار الأحقية للدخول في مصير أمة كأمة متشابكة. ليس من حق أي إنسان أن يحدد الطريق للآخر ويظن أنه الوحيد الذي على صواب والآخرون الذين لا يتبعون طريقه ليس لهم إلا أن يحكم عليهم بالغباء. حتى وإن كان هكذا فيترك كلُ الآخر في غباءه لأنه هو الوحيد وليس الذي أجبره الذي سوف يحاسب عن قراراته لحياته. هل كل منّا أصبح عبقري وفلتة زمانه لكي يعطي لنفسه الحق للتفكير للآخرين وأن يحدد لهم الطريق الذي لابد أن يتبعوه وإذا خالفه أحد لابد أن يزال من الحياة؟ أي غباء يمكن أن يكون أكثر من هذا؟

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٣ صوت عدد التعليقات: ٢ تعليق