الأقباط متحدون - عندما تعود مصر
أخر تحديث ١٠:٢٩ | الجمعة ٣ يونيو ٢٠١٦ | ٢٦بشنس ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٤٨ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

عندما تعود مصر

د. عماد جاد
د. عماد جاد

شارك وفد من البرلمان المصرى فى اجتماعات الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، وهى الجمعية التى تضم الدول المطلة على ضفاف البحر المتوسط الشمالية والجنوبية والشرقية. ورغم أن مصر كانت من بين الدول المؤسسة فإنها غابت عن المشاركة فى السنوات الأربع الأخيرة نتيجة عدم وجود برلمان. كان الحضور المصرى هذه المرة بارزاً، فقد فوجئ الوفد المصرى بوجود ورقة توصيات تحتوى على 61 توصية تمت صياغتها فى اللجنة السياسية من قبَل رئيس اللجنة (إيطالى الجنسية) دون أن يشرك باقى أعضاء اللجنة، لا سيما نائب الرئيس (فلسطينى الجنسية). كانت الوفود العربية فى حيرة من أمرها، فالخلافات البينية فيما بين دولها كبيرة، ولا يوجد طرف -فى غياب مصر- يمكنه تنسيق المواقف والقيام بدور المنسق، وهو ما استغله الجانب الأوروبى جيداً، فصدرت توصيات من جانب واحد تخص الشئون الداخلية للدول العربية، ونال مصر منها فقرة كاملة هى الرابعة ضمن هذه التوصيات، وكانت تدين أوضاع حقوق الإنسان وحرية الرأى والتعبير فى البلاد.

كان الوقت قصيراً للغاية، وكان المطلوب التصدى بورقة التوصيات التى أعدتها اللجنة السياسية، وفى نفس الوقت وقف هذه الطريقة فى التعامل مع الدول العربية، بالعنوان هو حوار متوسطى، أما الفعل فكان إملاء من جهة الشمال على الجنوب وتدخلاً سافراً فى الشئون الداخلية لدول الجنوب العربية. بنى الوفد المصرى خطته على التحرك الجماعى مع باقى الدول العربية، وشرع فى إجراء الاتصالات مع هذه الوفود لا سيما المغربى، الأردنى، الجزائرى والفلسطينى، وأن يكون الهدف ليس تعديل توصيات اللجنة السياسية بل إلغاء الورقة كلها لأنها أُعدت من جانب واحد ولم يتم التشاور بشأنها مع دول الجنوب، كان رأى الوفد المغربى إلغاء الفقرات الخاصة بمصر والمغرب وإضافة فقرة خاصة بفلسطين، وكان رأى الوفد المصرى إسقاط الورقة برمتها رفضاً للطريقة التى أُعدت بها والمنطق الكامن وراءها، فقد أُعدت فى غياب الطرف العربى وتحتوى على مواد تمثل تدخلاً سافراً فى الشئون الداخلية للدول العربية وأسقطت ذكر القضية الفلسطينية.

اتفق الوفد المصرى مع الوفود العربية على طلب رفع جلسة اللجنة السياسية للتشاور بين الوفود العربية، وأن تطلب مصر ذلك باعتبارها المنسق بين الوفود العربية والمتحدث باسمها، وقد كان. وبمجرد خروج الوفود العربية معاً كانت الرسالة قد وصلت للطرف الأوروبى، ومع العودة للاجتماع طلب الوفد المصرى باسم الوفود العربية إلغاء الورقة بالكامل وعدم إعداد أى ورقة بعد ذلك إلا بعد التشاور والاتفاق على التوصيات، ورفض الوفد المصرى اقتراح الرئيس الفرنسى للجلسة بأن يتم إسقاط التوصيات الست الأولى التى تخص مصر والمغرب، وتمسّك بإسقاط الورقة كلها إسقاطاً لمنطق إعدادها من جانب واحد وإعطاء الجانب الأوروبى لنفسه الحق فى التدخل فى شئون داخلية لدول جنوب المتوسط.

ونجح الوفد المصرى فى التصدى للمناورة التى قام بها الرئيس الفرنسى لجلسة اللجنة السياسية عندما قال إن ما يقوم به الوفد المصرى هو ضد منطق الحوار إذ يرفض كل الحلول الوسط، فرد الوفد المصرى مؤكداً إيمانه التام بالحوار وأنه جاء من مصر لحضور هذه الاجتماعات إيماناً بالحوار بين الدول والشعوب وبين دول وشعوب ضفاف المتوسط، وأنه يتمسك بموقفه الرافض لورقة التوصيات برمتها لأنها لم تُعدّ من خلال الحوار بل تم إعدادها من جانب واحد دون حوار أو تشاور مع الدول العربية، فأين الحوار هنا؟ نرفض الورقة برمتها لأنها كانت وليدة إملاء من طرف على آخر دون حوار، ونطلب صياغة ورقة جديدة عبر الحوار والاحترام المتبادل.

انتهت اجتماعات اللجنة السياسية بإسقاط ورقة التوصيات برمتها واستبدالها بورقة توصيات عامة جرى فيها ذكر القضية الفلسطينية، وكان هذا أول انتصار للوفد المصرى والوفود العربية، وكان تعليق الوفود العربية على هذا الانتصار أنه عندما تعود مصر يتحد العرب ويتحدثون لغة مشتركة.
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع