CET 00:00:00 - 26/09/2009

مساحة رأي

بقلم: أدولف موسى
لقد سردت في مقالاتيّ السابقتين بعض الأفكار والتحاليل السريعة للطرق التي جُربت في بناء الإقتصاد العالمي حتى الآن وإمكانية نجاحها أو فشلها في مجتمعنا، لأنني كما قلت أيضًا أنه في رأيي إن القوه الإقتصادية هي أهم العوامل التي تحقق حرية الشعوب في تقرير مصيرها دون تدخل خارجي. إننى لم استطيع ذكر كل الحقائق والطرق الأخرى وإلا ظللت أكتب في مرجع لا ينتهِ.

تعالوا بنا سويًا نفكر في الكيفية الواقعيه لتخطيط قاعدة البناء الإقتصادي لمصر، لأن بغير ذلك لن يكون هناك استقرارًا سياسيًا.
1- إن الخطوة الأولى التي لا بد البداية بها هي حصر ودراسة المعطيات الموجوده لدينا الآن حتى نخطط كيفية البناء إمَّا البناء التكميلي أو بداية البناء أو الهدم أولاً والبناء من جديد على نظافة. وهذا لا بد أن يحدث قبل أن نتفلسف في إيجاد الحلول. فالسؤال مرة أخرى هو: ماذا لدينا الآن؟ لم أجد سؤالاً أسهل من هذا للإجابة عليه.. إنني لو قلت لا شيء سوف أكون كاذبًا، لأن لا شيء وهو ما يعادل الصفر فهو شيئًا رائعًا عن ما لدينا الآن من خرابه آيله للسقوط لا يمكن الإتكال عليها للتكملة. بمعنى؛ إن أردت بناء بيتًا جديدًا لكان أحسن لك أن تبدأ العمل في أرض خالية عن أن تبدأ في أرض عليها بناء لا يصلح لأي شيء وآيل للسقوط بل يشكل خطرًا كبيرًا حتى لمن يحاول الاقتراب منه، لأنك لا بد أولاً من إزالته وتنظف مكان البناء وهذا سوف يكون مقرونًا بثمن رهيب. إن كل ما على هذه القطعة من الأرض التي يُراد بناؤها لا بد من التخلص منه أولاً لأنه قد بُني بلا أساس وبطريقة عشوائيه بدون تخطيط وبدون دراسة علمية، ولكن لو كان هذا البناء مسكونًا من الناس فكيف تستطيع الإزالة والبناء في آن واحد؟ لأنك لا تستطيع أن تقول لساكني هذا البناء أن يسكنوا الشارع إلى أن يتم إزالة المبنى القديم وإنهاء المبنى الجديد. هنا تظهر خطورة المعطيات التي لدينا.
2- إنك لن تستطيع بناء أي شيء جديد إلا عندما يكون لديك القوة الماديه للبناء. من أين لك برأس المال وخزانة الوله لا يسكنها إلا العنكبوت؟ إنني كما ذكرت من قبل أننا لو كنا صادقين في بناء مصر لا بد أن نسلم بالأمر الواقع أننا لا نستطيع أن نقوم بهذا العمل وحدنا. لقد اتكلنا كثيرًا ولمدى كبير أن نمد أيدينا إلى العالم لكي يطعمنا، وأهم ما نستطيع عمله الآن هو محاوله جذب رأس المال والخبرة الخارجية لكي تبدأ في الإنتاج في مصر وتجلب لنا معها التكنولوجيا الحديثه، عندما تأتي لنا هذه الشركات سوف تطلب بالطبع العمالة من بلدنا، ولكي تستطيع هذه العمالة أن تنتج لا بد من المؤسسات المستثمرة الخارجية أن تدرب العمالة الداخلية حتى تستطيع أن تنتج على الطريقة الحديثه التي تتماشى مع الإنتاج الحديث. بهذه الطريقه يمكن دخول التكنولوجيا الحديثه إلى مصر. إن الحكومة سوف تكون أيضًا من المستفيدين لأنها سوف تتخلص إلى حد ما من عدد من البطالة، لأن كل من يعمل في هذه المجالات سوف يأخذ أجرًا لا بد من دفع ضرائب عليه، كذلك أن المُنتج ذاته عند بيعه لا بد من دفع ضريبة مبيعات عليه، كما أن العاملين في الإنتاج سوف يكون لهم قوة شرائية وهكذا يحدث ما يسمى بحركة رأس المال وهذا شيئًا صحيًا. أيضا في حالة تصدير هذا المنتج إلى الخارج سوف يعني هذا تصدير منتج صنع في مصر، وثمن هذا المنتج الذي يتضمن أجر العامل المصري في مصر والمستحقات الجانبية أيضًا في مصر سوف يُدفع ثمنها من خارج مصر، وهذا يعني أننا قد استطعنا إدخال رأسمال جديد إلى مصر وهذا يسبب الانتعاش الإقتصادي.

