الأقباط متحدون - التعصب الدينى يأكل البشر
أخر تحديث ٠٧:٠٦ | السبت ٢١ نوفمبر ٢٠١٥ | ١١ هاتور ١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٥٣ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

التعصب الدينى يأكل البشر

 د.محمود خليل
د.محمود خليل

 يؤكد لنا الواقع كل يوم صدق مقولة المفكر الفرنسى أندريه مالرو: «القرن الحادى والعشرون هو قرن الأديان بامتياز». فمنذ العام 2001 برز التعصب الدينى كمحرك أول للأحداث التى يشهدها العالم. كانت البداية، كما تعلم، بأحداث الحادى عشر من سبتمبر، حين نجح تنظيم القاعدة فى تدمير برجى التجارة بنيويورك، وهو الحدث الذى ترتب عليه الغزو الأمريكى لأفغانستان، ثم الغزو الأنجلو أمريكى للعراق عام 2003 الذى وصفه «بوش الابن» بـ«الحرب المقدسة». ومن رحِم الغزو وُلد تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» داخل العراق على يد «أبومصعب الزرقاوى». ومنذ ذلك التاريخ احتدم الكثير من المعارك التى غذّاها التعصب الدينى!

مذبحة «باريس» (13 نوفمبر الحالى) وما ترتب عليها من تفاعلات حلقة فى سلسلة طويلة، والأرجح أنها ستطول أكثر وأكثر خلال السنوات المقبلة، للمعارك التى سيأكل فيها التعصب الدينى المزيد من البشر. تقرير شديد الدلالة نشره موقع «المصرى اليوم» فى هذا السياق، جاء فيه أن وسائل إعلام فرنسية ذكرت أن الجمهور التركى أطلق هتافات «الله أكبر»، وصافرات استهجان خلال دقيقة حداد على أرواح ضحايا اعتداءات «باريس» قبل المباراة الودية بين منتخبى تركيا واليونان. ورددت جماهير البوسنة اسم فلسطين أثناء وقوف لاعبى المنتخبين الأيرلندى وضيفه البوسنى دقيقة حداد على أرواح ضحايا «باريس». ويأتى هذا التصرف رداً على المظاهرات التى قام بها عدد من الفرنسيين فى شوارع العاصمة الفرنسية باريس، حيث ردد المتظاهرون عبارات وشعارات مسيئة للدين الإسلامى، كما أكد تقرير «المصرى اليوم».

اللافت فى هذا الكلام أنه لا يصف سلوكيات تنظيمات متطرفة، أو أنظمة حكم أصابها الهوس الدينى، أو جهات تقتات على التطرف، بل ينصرف إلى جماهير كرة، أفراد عاديين للغاية، تماماً مثل المواطنين الفرنسيين الذين تم قتلهم بدم بارد فى باريس، وشأنهم شأن الفرنسيين الآخرين الذين تظاهروا فى شوارع بلدهم مرددين عبارات وشعارات مسيئة للإسلام ولنبى الإسلام ولقرآن المسلمين. ربما كان بين هؤلاء من هو قليل الالتزام بطقوس دينه، ومهملاً فى العبادات، ولا يقرأ الكتاب السماوى الذى يؤمن به إلا نادراً، لكنه لا يتوانى عن أن يجعل نفسه وقوداً لمعركة أساسها الدين. هكذا يفكر الشرقى والغربى. والحروب الصليبية التى سالت فيها الدماء بحوراً خير شاهد على ذلك. المؤمنون بكل دين يرون فى أنفسهم الأفضلية على من سواهم، ويثقون فى أنهم يمتلكون الحقيقة المطلقة، وأن تصورهم لله تعالى هو الأصدق، وأن الجنة جنتهم، والنار مثوى الكافرين بما يعتقدون. اليهود يؤمنون بأنهم شعب الله المختار، والمسيحيون يرون أنهم ملح الأرض، والمسلمون يعتبرون أنفسهم خير أمة أخرجت للناس. كل أصحاب عقيدة يرون أنهم ممتازون عن غيرهم، وذلك هو مدخل التعصب. ولو فقه هؤلاء الأمر جيداً لما سقطوا فى فخ «التعصب»، لأن الأفضلية والامتياز مناطها الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر: «كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر»، ولاستوعبوا حقيقة أن الكل يؤمن بالإله الواحد خالق السموات والأرض، وبالحساب والجزاء، والجنة والنار، ولكن ماذا نقول فى التجار فى كل دين الذين يسوقون قطعان المؤمنين إلى جحيم الدنيا والآخرة؟!
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع