كتبت – أماني موسى
بين الحين والآخر تعلو أصوات نشاذ تنادي بنجاسة الكلب، وما يتبع هذه الدعوات من حملات قتل وتسميم، لترد عليها المؤسسات الدينية الرسمية بالنفي.. وكان آخرهم ما أفتى به الداعية عبد الله رشدي، حول نجاسة الكلب ردًا على فتوى رسمية صادرة عن مفتي الجمهورية د. شوقي علام، أكد خلالها عدم نجاسة الكلب.. ومؤخرًا قام المسؤولين بمحافظة الإسكندرية والمسؤولين بمنطقة التجمع بحملات ضد الكلاب المملوكة وجمعها من أصحابها حين السير بها بالشوارع.. ما القصة؟ من وراء هذا القرار؟ هل هناك قانون يؤيد هذه الحملات؟
 
محافظ الإسكندرية يصدر قرار بضبط الكلاب المملوكة
بدأت القصة بقيام اللواء محمد الشريف محافظ الإسكندرية، بإصدار ضوابط جديدة لحائزي الكلاب في الطرق والأماكن العامة.
 
غرامة ألف جنيه لسير الكلاب بالشارع
ونص القرار على أن يحظر على المواطنين حائزي الكلاب أيًا كان صفة الحيازة السير بها في الطرق والأماكن العامة بدون تثبيت كمامات الفك الخاصة بها ومقودة بزمام بيد حائزها، ومعلق برقبة الكلب الرقم المسلسل الدال على الترخيص والتحصين البيطري، ويتم تحصيل غرامة فورية تقدر بمبلغ (1000جنيه) في حالة المخالفة.
 
حملات لضبط الكلاب وضبط عشرات الكلاب ومصادرتهم من مالكيهم
بعد هذا القرار شنت الأحياء بالإسكندرية حملات فرض ضوابط لحائزى الكلاب، برلفقة شرطة الخيالة، والطب البيطرى، والرقابة والرد البيئى بالمحافظة، وتم ضبط عدد 13 حالة وتم إنذارهم وتوعيتهم باتباع التعليمات بعدم السير بالكلاب فى الطرقات العامة إلا بوضع كمامات الفك الخاصة بها ومقوده بزمام بيد حائزها، ومعلق برقبه الكلب الرقم الدال على الترخيص والتحصين البيطري.
 
فتوى عبد الله رشدي
١-الجمهور على نجاسة الكلب..المالكية على طهارته.
٢-المالكية والجمهور متفقون على وجوب غسل لعابه إن أصاب الآنية، وأما ما يصيب الملابس أو الجسد فيجب غسله عند الجمهور خلافاً للمالكية..
 
٣-المالكية والجمهور متفقون على أن لعاب الكلب لا ينقض الوضوء..يعني الوضوء صحيح لكن يجب غسل اللعاب في الجسد والملابس عند الجمهور.
٤-المالكية والجمهور متفقون على أن اقتناء الكلب بدون الأسباب الشرعية كالرعي والصيد والحراسة ونحوها هو فعل غير جائز ينقص به الأجر، وأن وجوده في البيت يمنع دخول الملائكة.
 
٥-يعني لو هتربي كلب بدون سبب من الأسباب السابقة..لكن فقط علشان بتحبه فسواء قلنا إنه نجس كالجمهور أو طاهر كالمالكية فمينفعش لأنه سينقص من أجرك كل يوم وسيمنع الملائكة عن البيت الذي هو فيه.
 
فتوى دار الإفتاء: الكلب طاهر وكل شيء فيه طاهر ولا حرج في العيش معه والصلاة
أكد د. طارق شوقي أن الكلاب طاهرة ولا حرج في التعايش معها والعبادة والصلاة بنفس الوقت.
وأضاف في لقاء مع الإعلامي حمدي رزق، "اختلف العلماء حول هذه المسألة، الغالبية تعتقد بنجاسة الكلب ولكن هناك مذهب المالكية الذي نتبناه ونفتي به، ويقول إن الكلب طاهر وكل شيء فيه طاهر، وهنا ننطلق من قاعدة كل حيوان وكائن حي طاهر".
 
وأوضح أن النهي عن أكل حيوان معين ليس لنجاسته ولكن هذا أمر شرعي تعبدي، وليس معناه أن هذا حيوان نجس.
 
