الأقباط متحدون - الخلاصة فى موضوع المساعدات
  • ١٢:٢٠
  • الثلاثاء , ٥ سبتمبر ٢٠١٧
English version

الخلاصة فى موضوع المساعدات

مقالات مختارة | بقلم :د. عماد جاد

٠٠: ١٢ ص +02:00 EET

الثلاثاء ٥ سبتمبر ٢٠١٧

د. عماد جاد
د. عماد جاد

 قبل أن يتصدى إعلامى أو مشتغل بالسياسة لموضوع المساعدات الأمريكية لمصر عليه أن يعرف، بل ويتعلم ويدرس، كل ما يتعلق بالمساعدات الخارجية ويدرك أنها ليست شرفاً ندافع عنه أو ميزة خسرناها وليست إجراء عقابياً علينا أن نعمل على رفعه، ويتعلم أن لا يهاجم الدول الأخرى أو يسبها لأنها كانت تقدم لنا مساعدات ومنحاً ثم قررت وقفها أو تقليصها، فهذه الدول كانت تقدم ما تقدمه خدمة لمصالحها وعلى حساب استقلالية قرار الدول المتلقية، وعبر دفعها للتخلى عن مجالها الحيوى ودفعها للتراجع حتى ترى حدودها الجغرافية هى حدود أمنها القومى، هذا بينما المعروف تاريخياً ومنذ زمن الفراعنة العظماء أن أمن مصر القومى يبدأ من قلب الشام ويتجه جنوباً حتى الحبشة، وعلّمنا أستاذنا الراحل الدكتور عز الدين فودة أن أى دولة قوية على حدودنا الشمالية الشرقية تمثل خطراً داهماً على أمننا القومى وأن أجدادنا الفراعنة أدركوا ذلك مبكراً، لذلك كان الفرعون يقوم بحملتَى تمشيط واحدة فى الشتاء وأخرى فى الصيف لتكسير أى قوة ناشئة أو صاعدة فى تلك المنطقة لأنها إذا ما قويت فإن قرارها الأول هو غزو مصر، ولا ننسى أن جميع الغزاة جاءونا من الشمال الشرقى. حينما تكون قوياً اقتصادياً وعسكرياً ولا تحصل على معونات من الخارج تتمدد فى مجالك الحيوى ولا أحد يعوقك، عكس الحال عندما تمد يدك للحصول على منح ومساعدات.

 
ونقول ونكرر إن المساعدات تمثل مصلحة مشتركة لمن يقدمها ومن يتلقاها، إلا أنها تقلل من وزن الدولة المتلقية وتمس صورتها الإقليمية والدولية، كما أن المساعدات لا تقدم إلى ما لا نهاية بل لا بد أن يأتى وقت وتتغير المصالح وتتبدل المواقف وتتباعد ومن ثم تتقلص المساعدات، أو يأتى وقت وهو الأهم ويقوى اقتصاد الدولة المتلقية وتبدأ فى الاستغناء عن هذه المساعدات أو تجد ثمن الحصول عليها مرتفعاً أو شديد الوطأة فتبدأ تدريجياً فى الاستغناء عنها. كانت ألمانيا وفرنسا وبريطانيا من أكثر الدول احتياجاً للمساعدات الاقتصادية بعد الحرب العالمية الثانية، كما خرجت هذه الدول من الحرب منهكة ومتعبة وشبه مدمرة، فرنسا وقعت تحت الاحتلال الألمانى، ولندن جرى تدميرها بالكامل، وألمانيا تم تقسيمها بعد احتلالها. قدمت واشنطن مساعدات ضخمة لهذه الدول من خلال مشروع مارشال، وشكلت حلف الناتو عام 1949 لحماية هذه الدول الضعيفة من الخطر السوفييتى، نهضت هذه الدول وعمل شعبها بكل جهد وكد، واصل العمل ليلاً ونهاراً، طور نفسه بسرعة وتخلى عن المعونات الأمريكية من ناحية، وتناضل فرنسا وألمانيا اليوم من أجل توفير الحماية الذاتية بعيداً عن حلف الناتو، وباتت ألمانيا وفرنسا قاطرتَى العمل الأوروبى المشترك، كما أن ألمانيا تمد يدها لكل اقتصاد أوروبى متعثر.
 
فى فترة الضعف والوهن، فى زمن حكم المرشد والجماعة وضمن الصفقة مع الولايات المتحدة، دعا من كان يجلس على كرسى الرئاسة فى مصر إلى الجهاد فى سوريا، إلى تدمير سوريا ونشر الفوضى بها وإرسال المقاتلين الإرهابيين من شتى بقاع الأرض لقتال النظام السورى وتدمير سوريا الجميلة التى تمثل قلب المجال الحيوى لمصر، وما إن ثار الشعب المصرى وأطاح بحكم المرشد والجماعة حتى اعتدل الموقف واستعادت سوريا التوازن وأثرت مصر فى مواقف دول عربية عديدة كانت تقف وراء محاولات إسقاط النظام السورى، وانتهى الحال إلى انكشاف الموقف القطرى وحصاره. نعم للمعونات أهمية كبرى فى توقيتات محددة، والمعونات الأمريكية ساعدتنا كثيراً، وإنا لشاكرون لواشنطن ما قدمت من مساعدات لبلدنا، لكننا نتطلع إلى اليوم الذى لا نحصل فيه على دولار أو ريال واحد من الخارج، نعمل ونكد ونجتهد حتى نرفع مقام بلدنا ونعود القوة الإقليمية الأولى ذات المجال الحيوى المتمدد، دون أن نقع فى خطأ أو وهم أننا قوة كبرى، نحن قوة إقليمية كبرى أو رئيسية متوسطة القوة بالمعايير العالمية، وأمثال هذه القوى لا ترسل قواتها خارج حدودها إلا لتنفيذ قرار أممى أو بالتفاهم والتنسيق مع القوى الكبرى، وهى الأخطاء التى لم يتجنبها العظيمان محمد على وجمال عبدالناصر.
نقلا عن الوطن
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع