الأقباط متحدون - الإعلام والتحول الديمقراطى
أخر تحديث ٢٣:٥٩ | الثلاثاء ٢ اغسطس ٢٠١٦ | أبيب ١٧٣٢ش ٢٦ | العدد ٤٠٠٨ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

الإعلام والتحول الديمقراطى

د. عماد جاد
د. عماد جاد

تعد حرية وسائل الإعلام من بين أهم مكونات الديمقراطية، بل هى مؤشر مهم على ديمقراطية النظام، فباستمرار هناك الحديث عن حرية وسائل الإعلام وعن حرية التعبير. وتعد وسائل الإعلام أيضاً من بين أهم أدوات الرقابة والمتابعة، كما أنها تعد مصدراً مهماً من مصادر التنشئة وأيضاً تقديم الحقائق للرأى العام. لا يوجد إعلام حر فى مجتمع لا يتمتع بالحرية، ولا يوجد إعلام حر فى نظام غير ديمقراطى، وبمقدار ديمقراطية النظام تكون حرية وسائل الإعلام، وعادة ما تستخدم درجة الحرية التى تتمتع بها وسائل الإعلام فى قياس درجة ديمقراطية النظام فى الظروف العادية، أى فى غير الظروف الاستثنائية كحالات الحروب والكوارث وتعرض الأمن القومى للخطر، ففى مثل هذه الظروف والحالات عادة ما تُفرض قيود على حرية وسائل الإعلام دون أن تؤثر هذه القيود على ديمقراطية النظام.

هناك نظم تعد ديمقراطية من حيث توافر القيم الأساسية وثقافة الديمقراطية وكذلك من حيث الآليات المختلفة، ولكن ديمقراطيتها تكون منقوصة نتيجة لاعتبارات تتعلق ببعض القيود بما فيها القيود على وسائل الإعلام فى الظروف العادية. وتعد إسرائيل نموذجاً للدولة الديمقراطية التى تحتل موقعاً متوسطاً على مقياس الديمقراطية لاعتبارات تتعلق بوجود قيود على بعض مكونات العملية الديمقراطية، فديمقراطية إسرائيل من نوع خاص تعرف بأنها «ديمقراطية دينية عرقية» فهى ديمقراطية كاملة لليهود من أصول غربية، فهى لا تخص غير اليهود، كما أنها تميز يهود الغرب وتعطيهم مزايا خاصة، ومن هنا نجد عدداً من القيود على وسائل الإعلام الإسرائيلية التى ليس بمقدورها نشر معلومات وبيانات أو أخبار عن قضايا من قبيل الاستيطان اليهودى فى الضفة الغربية، الهجرة اليهودية من الخارج، كل ما يتعلق بعمليات الجيش الإسرائيلى، فإسرائيل تعتبر نفسها فى حالة حرب مستمرة مع العرب والفلسطينيين تحديداً، ومن ثم تفرض قيوداً متنوعة على وسائل الإعلام.

فى الدول غير الديمقراطية عادة ما تحتكر الحكومة وسائل الإعلام من إذاعة وتليفزيون وصحافة، ووفق درجة سلطوية النظام واستبداده، تكون السيطرة على وسائل الإعلام، فالنظم المستبدة، عادة ما تفرض سيطرتها الكاملة على وسائل الإعلام ولا تسمح بالإعلام الخاص، وكلما تراجعت قبضة النظام على السلطة، تراخت قبضتها على وسائل الإعلام وتسمح بظهور الإعلام الخاص، وكلما سار النظام على طريق التحول الديمقراطى، تزايدت درجة تحرر الإعلام الحكومى وتطور دور الإعلام الخاص.

مؤكد أننا لم نكمل بناء نظام ديمقراطى حقيقى فى مصر، نحن فى مرحلة انتقالية على طريق التحول الديمقراطى، وهى مرحلة قد تكتمل وتتحول مصر بموجبها إلى دولة ديمقراطية حقيقية أو تتعرض هذه العملية لانتكاسة ومن ثم نعود إلى نقطة الصفر وندور فى حلقة مفرغة، ولأننا فى مرحلة انتقالية فإننا نشهد حالة من الارتباك فى الإعلام الحكومى، هل نحافظ على وزارة الإعلام أم نشكل مجلساً وطنياً للإعلام؟ هل تحتفظ الدولة بكل هذا العدد من القنوات التليفزيونية والصحف القومية أم يمكن خصخصة جزء منه لتخفيف الأعباء عن كاهل الحكومة والحصول على عائد يمكن توظيفه فى مجالات أخرى؟ هل من المنطقى لدولة من دول العالم الثالث تسير على طريق التحول الديمقراطى امتلاك شبكة ضخمة من القنوات ومبنى للإذاعة والتليفزيون يعمل بداخله أكثر من ٤٠ ألف موظف يتقاضون مرتبات شهرية تصل إلى ٢٣٠ مليون جنيه تدفع اليوم بالكامل من ميزانية الدولة ومن أموال دافعى الضرائب؟ هل من المنطقى أن توضع القنوات الإقليمية الموجهة لخدمة مناطق جغرافية محددة كمنطقة قناة السويس ومناطق شمال ووسط وجنوب الصعيد، توضع على القمر الاصطناعى وتكلف الدولة ملايين الدولارات سنوياً، فى حين أن فلسفة إنشاء هذه القنوات هى تغطية أقاليمها الجغرافية فقط؟
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع