اعتبر مسئولون مصريون وخبراء أمن معلومات، أن أكبر المشاكل التي تواجه القطاع الخاص بخصوص الأمن السيبراني تتعلق بالتكلفة التكنولوجية المرتفعة، مشيرين إلى أن القراصنة يضاعفون استثماراتهم في الهجمات الإلكترونية، وهو ما يمثل خطرا كبيرا ليس فقط على الشركات ولكن على اقتصادات الدول.

وأوضح المسئولون خلال ندوة "إدارة الأمن السيبراني والمخاطر المتعلقة به بالتركيز على حالة مصر" التي عقدها المركز المصري للدراسات الاقتصادية اليوم - أن وجود قوانين متخصصة لحماية أمن المعلومات وحده ليس كافيا، لأن تنفيذ هذه القوانين يتطلب تعاونا بين الجهات المختلفة ووعيا كافيا.

وأشاروا إلى أن أمن المعلومات لم يعد رفاهية بل قضية أمن قومي، وأن المخاطر الإلكترونية قادمة لا محالة.

وخلال جلسة المنظومة التشريعية والرقابية في مصر المتعلقة بحماية أمن المعلومات، أوضح محمد فريد رئيس البورصة المصرية، أن العالم شهد العديد من التطورات التكنولوجية في مجال أسواق المال، حيث تم رقمنة الأصول وتداولها إلكترونيا واتساع نطاق هذا التداول من خلال الحوسبة السحابية، لافتا إلى أن المؤسسات يظل لديها قدر من التحفظ في الإنفاق على الأمن السيبراني حتى تحدث مشكلة.

ولفت إلى أن البورصة المصرية تشترط للترخيص للشركات العاملة في مجال سوق المال، مرحلة معينة من الأمن المعلوماتي، ووجود حد أدنى من الإنفاق على أمن المعلومات للحد من مخاطر الهجمات السيبرانية.

بدوره، أوضح شريف حازم وكيل مساعد محافظ البنك المركزي لقطاع نظم الدفع وتكنولوجيا المعلومات، أن أمن المعلومات لم يعد رفاهية بل قضية أمن قومي، مؤكدا أن المخاطر الإليكترونية قادمة لا محالة، وهو ما دعا البنك المركزي لتأسيس مركز استجابة لخدمات طوارئ الحاسب الآلي للقطاع المالي بأكمله وليس المصرفي فقط، وتم انشاء المركز وفق أحدث الطرز العالمية، واختيار مقر له وسيتم ربطه بجميع المؤسسات المالية لحمايتها من الهجمات السيبرانية.

بينما أشار محمد جميل ممثل وزارة العدل، إلى أن وجود قوانين متخصصة لحماية أمن المعلومات وحده ليس كافيا، لأن تنفيذ هذه القوانين يتطلب تعاونا بين الجهات المختلفة ووعيا كافيا بين جميع دوائر العدالة من محاكم ونيابات ومحامين ومتعاملين.

من جهته، قال شرى راؤول السفير الهندي بالقاهرة، إن التعاون بين مصر والهند شهد زيادة في حجم التبادل التجارة بين البلدين على مدار العامين الماضيين مسجلا نحو 4.5 مليار دولار، وتبلغ استثمارات الشركات الهندية في مصر 3.3 مليار دولار، ولكن حتى الآن مازال هناك فجوة في الاستثمارات الهندسية بمجال الخدمات في مصر، وهى الفجوة التي يجب ملئها.

وعرض خبيرا الأمن السيبراني الهنديين أكيليش توتيجا، وكاندرا براكاش، اتجاهات الهجمات السيبرانية العالمية وكيفية حدوثها، وكيفية الاستعداد المبكر لها والتصدي لها حفاظا على أمن البيانات واقتصاد الدول، وأوضحا أن بناء الثقة والحفاظ على العملاء بأي شركة يتطلب التأمين الجيد للمعلومات، وفى حالة فقدانها تكون الخسائر كبيرة، مشيرين إلى أن معرفة الشركة بوجود هجمة سيبرانية عليها يستغرق نحو 112 يوما، وهو ما يتطلب مضاعفة الاستثمارات في الأمن السيبراني.

وخلال جلسة ضمت عدد من المدراء التنفيذيين لشركات مصرية في قطاعات مختلفة حول تجارب القطاع الخاص في التعامل مع متطلبات الأمن السيبراني، قال مسئولون بتلك الشركات، إن موضوع الأمن السيبراني يتطلب فهما ووعيا كبيرا في الوقت الراهن، لافتين إلى أن أكبر المشاكل التي تواجه القطاع الخاص في هذا الإطار تتعلق بالتكلفة التكنولوجية المرتفعة لعملية الأمن السيبراني، وأن القراصنة يضاعفون استثماراتهم في الهجمات الإليكترونية وهو ما يمثل خطرا كبيرا ليس فقط على الشركات ولكن على اقتصادات الدول، وهو ما يتطلب جهودا واستثمارات كبيرة للمواجهة والتصدي لهذه الهجمات.

وطالب طارق الخولي رئيس مجلس إدارة بنك الشركة المصرفية SAIB، بضرورة وجود تشريع مصري ناجع كفيل بتجريم الجرائم الإلكترونية، قائلا: إن البنوك هي عصب الاقتصاد المصري، وأمن وسرية المعلومات البنكية والعملاء مسألة أمن قومي، حيث إن البنوك تتعرض لمخاطر من بينها سرقة البيانات الخاصة بالعملاء وهي تعتبر من مخاطر السمعة لدى البنوك.

ودعا الخولي إلى نشر الوعي بين الموظفين العاملين في المؤسسات من أجل التعرف على وسائل التعامل مع محاولات الاختراق الإلكتروني، وأوضح أن البنك المركزي تنبه إلى أهمية أمن وسرية المعلومات والحفاظ عليها منذ عام 2015 عندما أسس إدارة مخاطر لمواجهة الهجمات الإلكترونية.

بدورها، قالت الدكتورة عبلة عبد اللطيف، المدير التنفيذي مدير البحوث بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية، إن الهجمات السيبرانية تصنف من أكبر 5 مخاطر عالميا، حيث أدت إلى تحقيق خسائر تصل إلى 3 تريليونات دولار عام 2015، مرشحة للتضاعف إلى 6 تريليونات دولار بحلول عام 2020.

وأضافت عبداللطيف، أن هذه النوعية من المخاطر تمثل أحد العناصر الهادمة للاقتصاد، وهو ما يستوجب على الدولة أن تضعه كإحدي أولوياتها لتوفير البنية التحتية والحلول اللازمة للتعامل معه، مشيرة إلى أن القطاع الخاص لم يولها الاهتمام المطلوب حتى الآن.

ولفتت إلى أن المادة 31 من الدستور المصري نصت على أن حماية أمن الفضاء الإلكتروني أمن قومي، وأنه رغم تعرض الكثير من الشركات لمشاكل أمن معلوماتي إلا أنها لا تتحدث عنها.