الأقباط متحدون - مصر ومحيطها الإقليمى
أخر تحديث ٠٠:٠٦ | الأحد ١٨ سبتمبر ٢٠١٦ | توت ١٧٣٣ش ٨ | العدد ٤٠٥٥ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

مصر ومحيطها الإقليمى

د. عماد جاد
د. عماد جاد

 فى الشهور العجاف التى تلت الخامس والعشرين من يناير وحتى الثلاثين من يونيو، تسبّب انكفاء مصر على ذاتها ووقوعها فى براثن التنظيم الدولى، فى إصابة المحيط الإقليمى باضطراب شديد، فقد سقطت ليبيا وسوريا فى دوامة الحرب الأهلية، وعاد العراق إلى دوامة العنف من جديد، أكثر من ذلك باتت مصر، كبير المنطقة، ملعباً لكبار الثعالب، بل ولصغارها التى بدأت مخطط إفساد البلاد، وُجدت تركيا -كما قطر- فى قلب البلاد، ومكنهما التنظيم الدولى للجماعة ومندوبها الذى سكن القصر الرئاسى من سر أسرار الدولة المصرية. خلال هذه الفترة تدهورت الأوضاع بشدة من حولنا، وباتت بلادنا ملعباً لأجهزة استخبارات دول ودويلات، ووفِد إلى البلاد زمن حكم مندوب الجماعة فى القصر الرئاسى وفد من الحرس الثورى الإيرانى، فى محاولة لنقل الخبرة إلى الجماعة، حتى يكون لها جيش خاص على غرار الحرس الثورى الإيرانى، ووفِد أيضاً فريق من الاستخبارات التركية، فى محاولة لنقل التجربة التركية فى كيفية سيطرة الجماعة على الجيش والمؤسسة العسكرية. طوال هذه الفترة، كانت الأوضاع تتدهور بشدة فى جوارنا الإقليمى، ظهر تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام «داعش»، وسيطر على مساحات كبيرة فى العراق وسوريا، وبدأ يطرق أبواب لبنان، ثم ليبيا، وحاول الوجود فى مصر بأى شكل من الأشكال من خلال التعاون مع الجماعة فى مصر، التى كانت بدورها على اتصال بتنظيم القاعدة، فمندوب مكتب الإرشاد فى قصر الرئاسة محمد مرسى، تواصل تليفونياً مع زعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهرى، وتوصلا إلى اتفاقات محدّدة حول السماح لـ«التنظيم» بالعمل على الأراضى المصرية.

 
جاءت الثلاثين من يونيو فأوقفت التدهور فى مصر، وأعادت الاعتبار إلى مؤسسات الدولة المصرية، استعادت مصر عافيتها ونهضت من جديد، وبدأت فى التحرّك لإعادة ترتيب المحيط الإقليمى، كانت الخطوة الأولى إسقاط الرؤية الطائفية الضيقة التى كانت الجماعة تتعامل من خلالها مع الأوضاع فى سوريا، وبدأت القاهرة تقود العواصم العربية من أجل البحث عن تسوية سياسية للصراع فى سوريا، وكانت الخطوة الثانية مساعدة الدولة الليبية فى مواجهة الجماعات الإرهابية المتشدّدة ومحاولة تمكين الدولة الليبية من النهوض مجدداً، وجاء التحرّك التالى لدعم العراق فى معركته مع تنظيم الدولة.
 
يبدو واضحاً أن المحيط الإقليمى لمصر بدأ يشهد قدراً من التوازن والاعتدال بمجرد تمكن الدولة المصرية من استعادة توازنها، وتبقى أن تتجاوب الدول العربية مع جهود الدولة المصرية الرامية إلى استعادة الأمن والاستقرار فى الدول العربية، وفى مقدمتها ليبيا، وهو أمر يتطلب تحلى الدول العربية بالمسئولية التى قد تتطلب القيام بعمل عسكرى جماعى فى ليبيا، لتمكين الجيش الوطنى هناك من بسط سيطرته الكاملة على التراب الوطنى الليبى. وفى تقديرى أن نجاح الدول العربية الرئيسية فى القيام بعمل عسكرى مشترك لتمكين الدولة الليبية من بسط سيطرتها على كامل التراب الوطنى سوف يكون بمثابة الخطوة الأولى على طريق استعادة العمل العربى المشترك، وإعادة التوازن والاستقرار إلى المحيط الإقليمى، ويسهل بعد ذلك صياغة رؤية مشتركة تجاه العراق وسوريا ومن بعدهما اليمن. المهم أن تتحلى قيادات دول عربية بالمسئولية وتتوقف عن العمل من منظور شخصى/ دينى/ طائفى، وإلا فإن وجود دول عربية كثيرة موحّدة كما هى اليوم سيكون محل شك عميق فى غضون عقد من السنوات.
نقلا عن الوطن
 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع