دكتور بول غبريال - راعي الكنيسة الكتابية - شيكاجو
ما أعجب حكمة الله وما أقوي محبته! حين يتوه العقل البشري في متاهات المنطق، يكشف الله عن سرّه العظيم علي خشبة "الصليب"، ذاك الرمز الذي ظنه العالم جهالة وضعفًا، فإذا به حكمة الله وقوّته.
لقد كتب بولس الرسول مستنيرًا بالروح القدس:
“إِنَّ كَلِمَةَ الصَّلِيبِ عِنْدَ الْهَالِكِينَ جَهَالَةٌ، وَأَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ الْمُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُوَّةُ اللهِ” (١ كورنثوس ١: ١٨).
هكذا تتجلّى الحقيقة التي يعجز المنطق البشري عن احتوائها: أن الخلاص قد جاء من خلال موتٍ على خشبة!
"الصليب" كان عثرة لليهود الذين كانوا ينتظرون مسيّا ملوكيًا منتصرًا، لا عبدًا متألمًا.
"الصليب" كان جهالة لليونانيين الذين تعلّقوا بالحكمة البشرية والمنطق الفلسفي.
لكن “الصليب" كان في خطة الله، حيث جاء المخلّص لا ليُبهِر، بل ليُفتَدي. لا ليُظهِر قوته الأرضية، بل ليعلن محبة فائقة لا تُدرَك.
وفي هذا يقول بولس:
“لِأَنَّ جَهَالَةَ اللهِ أَحْكَمُ مِنَ النَّاسِ، وَضَعْفَ اللهِ أَقْوَى مِنَ النَّاسِ” (١ كورنثوس ١: ٢٥).
فما يبدو ضعفًا هو في الحقيقة طريق النصرة، وما يبدو جهالة هو في جوهره إعلان للنعمة.
الصليب ليس فكرة نحتملها بل واقع نعيشه. إنه الطريق الوحيد إلى الحياة، والبَوابة الوحيدة إلى المجد. به صُلب العالم لنا ونحن للعالم (غلاطية ٦: ١٤). به نُغفر، نُشفَى، نتحرر.
فلنفتخر بالصليب!
ولنكرز بالمسيح مصلوبًا، فهو وحده قوة الله للذين يخلصون، وهو وحده حكمة الله لكل من يطلب الحق.
“وَأَمَّا لِلْمَدْعُوِّينَ، يَهُودًا وَيُونَانِيِّينَ، فَبِالْمَسِيحِ قُوَّةِ اللهِ وَحِكْمَةِ اللهِ” (١ كورنثوس ١: ٢٤).
أيها الإله المصلوب: امنحنا أن نرى في صليبك سرّ الحياة، وأن نفتخر به كل يوم، عالمين أن فيه وحده النصرة والخلاص. آمين.