نبيل ابادير
نجحت ثوره يوليو المجيدة نجاحا كبيرا في تغيير الأوضاع السياسيه الإجتماعيه والإقتصاديه لمصرنا، فحققت إستقلال السياده الوطنيه المصريه وإنجازات أخري عظيمه.

وأنا أفتخر بها فقد كنت ومازلت من جيل ثوره يوليو المجيدة، وضمن من تمتعوا بسياسه التعليم'> مجانيه التعليم.

وعندما نتأمل بعض إنجازاتها كنماذج للتفكير والتعلم، فقانون الإصلاح الزراعي وإعاده توزيع الأراضي علي صغار فلاحي مصر الذين عاشوا فتره طويله أجراء عند ملاك هذه الأراضي، فأعطت للفلاح المصري مكانته وإستقلاليته حينما اصبح مالكا ولو لقطعه صغيره من الأرض،

ولكن علي الجانب الآخر ومن النتائج السلبيه لهذه القانون وهذه السياسه وعبر سنوات بعد ذلك قد فتتت رقعه الأرض الزراعيه تفتيتا كبيرا، وكان من نتائج ذلك إنخفاض غله الفدان الواحد، وإنخفاض لخصوبة التربه الزراعيه، ومع الوقت والزمان إنخفضت معدلات الإنتاج، ولم تتحسن احوال الفلاح تحسننا ملحوظا، وعندما أتت الفرصه لكثير من فلاحي مصر للعمل في دول عربيه باع الكثير منهم اراضيه وغنوا للفلاح "عواد باع أرضه يا أولاد" وعندما عاد باموال كثيره حولت الكثير من الاراضي الزراعيه الي مساكن من الاسمنت والمسلح. الي جانب ما حمله من هناك من ثقافه البدويه ومن جاءوا حاملين الفكر الوهابي.

وهنا يمكن ان نستنتج أن وضع سياسات جديده في ذلك الوقت كانت تحتاج متخصصين لم يتم الإستعانه بهم، حتي يكون القرار مدروسا من جميع جوانبه الإيجابيه والسلبيه، وكان يمكن ان تسعي الدوله بعد ذلك الي ان تتبني إستمرار الملكيه الفرديه لكن تتم الزراعه بطريقه جماعيه، فتتم فيها كل العمليات الزراعية جماعيا فتقل التكلفه ويزداد الإنتاج ويتم الحفاظ علي خصوبه التربه، وذلك من خلال تعاونيات حقيقيه وليست كما طبقت حيث كانت تعاونيات فوقيه،

ونفس الحال ينطبق علي سياسات وقرارت تاميم الشركات الكبري والمصانع وخلافه وأصبحت ملكا للدوله وعبر سنوات طوال أصبح القطاع العام عبئا كبيرا علي الدوله بخسائره السنويه، ومؤخرا بدأت الدوله تفكر في فصل الإداره عن الملكيه.

وفي مجال التعليم كانت السياسه الأكبر في تاريخ مصر جعل التعليم للجميع مجانا وفتحت المدارس والجامعات والمدارس الفنيه بتخصصاتها المختلفه في ربوع مصر للجميع فقراء واغنياء، والملايين منا يدينون لهذه السياسه،

ولكن ترك التعليم في أيدي غير المتخصصين في العمليه التعليميه والتربوية ولم يتم إعدد كوادر حقيقيه لعمليه التعليم وزادت أعباؤه جدا علي الدوله وعبر عقود طويله تدهور التعليم تدهورا حادا وفي جميع مراحله وتخصصاته، وزادت بشكل كبير نسبه الأميه فمعظم خريجي الابتدائيه يرتدون الي الاميه، ونسبه كبيره أخري تتسرب من التعليم نتيجه للفقر وتشغيلهم، وهو ما نعاني منه كثيرا الآن،
 
وأود هنا أن أوضح من خلال هذه الامثلة أن الأمم لا تدار فقط بالنيات وأن وضع السياسات وإتخاذ القرارات له علومه وأصوله وأدواته وتخصصاته، حتي أن هناك في الجامعات الكبري حول العالم دراسات وبحوث مستمره في وضع السياسات وإتخاذ القرارات، والهام فيها أن تُبني علي بحوث علميه ودراسات متعمقه ومن جوانبها المتعدده، وإستقراء الأوضاع الراهنة والمستقبليه وتطورها أو تدهورها بما يعطي فرصا أكبر لتجنب أي تبعيات سلبيه أو التفكير في كيفيه التعامل معها،

وهو ما يحتاج وبالضرورة الي مجموعات فكريه بؤريه تتفاعل وتتلاقى وتختلف وتتفق الي أن يتم الوصول جماعيا الي رؤي وتوجهات وإستراتيجيات عمل مستقبليه مستدامه.

إن عمليه الحوكمه وإداره الشعوب والدول عمليه تحتاج الإستعانه دائما بعقول وخبرات علميه وبحثيه وعمليه تعاون صانعي السياسات ومتخذي القرارات علي وضع السياسات وإتخاذ القرارات والتي تتسق مع مستقبل أفضل للدول والشعوب.