لعاب الكلب غير نجس ولا حرج من الصلاة ولمس لعابه
وتابع، "بالإمكان التعايش مع الكلب وتعبد الله، فإذا توضأت وجاء لعاب من الكلب على البدن أو الثوب، فلا حرج إطلاقا بالصلاة ولا داعي لإعادة الوضوء أو غسل الملابس."

 

شيخ الأزهر: قتل وسم كلاب الشارع حرام والإسلام نهى عن قتل الحيوان دون سبب
قال فضيلة الإمام الأكبر الشيخ د. أحمد الطيب، أن قتل وسم حيوانات الشارع، أمر ينافي آداب الإسلام وهذا حرام.   
 
وشدد د. الطيب، إن الإسلام لا يبيح أن تقتل حيوانًا أو طائرًا بغير فائدة ضرورية، ومسألة قتل الكلاب بهذه الصورة غير إسلامية وغير إنسانية أيضًا.   
وتابع في لقاءه مع التلفزيون المصري، قتلهم بهذه الطريقة شيء مؤسف دعك من حلال وحرام، لكنه غير مقبول حضاريًا ولا يليق، متساءلاً: أين كنتم وقت تكاثر هذه القطط والكلاب، إحنا دايمًا لا نعالج الظاهرة إلا بعد أن تتفاقم، وبالضرورة سيأتي العلاج أعرج وكسيح.   
 
وشدد الإمام الأكبر، الناس في الغرب عندهم وسائل إنسانية لمعالجة مثل هذه المشكلات، وأكد أن الإسلام لا يبيح أن تقتل الحيوانات أو مصارعة الثيران أو الكلاب، وهذا حرام.  
 
وروى فضيلته مواقف للنبي والصحابة كانوا يرفقون بالكلاب حتى وقت الحروب.


على الجانب الآخر استنكر العديد من أصحاب الكلاب وكذا منظمات حقوق الحيوان قرار محافظ الإسكندرية الغير مسنود بدعم قانوني، وهو أقرب إلى رأي واتجاه شخصي منه إلى قرار قانوني.
 
المخرج يسري نصر الله يكتب تجربته مع القرار
كتب المخرج يسري نصر الله، عبر حسابه بالفيسبوك، النهارده نزلت أفسح "بحر" فسحته الصباحية في ظل القرارات الجديدة الخاصة بالكلاب وهجمة وزارة الزراعة على الكلاب (وطبعا على فلوس أصحاب الكلاب وكلاب الشارع إللي مالهاش أصحاب).
 
لبسته الطوق بالرخصة والمسكين بصلي باستغراب لما لبسته الكمامة، بس ما أبداش اعتراض.
 
نزلنا، وابتدى يتلخبط. مش قادر يشم الشجر والحاجات المتعود على شمها. وبعدين واضح إن ناموسة دخلت جوا الكمامة وهو مش عارف ينشها. بصلي طبعا بلوم شديد. وبعدين ابتدى يحاول يشيل الكمامة واتوتر. وقف ف مكانه ورفض يكمل مشي. "ياللا يا بحر. جود بوي يا بحر. هوم يا بحر". إضراب عن الحركة وبيبصلي بصة العند بتاعته.
 
فكيت الكمامة(كنا قريبين من البيت)، فعادي مشي معايا. وصلنا البيت ووريتله الكمامة وفي إيدي التانية جايزة عبارة عن عضمة كنوع من الترضية. أخدها بألاطة شديدة ومشي خطوتين ورماها وبصلي كإنه بيقول لي "طز فيكوا وف جوايزكوا وكماماتكم. معيشينا عيشة الكلاب يا غجر." ولحد دلوقتي مكتئب ورافض الصلح.


د. خالد منتصر: لماذا يكره فقهاؤنا الكلب؟
وكتب الإعلامي الدكتور خالد منتصر، عن هذه الفتاوى التي تنادي بنجاسة الكلب قائلاً: دفاعًا عن الكلب.. لماذا يكره فقهاؤنا الكلب ويحبون القطط؟ وذلك في الوقت الذى يحتفى بها الغرب؟
 