عندما سمعت يومًا ما أن الحكومة المصرية قد بدأت في بيع مؤسسات تجارية وصناعية كثيرة كان هذا بالنسبة لي شيء عادي وصحي أيضًا، إن كانت هناك مؤسسة تديرها الدولة كالمثل الخائب السابق الذي كان يسمى بالقطاع العام الذي كان ينتج ويبيع للناس منتجات –محلك سر- وكانت تحقق هذه المؤسسه فقط لا غير خسائر أسموها بالاسم الخائب وهو الدعم، فمعنى هذا أن هذه الخسائر لا بد أن يتم تغطيتها بأموال الدولة "أي بأموال الميزانية" أي باموال دافعي الضرائب، والخسارة سوف تعود على الشعب ذاته لأنه هو دافعي الضرائب والمتضرر الأساسي، وعندما تبيع الدولة هذه المؤسسات فسوف تكون هي الرابح ودافعى الضرائب أيضًا لأنهم لن يكونوا ملزمون بتغطية أي خسارة يمكن أن تحدث بعد ذلك. إن المستثمر الجديد لا بد له من إدارة هذه المؤسسة بهدف جلب ربح، وهذا يعني أن جلب ربح لا بد من دفع ضرائب عليه، بهذه الطريقة بدلاً من أن تدفع الدولة لتعويض الخسارة تأخذ ضرائب على الأرباح.

إن مصر تسير الآن تحت شعار متوحش وبشع يسمونه –ماشي بالبركة- بركة مَن وبركة ماذا؟ لا أحد يدري! إننا ليس من حقنا إدخال بركة ربنا في هذا الهبل لأنه ليس لربنا صلة بهذه العقلية المتواكلة. إذا أردنا أن نعرف مدى صلاحية هذا الطريق فلننظر إلى ما قد أوصلنا إليه أتباعه؟ الضياع! إن المشى بالبركه هو شعار الضائع الذي لا يستطيع أن يحدد طريقه بنفسه لأنه أخذ على التواكل. هل من الحكمة أن نكمل السير في هذا الطريق بهذه الطريقه؟ هل الإنسان لم يُمنح عقلاً لكى يستطيع به حتى على الأقل أن يفكر ما هو الطريق الذي يناسبه بعد الفشل الملحوظ الذي وصل إليه عن طريق التوكل وطريق محلك سر؟
لو نظرنا إلى شوارع وحواري مصر في المناطق العشوائية والمناطق التي ليس لها هوية على الخريطة البشرية -وهي تشكل أكثر من 95% من مصر- سوف يمكننا أن نضع أنفسنا على بداية طريق فهم القضية التي نتحدث عنها والحقيقية التي لا بد أن نفهمها بوضوح، أرجو أن نكون واقعيين ولا نكذب على أنفسنا وندّعي أن كل شيء على ما يرام.
بكل صراحة ورغم البؤس الذي غرقت فيه مصر الآن وأيضًا أن البعض يقول أنه من الإستحالة إيجاد بؤسًا أكثر من هذا، إن لم نفق الآن فلا بد لنا أن نتعلم أن نتعود على أن نعيش كجرذان طوال حياتنا.

سمعت من بعض المتخلفين عقليًا أن بلدانًا كثيرة تطمع في احتلال مصر! رغم أنني لا أحب الضحك الكثير إلا أنني قد ضحكت إلى الإغماء عندما سمعت هذا الهبل. إن احتلال أي بلد معناه تحمل مسؤلية شعبها. هل هناك من يقول لي ولو يفتي.. أي متخلف عقليًا يستطيع تحمل هذه المسؤلية في مصر؟ وماذا يمكن أن يعود عليه من احتلال مصر؟ ربنا يشفي.

كما كررت مرارًا كثيرة من قبل.. إننى لست من هؤلاء الذين يبحثون في العقائد الدينية لأن صحتها أو عدم صحتها لا يفيدني في المجال السياسي أو الاقتصادي أو حل هذه المشاكل، لكني قد اكتشفت أن أكثر شيء قد أضر مصر ونهى عليها هو عقلية الدروشة. كفايه دروشه وفتاوى. افضل لنا أن نقطع لسان كل من أفتى بأي فتوى متخلفة ونمنعه من نشر سمومه على الناس، ويستفيد هو فقط منها ويُضر بها شعب مصر كله.
أرجوكم... اقطعوا ألسن كل من يفتي.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٤ صوت عدد التعليقات: ١ تعليق