الأقباط متحدون - يعنى إيه مواطنة؟!
أخر تحديث ٠٤:١٩ | الاربعاء ٢٦ اكتوبر ٢٠١٦ | بابة ١٧٣٣ش ١٦ | العدد ٤٠٩٤ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

يعنى إيه مواطنة؟!

عاطف بشاى
عاطف بشاى

 أثمرت دعوة ياسر برهامى الكريمة إلى زواج القاصرات.. ونجحت فى تكرار زواج الأطفال بمحافظة الدقهلية.. فها هى المرة الرابعة أو الخامسة على التوالى التى يتم فيها عقد قران طفلين.. العريس «يوسف ناصر حسن» (12 عاماً) على ابنة عمته «غرام رضا محمد» (11) عاماً.. فى حفل ساهر بهيج استمر حتى الساعات الأولى من الصباح، وأحياه مطربون شعبيون وراقصات فُضليات، وارتدت العروس خلاله فستاناً أبيض، والعريس بدلة سوداء وبوبيون أحمر.. وتمت إقامة زفة للعروسين، حيث استقلا سيارة مكشوفة بيضاء، طافت بهما شوارع «ميت غمر»، وقرية دقادوس مسقط رأسهما.

 
كنت أطالع تفاصيل الخبر فى الجريدة، وأقرأ تبرير والد العريس الذى قال -لا فُض فوه بحنكة وثقة خبراء التربية الحديثة- العيال كبرت وتفكيرهم سبق سنهم.. ومع وجود النت والفيس بوك، مفيش حاجة اسمها أطفال، ولازم نصونهم فى الصغر.. وتحت عنوان «إجبار شيخ بلد بالفيوم على ارتداء قميص نوم انتقاماً لواقعة زفة رمضان» قرأتُ أيضاً خبراً يقول إن قرية شعلان التابعة لمركز «يوسف الصديق» فى الفيوم شهدت واقعة تجريس جديدة، رداً على الواقعة الأولى التى حدثت فى شهر «رمضان» الماضى، إذ اختطف عدد من أفراد عائلة «أبوشناف» التى ينتمى إليها المجنى عليه الأول شيخ البلد وابن عمه.. وأجبروا الأول على خلع ملابسه وارتداء قميص نوم حريمى أحمر فجراً، أثناء عودته إلى منزله، وطافوا به شوارع القرية، حتى أوصلوه إلى منزل العمدة بعد تصويره صوتاً وصورة على طريقة الممثل «محمد رمضان» فى مسلسل «الأسطورة»، وسط زغاريد نساء العائلة، وتهليل الرجال..
 
انتبهت إلى جرس التليفون الذى يرن.. وكانت المتحدثة صحفية تطلب رأيى فى تحقيق صحفى تكتبه عن التراجع المخيف للدولة المدنية.
 
تمتمت محاولاً التذكر:
 
- الدولة المدنية.. الدولة المدنية.. أنا متهيأ لى أنى سمعت الكلمة دى قبل كده..
 
وطلبت منها شاكراً أن تمهلنى ريثما أتذكر.. وتعاود الاتصال بى.
 
■■■
 
واقعة تجريس أخرى تمت فى إحدى قرى دمياط شاهدها بنفسه «فاروق جويدة» الشاعر الكبير.. ورواها فى «هوامش حرة» بجريدة «الأهرام».. حيث تجمّع الأهالى حول شاب بائس وضربوه ومزّقوا ثيابه.. وسال الدم على وجهه وأركبوه حماراً بالمقلوب.. وطافوا به فى شوارع القرية، وهو معصوب العينين بحجة أنه سرق بطة.
 
ويعلق على ذلك مُردداً: أى ظلم وأى قسوة تسرّبت إلى قلوب الناس، وجعلتهم يتصرّفون مع إنسان بسيط بهذه الوحشية.. ولماذا لم يذهبوا به إلى قسم الشرطة ليتولى التحقيق معه إذا كان مجرماً أو بريئاً.. وأين هذا المجتمع القاسى من آلاف اللصوص الذين لم يسرقوا البط، لكن سرقوا الملايين من دم هذا الشعب، ابتداءً من لصوص الحديد، وانتهاءً بلصوص البنوك والقمح..
 
■■■
 
أما وقد ألقى د. جابر نصار قنبلة مدوية فى بركة ظلامية بإلغاء خانة الديانة من كل الأوراق والتعاملات بجامعة القاهرة.. فقد كان من البديهى والمتوقع تلك الغضبة الجامحة التى أطلقها.. ياسر برهامى وأعوانه فى مواجهة القرار، صائحاً: نسأل الله أن يهديه -يقصد د. جابر نصار- فإن لم يهده أن ينتقم منه لما يُنفذه من أجندة غربية خبيثة تهدف إلى إلغاء هوية الأمة والدولة المصرية التى يسعى دستورها إلى أن دينها هو الإسلام.. وقد توجّه د. جابر نصار فى أثر تلك التصريحات إلى مكتب النائب العام لتحريك دعوى جنائية ضد نائب رئيس الدعوة السلفية، لافتاً إلى أن الإسلام برىء من تصريحاته.. ومضى الرجل فى ثقة واعتداد إلى تنفيذ قراره.. وأعقبه المهندس محمد خضير، الأمين العام لنقابة المهندسين، بإلغاء خانة الديانة من معاملات وأوراق نقابة المهندسين وفروعها، لكن المدهش حقاً رد فعل وزير التعليم العالى الذى رأى أن قرار د. جابر نصار لا جدوى منه، ولا يستحق هذا الزخم الإعلامى.
 
بل الأغرب منه ما نبهتنى إليه الصحفية التى عاودت الاتصال بى وسألتنى أليس من المدهش صمت الكنيسة بقيادتها.. وبمجتمعها المتمثل فى المسيحيين، عموماً عن التعليق على القرار، بينما كان من المتصور الإشادة والترحيب..
 
قلت لها ساخراً: ربما كان ذلك بسبب تلك المباراة التى يخوضها المسلمون والمسيحيون فى بلادنا منذ الحقبة الزمنية السابقة -التى تشبه تنافس الأهلاوية والزملكاوية- فى إطلاق الآباء والأمهات على أولادهم الأسماء التى تُشير بوضوح إلى الهوية الدينية لدى كل معسكر، فانتشرت أسماء «مينا» و«جون» و«مايكل» و«تريز» وأليس».. فى مواجهة «إسلام» و«هيثم» و«زين العابدين» و«عائشة» و«أم كلثوم»، وبداية اختفاء الأسماء المشتركة التى لا تعبر عن طائفية وتنبذ التمايز الدينى.. أم أنهم يرتاحون إلى تلك الطائفية.. ويسعدون بالحياة فى كنفها.. ولا يُرحّبون ويكرهون «المواطنة»؟!
 
تمتمت مردداً وأنا أحاول التذكر:
 
- المواطنة.. المواطنة.. أنا سمعت الكلمة دى فين قبل كده؟!..
 
ثم بادرت بسؤالها:
 
- يعنى إيه مواطنة؟!.
نقلا عن الوطن
 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع