الأقباط متحدون - صلِّى العصر وخُد كيلو سكر!!
أخر تحديث ٠١:٣٢ | الاربعاء ٢٦ اكتوبر ٢٠١٦ | بابة ١٧٣٣ش ١٦ | العدد ٤٠٩٤ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

صلِّى العصر وخُد كيلو سكر!!

حمدي رزق
حمدي رزق

مشكور الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، على إسهامه فى حل أزمة السكر بـ200 ألف طن تبرعاً من أموال الوزارة وأحد رجال الأعمال الخيرين، يتوقف الشكر عند هذا الحد، أما أن يتوغل وزير الأوقاف فى عمق أعمال وزارة التموين، ويقرر شراء السكر من الشركات، وتوزيعه على محافظات الوجهين القبلى والبحرى، فهذا ليس من أعمال وزارة الأوقاف، هذا خلط للأدوار، وتداخل لا محل له من الإعراب.

صحيح أعمال البر والخير من صميم أعمال الوزارة، ولكن البر والخير أن يقدم الوزير تبرعه إلى الوزارة المختصة لتدعم به جهودها المعتبرة لتفكيك الأزمة. دخول وزارة الأوقاف التى لا تملك منافذ توزيع يُعقّد الموقف، ليس متصوراً توزيع السكر فى المساجد والمناداة عليه على المنابر، أو أن يرفع المؤذن صوته بين الصلوات بتوافر السكر مجاناً، ستنتقل الطوابير من المجمعات إلى المساجد، صلِّى العصر وخُد كيلو سكر، فهل هذا معقول؟!

كل وزير يتولى أمور وزارته، وكل وزير أدرى بشِعاب وزارته، وتوفير 200 ألف طن تبرعاً مثوبة وأجرها عظيم، ولكن أخشى أنها حسنة يتبعها أذى، ما علاقة وزير الأوقاف بشراء وتوزيع السكر، وما دخل وزير الأوقاف بعمل أصيل لوزير التموين، وهل سيخطب وزير التموين، محمد الشيخ، الجمعة المقبلة بديلاً عن وزير الأوقاف؟!.. أزمة السكر لا تحتمل خلط الأوراق، ليس هكذا تورد الإبل، تبرعك يا مولانا كفاية!.

حسناً التفت وزير الأوقاف أخيراً لأعمال البر والخير، التى هى أصل من أعمال وزارة الأوقاف، يقر بأنه كان مشغولاً عن البر بحرب الإرهاب، وتطهير المساجد من وباء التطرف، وهو قادم على صهوة جواده لإغاثة الملهوف، وهو خير لو تعلمون عظيم.

فى هذا الاختصاص الأصيل، أعمال البر والخير، فرص عظيمة لتخفيف الأعباء عن كاهل فقراء مصر، ومن الخير إعادة تدوير مخصصات هذا الباب الخيرى من الوقف وفق خرائط الدعم الحكومى، الذى تتبناه وتعمل عليه وزارة التضامن من خلال برنامجى «تكافل» و«كرامة»، التكامل هنا ضرورة لتوسعة رقعة المستفيدين، ولتعظيم العائد من أموال الوقف فى باب البر والخير والإحسان.

أعلم أن الوقف مقيد بشريعة الواقف، والقانون يكبل الاستفادة القصوى من الوقفيات، وبعض هذه الوقفيات تجاوزها الزمن، واستبدالها فى الأبواب المستجدة مما يجيزه الفقه الإسلامى، وتجوز على غير المسلمين، وإذا كان هناك فائض فليوجه إلى ستر العورات المجتمعية، وهذا أجدى وأنفع من توزيع السكر.

لماذا لا تتبنى وزارة الأوقاف من عوائد وقفها بناء مستشفيات أو مستوصفات خيرية، لماذا لا تنشر مظلتها الوقفية لبناء مدارس لذوى الاحتياجات الخاصة ومرضى التوحد، وتوفير الحضانات لإغاثة المبتسرين وخلافه مما تعجز عنه وزارتا الصحة والتعليم؟

هذا أدعى من إلقاء عوائد الوقف فى البطون، التى ستظل تهضم مال الوقف دون فوائد محققة.

مثلاً «القروض الحسنة» التى تقدمها الوزارة لا تترك أثراً، ولكن إطلاق الغارمين بدفع ديونهم أنفع أثراً، الحرية أثمن ما يملك الإنسان، ووجه حسن من وجوه الخير عظيمة النفع، هنا تخط الوزارة نهجاً، وعليه أن تخطط الوزارة لتترك أثراً وبصمة تشجع الواقفين، وتزيد من حماسة مَن ينتوون وقفاً.

سياسات الوقف الحالية تحتاج إلى مراجعات فقهية حقيقية، وإلى استراتيجيات تضع الوقف فى صدارة اهتمامات أهل الخير، مهم أن يرى الواقف شجرته مثمرة، لا أن تتشربها صحراء الجوع القاحلة، انظر هذا من مال الوقف، هذا الصرح تنفق عليه وزارة الأوقاف، لكن تبديد مال الوقف فى مية بسكر رغبة فى الظهور الإعلامى فى أزمة فهذا لا ينتج أثراً ولا يترك بصمة لوزارة الأوقاف، ستنتهى أزمة السكر وتبقى «الأوقاف» تبعثر مال الوقف فيما لا ينفع الناس.
نقلا عن المصري اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع