الأقباط متحدون - قبل زيارة السيسى لواشنطن حذر ومرونة واستعداد!
  • ٠٦:١١
  • الثلاثاء , ٢١ مارس ٢٠١٧
English version

قبل زيارة السيسى لواشنطن حذر ومرونة واستعداد!

مقالات مختارة | بقلم : منى مكرم عبيد

٠٩: ٠٩ م +02:00 EET

الثلاثاء ٢١ مارس ٢٠١٧

السيسى
السيسى

 خلال أسابيع قليلة، من المنتظر أن يقوم الرئيس عبدالفتاح السيسى بزيارة رسمية للبيت الأبيض، وبدء صفحة جديدة مع الولايات المتحدة تعالج الصورة الفاترة التى تعاملت معها إدارة الرئيس السابق باراك أوباما مع القاهرة، وخاصة بعد ثورة 30 يوينو، ولتحقيق استفادة كبيرة من هذه الزيارة نحو دفع العلاقات بين البلدين لمكانها الطبيعى لابد من الوضع فى الحسبان عددا من النقاط، إذا كانت هناك إرادة جدية للاستفادة.

 
ومثلما كانت زيارة المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، واضحة المعالم ومحددة الملفات قبل زيارتها للقاهرة، ينبغى أن تكون زيارة السيسى لواشنطن محددة المعالم، مغ الحذر والمرونة والاستعداد، فى ضوء التحديات التى تحيط بالمنطقة والملفات الدولية، التى يمكن أن يكون لمصر بها دور فعال، عبر عضويتها غير الدائمة بمجلس الأمن.
 
من وجهة نظرى، أعتقد أن هناك عددا من الملفات التى ينبغى التركيز عليها خلال الزيارة القادمة، وعلى رأسها استئناف التدريبات العسكرية الأمريكية مع مصر، بعد أن قرر أوباما إلغاء هذه التدريبات عام 2013 احتجاجا على فض اعتصام رابعة والنهضة، ولولا القلق المتزايد بشأن تهديد الإرهابيين فى سيناء، وتقديم جماعات الولاء لتنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، وكذلك قرار مصر لشراء أسلحة من روسيا وفرنسا، ما تغير أوباما فى اتجاه إدارته، بالسماح باستئناف توريد قطع غيار لطائرات الأباتشى، بعد أن كان متشددا فى هذا الأمر.
 
وربما مع تهجير الأقباط فى العريش تحت ضغوط الجماعات الإرهابية، بالرغم من الضربات المتلاحقة التى تقودها القوات المسلحة ضد معاقل التكفيريين، آن الأوان لتقديم كل أشكال الدعم لمصر من أجل مواجهة الإرهاب فى سيناء، والحصول على دعم دولى فى هذا الاتجاه، بعد أن كانت القاهرة تخوض الحرب وحدها فى هذا الملف، وهو ما عبر عنه الرئيس السيسى فى اتصاله بترامب مؤخرا، وتأكيده على أن مصر تحارب وحدها لأكثر من 40 شهرا، وهذه النقطة تحديدا أثرْتها خلال اجتماعى مع ترامب جونير الابن، فى أكتوبر الماضى بباريس وقبل انتخاب ترامب.
 
يضاف إلى ذلك التحديات الاقتصادية التى تواجه مصر، فى ضوء الإصلاحات القاسية التى أقدمت عليها مؤخرا، ومن ثم لابد من الاهتمام بالمساعدات الاقتصادية، كما أن زيادة الاستثمارات الأمريكية فى مصر من أهم نقاط الحوار فى الزيارة المرتقبة، وما يمكن أن تقدمه واشنطن للقاهرة من خلال دعم حصول مصر على مزيد من المنح والقروض من المؤسسات الدولية، لما تمثله واشنطن من قوة ضغط ونفوذ، خاصة أن تحرير سعر الصرف مع رفع الدعم عن المحروقات والكهرباء وغيرها من الخدمات الحكومية مع زيادة نسبة البطالة ومعدل التضخم- كلها تؤدى لمزيد من الضغوط الشعبية على الحكومة المصرية، وبدون دعم خارجى ستكون الأمور فى غاية الصعوبة، ونظرا لدور مصر الإقليمى والاستراتيجى تدرك واشنطن أنه ليس بالسهولة ترك مصر وحدها تواجه كل هذه التحديات.
 
وينبغى الإشارة إلى أنه تماشيا مع الخلفية الاقتصادية لترامب ستكون أى مساعدات اقتصادية أو مزيد من تدفق الاستثمارات لمصر، باعتبارها البوابة الأكثر أهمية بالنسبة للسوق الأفريقية كلها، والاستثمار فى مصر يعطى ميزة الاستفادة من الاتفاقات التى تستهدف كميات كبيرة من المستهلكين فى مختلف الأسواق فى أفريقيا، والدول العربية، ويمكن أن تكون القاعدة الرئيسية ومركز لجميع المنتجات الأمريكية، وذلك ليتم تصديرها إلى جميع الأسواق الأفريقية والعربية، وموقعها الاستراتيجى بين ثلاث قارات يجعل لها فرصة مميزة للتصدير، مع قوة العمل المدربة جدا والرخيصة.
 
كذلك هناك الملف الإيرانى، خاصة أنه فى ضوء تبنى إدارة ترامب النهج العدوانى تجاه إيران، والسعى إلى تشكيل جبهة موحدة من الدول السنية العربية ضد الطموحات والتصرفات الإيرانية فى المنطقة لوقف تنامى نفوذ طهران فى الخليج وسوريا والعراق واليمن، فى الوقت الذى تفتح فيه مصر مساحات من الحوار مع إيران لحل الأزمة السورية واليمنية، خاصة فى ظل رغبة القاهرة فى استعادة نفوذها الإقليمى، مع التمسك بثوابتها فى حماية أمن دول الخليج من أى تهديدات، وفتح قنوات اتصال مع بغداد للحصول على النفط العراقى، بديلا لوقف تدفق النفط السعودى- لا شك أنه خطوة جاءت عبر تفاهم القاهرة وطهران، يضاف إلى ذلك عدم قبول أى دعوات للتصالح مع جماعة الإخوان التى تسعى لاستغلال التقارب السعودى التركى، فى طرح الأمر، ومن ثم يصبح الملف الإيرانى من أهم المحاور المشتركة التى ستكون حديث السيسى وترامب، وتداعيات ذلك على مستقبل أزمات المنطقة.
 
وختاما: ينبغى أن تدرك الدبلوماسية المصرية أن ترامب لا يملك عصا سحرية لدفع العلاقات المصرية الأمريكية للأمام، دون أن تقوم القاهرة بجهد مماثل لإقناع الكونجرس بمزيد من الإصلاحات السياسية والاقتصادية، وأن من يعول على ترامب وحده للقيام بهذا الأمر اختيار غير موفق، خاصة، وأن هناك عدم رضا من قبل مجموعة داخل الكونجرس، يقودها جون ماكين وليندسى جراهام، بسبب القيود التى تضعها الحكومة المصرية ضد المنظمات المدنية، وعدم اتخاذ خطوات جادة لتوفير الحماية للمسيحيين، ووقف جلسات الصلح العرفية، والتراجع عن القوانين التى أنصفت المرأة فى السابق، فكلها خطوات ينبغى وضعها فى الحسبان، إذا كانت هناك نية لدفع العلاقات المصرية الأمريكية للأمام.
 
■ برلمانية سابقة وأستاذ العلوم السياسية
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع