CET 00:00:00 - 11/09/2009

مساحة رأي

بقلم: لطيف شاكر
يحتفل الشعب المصري يوم 11 سبتمبر والموافق أول توت بعيد النيروز والنيروز   كلمة مصرية قديمة اصلها نياروز وهي اختصار لجملة نيارو ـ ازمو ـ أروؤو أي ‏(‏ بارك مياه الانهار‏),‏ وبذلك يكون معني العيد هو‏:‏ عيد بركة الانهار‏,‏ والمقصود بها النيل وروافده‏.‏
و النيروز هو عيد رأس السنة المصرية  وهو أول يوم في السنة الزراعية الجديدة ,  و ذلك لأن في ذلك الوقت من العام هو ميعاد أكتمال موسم فيضان النيل سبب الحياة في مصر.. و لما دخل اليونانيين مصر أضافوا حرف السي للأعراب كعادتهم (مثل أنطوني و أنطونيوس ) فأصبحت نيروس فظنها العرب نيروز الفارسية ..

ومنذ أكثر من‏5000‏ سنة‏,‏ وقبل أن تظهر أية مدينة أخري علي وجه الارض‏,‏ استطاع المصريون ان يضعوا مقياسا للزمن والذي يعد من أدق المقاييس‏.‏ وضعه الملك توت ـ لذلك يطلق في بعض الأحيان علي هذه السنة المصرية اسم السنة التوتية ويعتقد ان توت ينتمي الي مدينة الاشمونين‏,‏ وقد كرم المصريون توت ودعوه رب العلم والقلم وكلمة رب تعني سيد ولا تعني إله ولهذا قال المؤرخ الإغريقي هيرودوت‏(484‏ ـ‏406‏ ق‏.‏ م‏)‏ والملقب بأبي التاريخ‏:‏ وأما ما يتعلق بأمور البشر فالجميع علي اتفاق فيه وهو ان المصريين اول من ابدع حساب السنة وقسموها إلي أثني عشر قسما بحسب ما كان لهم من علم النجوم‏..‏
وقد وضع توت اساس تقويمه عندما لاحظ ان نجم الشعري اليمانية   أكثر نجوم القطب الأكبر إنارة‏,‏ كما أنه أكثر إنارة من الثوابت جميعها‏,‏ تشرق وتغرب مقارنة بالشمس في ابتداء زمان الفيضان النيلي الذي عليه تتوقف حياة المصريين وثروتهم‏,‏ فجعل هذا الزمان بداية السنة المصرية‏.‏ واعترافا من المصريين بفضل هذا الرجل النابغة‏,‏ فقد اطلقوا علي الشهر الاول من السنة المصرية اسم توت وكانت مدينة الاشمونين تحتفل برأس السنة المصرية‏(‏ القبطية‏)‏ طوال الشهر تكريما له واعترافا بفضله واعتزازا انه أحد أبنائها‏.‏

كان من مظاهر احتفال المصريين برأس السنة أو‏(‏ إكليل السنة‏)‏ كما يسمي في اللغة المصرية‏,‏ ان الملك ـ أو من ينوب عنه ـ كان يتصدر هذه الاحتفالات‏,‏ ليس فقط لانه كان عيدا قوميا اصيلا يشترك فيه الجميع‏,‏ ولكن ايضا لان الكهنة قد ألبسوه حلة دينية بتأليه النيل الذي يفيض علي مصر بالخيرات والوجود‏,‏ بالإضافة إلي أنه هيأ للمدينة أن تظهر لاول مرة علي وجه الارض‏.‏ من قصص النيل المجيد ـ التي سجلها إميل لودفيج في كتابه النيل حياة نهر ـ أن أحد الفراعنة عندما أراد ان يصف حكمه بالمجد الذي هو أحد عناصر الخلود صرح قائلا‏:‏ يمكن للناس ان يقولوا عني ذات يوم انني كنت نيلا.
ومن أجل الاحتفال برأس السنة المصرية شيد المصريون معابد خاصة‏,‏ ومن اشهر هذه المعابد التي مازالت باقية حتي الآن كوثيقة تاريخية تشهد بروعة هذا الاحتفال‏,‏ معبد دندرة الذي شرع في إقامته بطليموس الثالث عشر‏(47‏ ـ‏43‏ ق‏.‏م‏)‏ ليتقرب الي المصريين‏,‏ وتم بناؤه في عهد طيباريوس قيصر‏(14‏ ـ‏37‏ م‏),‏ ويحتوي بداخله علي اثني عشر عمودا ضخما يمثل كل عمود فيها شهرا من اشهر السنة‏.‏ وفي عام‏1822‏ م نقل من هذا المعبد الي باريس الحجر الشهير الفريد المنقوشة عليه الابراج الفلكية والذي اودع وقتها بالمكتبة الاهلية هناك‏.‏

وبعدما دخلت المسيحية مصر علي يد القديس مرقس    عام‏64‏ م‏,‏ حافظ المصريون جميعهم علي الاحتفال بهذا العيد باعتباره اساسا عيدا قوميا لا دينيا‏,‏ وكان الجميع يتبادلون فيه الزيارات‏,‏ بالاضافة إلي أنهم كانوا يحرصون علي الذهاب الي المعابد او الكنائس لتقديم الشكر علي وصولهم لبدء العام الجديد سالمين ,  وكانت الدولة الرومانية الوثنية الحاكمة لا تتعرض للاحتفال بهذا اليوم للمسيحيين باعتباره عيدا وطنيا وليس دينيا‏,‏ فالتقويم ليس من وضع الاديان بل من وضع علماء الفلك‏,‏ إلا ان الدولة الرومانية ظلت تضطهد المسيحيين طوال القرون الاربعة الاولي حتي إن اكثر شهداء الاقباط استشهدوا في عصور ثلاثة من الاباطرة اضطهدوا المسيحية في مصر بنوع خاص‏,‏ وهم سبتيموس ساويرس‏(193‏ ـ‏211‏ م‏),‏ وديكيوس‏249‏ ـ‏251‏ م‏),‏ ودقلديانوس‏(284‏ ـ‏305‏ م‏)‏ لكن الاخير كان أشدهم ضرواة‏.‏

وربط الاقباط ‏ ذكري شهدائهم في عهد دقلديانوس الدموي والمتوحش‏..‏ ببداية العام القبطي الجديد‏1724 , والشهور القبطية يعمل بها الفلاح المصري حتي تاريخه في وضع البذور وجمع المحاصيل لكل انواع الزراعة والنوات الجوية المختلفة.
أما عن النيروز الفارسية فتعني اليوم الجديد (ني = جديد , روز= يوم ) و هو عيد الربيع عند الفرس و منه جاء الخلط من العرب بين عيد النيروز المصري والنيروز الفارسي .
ويعتبر عيد النيروز المصري  هو اقدم عيد  لاقدم أمة عاشت  الحضارة القديمة .

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ٦ تعليق