كتب – روماني صبري
تحل اليوم 19 ديسمبر ذكرى وفاة الخديوي عباس حلمي الثاني، الخديوي الأخير لمصر والسودان، والذي جلس على عرش مصر في 8 يناير 1892، وهو في الثامنة عشر من عمره .. وصفه اللورد كرومر المندوب السامي البريطاني بالرجل الجريء واسع الأمل والمصري البحت، وفي ظل ذكرى وفاته نبرز في السطور المقبلة أهم المحطات في حياته.
شهد عام 1892 ميلاد الخديوي عباس حلمي الثاني بمحافظة الإسكندرية، وكان أكبر أولاد الخديوي توفيق، وبعد رحيل والده تم استدعاه من الخارج ليجلس على عرش مصر، وفي عام 1914 تمت الإطاحة بحكمه ليعتلي عمه السلطان حسين كامل مقاليد الحكم خلفا له، وفي إطار ذلك تم نفيه إلى سويسرا وظل هناك حتى غيبه الموت عن العالم في 19 ديسمبر 1944 عن 70 عاما .
موقظ الروح الوطنية
وقال عنه الكاتب أحمد مصطفى، في مقدمة مذكرات "عهدى" :" أن الخديوي عباس حلمي الثاني، كان له دور مهم في بروز الحركة الوطنية في البلاد، حيث اصطفى الشباب الذي توسم فيهم الذكاء والإقدام، وعاونهم في دراساتهم وأوفدهم إلى أوروبا في مهمات سياسية بدعم منه باعتباره حاكم مصر الشرعي، وكان منهم مصطفى كامل، الذي طالما أشاد به وآزره من أجل إيقاظ الروح الوطنية.
عرابي سبب الاحتلال والفوضى
ووجه الخديوي عباس انتقادات قاسية لأحمد عرابي، وشن هجوما على ثورته عام 1881 وحمله مسئولية الاحتلال البريطاني، وهو ما اتفق عليه رجال الحزب الوطني برئاسة مصطفى كامل آنذاك.
والدي بريء
ودافع الخديوي عباس في مذاكرته عن فترة حكم أبيه الخديوي توفيق بقوله :" والده الخديوي توفيق، كان يريد إنقاذ مصر عندما أعاد إنشاء المراقبة الثنائية من فرنسا وإنجلترا، أملا في الإصلاح الاقتصادي وسيادة الهدوء لكن هذا لم يتحقق، بسبب ما ثورة "الأوساط العسكرية" بقيادة أحمد عرابي، والذي حصل على شهرة (حزينة) ، مشددا على أن حركة التمرد الذي قادها عرابي ساعدت على الفوضى والشعور بالضياع.
ويضيف الكاتب أحمد مصطفى، في مقدمة مذكرات "عهدى" :" الخديوي عباس حلمي، لم ينفى واقعة قصر عابدين، حين ذهب عرابي إلى الخديوي توفيق، لافتا أن عرابي ذهب في يوم 9 سبتمبر 1881 إلى قصر عابدين على رأس وفد عسكري بالكامل بوجود القنصل الإنجليزي والمراقب المالي الإنجليزي الذين تواجدوا بالصدفة ، للمطالبة باقتراح تكوين جيش مصري من 18 ألف جندي، وإقالة حكومة رياض باشا وإنشاء برلمان، وهو ما أعطى فرصة للتدخل الأجنبي بصورة أكبر معتبرين أنفسهم مخلصين للمصلحة المصرية، مشيرا إلى أن الضغط الذي مارسه عرابي واللورد كرومر والدول الأجنبية كان أحد الأسباب لنهايته المبكرة كحاكم.
لم أحب عرابي كونه طائفي ويكره المسيحيين
ووصف الخديوي عباس عرابي في مذكراته بالخائن والطائفي، الذي يريد اعتلاء العرش موضحا :" كان عرابي معاديا لكل المسيحيين، ولم يقم إلا بتنفيذ لعبة إنجلترا بأمل خفي يسعى إلى انتزاع عرش أسرة محمد على، ويمكننا أن نعتبر فتنة عرابي يقظة غير يقظة الاتجاه الوطني، ولكن الشعار المعادى للأسرة الحاكمة عند هذا الضابط، وطموحه المجنون، ودفعه الجيش إلى التمرد، واستثارته للغرائز المتطرفة للجماهير الجاهلة والمتعصبة، قد سارعت إلى دفع البلاد كلها إلى أيدي الأجانب الذين أهانوها".
أحببت الفلاح المصري وألغيت السخرة
وثمن الخديوي عباس دور الفلاح المصري في مذكراته قائلا :" عاش حياة قاسية على مدى قرون وعصور طويلة، ما جعلني أوقع على مرسوم بإلغاء السخرة والكرباج يوم اعتلائي العرش، وكذا تنفيذا لرغبة والدي الخديوي توفيق."
إنشاء الجامعة المصرية
وكشف الخديوي عباس أن إنشاء الجامعة المصرية دائما ما شغل تفكير مصطفى كامل، ما جعله يحتاج دعم المعارضة الوطنية لاستجماع شجاعته في مواجهة الإنجليز الرافضين للمقترح، مؤكدا أنهم ناضلوا من أجل إنشاء الجامعة رغم قلة الإمكانيات المادية وعدم تجاوب الأوساط التركية، والرفض الإنجليزي، حتى افتتحت يوم الاثنين 21 ديسمبر في عام 1908.
قرار عزله
جراء رفضه الاحتلال الانجليزي لمصر، طالبت انجلترا بعزله عام 1914 وجاء نص القرار كالأتي "يعلن وزير الخارجية لدى جلالة ملك بريطانيا العظمى، انه بالنظر لإقدام سمو عباس حلمي باشا خديوي مصر الانضمام لأعداء جلالة الملك رأت الحكومة جلالته خلعه من منصب الخديوي."