الغرب يحتفي بالكلب لوفائه وإخلاصه للإنسان
وتابع في تدوينة عبر حسابه بالفيسبوك، تذكرت خبرًا قرأته منذ فتره، الخبر يتحدث عن بناء نصب تذكارى للكلاب فى الولايات المتحدة، وذلك فى قاعدة «لاكلاند» الجوية فى سان أنطونيو بولاية تكساس، تقديراً منه لتضحيات أفضل صديق للجنود، يبلغ ارتفاع النصب المصنوع من البرونز تسع أقدام، ويضم مدرباً وأربع سلالات رئيسية للكلاب تستخدم منذ الحرب العالمية الثانية، وهى: الدوبرمان، والراعى الألمانى، ولابرادور المسترد، والمالينوا البلجيكى، وقال مدرب الكلاب جون بيكر من فالون بولاية نيفادا «هذه الكلاب لا تقل وطنية عن أى شخص آخر خدم فى الجيش»، وقال «بورنام» الذى ألف كتابين عن الكلاب المقاتلة: «كانوا أبطالاً وتركوا للموت». لماذا نكره الكلاب؟، فى البلاد الغربية يمثل الكلب حيواناً محبوباً أليفاً يجلس على قمة الأمانة والإخلاص والوفاء، ويتعاملون معه هناك على أنه ملك متوج وواحد من أفراد الأسرة.
 
وتابع، أما نحن فنتعامل معه على أنه نجاسة مركبة تحتاج إلى أن نتطهر منها سبع مرات، إحداها بالتراب، وأن بيوتنا لن تدخلها الملائكة إذا كان فيها كلب!! يعنى باختصار هو حيوان ملعون ملعون يا ولدى، وما لوش حل، حتى عندما نشتم ونسب نقول للآخر العدو: «إنت ابن ستين كلب»، علامة على شدة احتقارنا لهذا الشخص، أما «إنت ابن ستين قطة» مثلاً فلا تعد سباً ولا قذفاً، والمدهش أن القطة فى التراث الفقهى ليست ملعونة هذه اللعنة الكلابية، فنقرأ فى كتب الفقه: «إن الهر طاهر»؛ ففى الموطأ والمسند والسنن أن أبا قتادة دخل على كبشة بنت كعب بن مالك، وهى زوجة ابنه، فسكبت له وضوءاً، فجاءت هرة لتشرب منه، فأصغى لها الإناء حتى شربت. قالت «كبشة»: فرآنى أنظر إليه. فقال: أتعجبين يا ابنة أخى؟ فقالت: نعم. فقال: إن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: «إنها ليست بنجس، إنما هى من الطوافين أو الطوافات»، يعنى القطة نجاستها مقتصرة على بولها فى بعض الآراء، الفقه المعادى للكلب يعتمد على الأحاديث التى تؤكد نجاسته مثل: «إذا شرب الكلب فى إناء أحدكم فليغسله سبع مرات..»، وهو أشهرها وأكثرها تكراراً، «الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورة»، «من يقتنِ كلباً ينتقص من أجره كل يوم قيراطاً».. إلخ.
 
وكنت قد قرأت مقالاً قديماً للدكتور أحمد صبحى منصور يفسر فيه سر هذا العداء الفقهى للكلب، رغم أنه يذكر تكريم القرآن لهذا الحيوان المظلوم. 
 
لو كان الكلب حيوانًا نجسًا ما صحبه أهل الكهف معهم
يقول صبحى منصور: «لو كان الكلب حيواناً نجساً ما صحبه أهل الكهف معهم، وهم يتسللون لواذاً من قريتهم الظالم أهلها، أهل الكهف شباب أطهار وصفهم الله تعالى بأنهم فتية آمنوا بربهم وزادهم الله تعالى هدى، فكيف لمن كان فى منزلتهم فى التقوى والإيمان أن يصحبوا معهم كلباً إذا كان الكلب نجساً يتأفف المؤمن من الاقتراب منه كما نفعل نحن الآن؟». ويقول أيضاً: «لقد أباح الله تعالى لنا أن نأكل مما تصطاده لنا كلاب الصيد؛ فإذا ماتت الفريسة بين أنيابها فلا حاجة لذبحها، بل نطهوها مباشرة؛ لأن أسنان الكلب طاهرة مثل السكين الذى نذبح به، وإذا كان رب العزة قد جعل هذا تشريعاً فى كتابه الحكيم (المائدة:4)، فلماذا يكون الكلب نجساً نجاسة مغلظة، وهو الذى نأكل مباشرة مما يصطاده لنا بأسنانه؟
 
حيوان مسكين مخلص مظلوم في تراثنا دون سبب
هل لن يدافع أحد عن هذا الحيوان المظلوم المضطهد فى تراثنا دون سبب أو جريمة ارتكبها هذا المسكين المخلص؟