الأقباط متحدون - واحد بلدياتنا
أخر تحديث ١٤:٥٩ | السبت ١٦ ابريل ٢٠١٦ | ٨برمودة ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٠٠ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

واحد بلدياتنا

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

بقـلـم: عبد السيد مليــك
هي واحدة من أشهر النكات أو الافهات التلقائية التي ساهمت في تكوين الشخصية المصرية و تميزه بالتفاؤل و خفة الدم حتى في أصعب الحالات.

و لانه كان لهذه النكته الانتشار الواسع في كل أرجاء مصر و خارجها رغم ضعف ألاتصال آنذاك ، أعتبر كثير من الناس أن هذه النكته تُمثل شخصية أو جزء من تكوين أهل الجنوب ( الصعايده) و هذا مفهوم مغلوط فلم تكن شخصية أهل الصعيد يوماً بهذا المفهوم بدليل أن معظم اعلام الدين الاسلامي  و المسيحي ممثلة في شيوخ ألازهر أو قادة الافتاء أو قادة الكنيسة المصرية هم من أهل الجنوب الى جانب معظم قادة الفكر و السياسية امثال  عبد الحكيم عامر و جمال عبد الناصر و رفاعة رافع الطهطاوي  و طه حسين و القائمة أوسع من الحصر ، هم من أهل الجنوب لكن الحقيقة وراء هذه النكته أن أهل الجنوب هم روادها و قادتها و دليل ذلك أن معظم إن لم يكن كل مشاهير هذا اللون في خمسينيات القرن الماضي زمن بذوغ هذا الفن الجديد هم من اهل الجنوب و امتدادهم من الفنانين امثال احمد الحداد و حماده سلطان...

لكن ما لم يعرفه الكثير من  المصريين و غير المصريين أن لهذه النكته المغلفه بالساذجة  و بساطة القرووين من اهل الصعيد لكنها كانت ذات مضمون و بُعد سياسي فوق مستوى الرقابه أو المحاسبة في زمن قصفت فيه الاقلام و كانت تعتبر فيه حرية التعبير هي خط احمر تجاوزه هو نوع من انواع  التعدي على سيادة الدولة يقابله زوار الفجر بكل حزم و صرامة وأن هناك من ماتوا داخل الزنازين شهداء الكلمة الحرة و هناك من خرج فاقد للوعي أو من عزم ألا يعيد التجربة مرتين لقسوتها و بالتالي التزم الصمت و من هنا جاءت الفكرة العبقرية الصعيدية  و التي عنونت جميعها بنفس العنوان تقريباً ( واحد بلدياتنا) أو ( واحد صعيدي) و التي يكون بطلها في معظم أو كل الحالات الشخص البسيط أو الساذج الذي يرد على التساؤلات أو يعقب على موقف ليصف من خلاله الواقع المرير بمنتهى السخرية. لقد ظلت هذه النوعية من النكات الساخرة تراقب مجتمعنا و تنتقده بالاسلوب الساخر في صورة يفهمها عامة الناس بمعناها القريب و هي النكته و جوهرها النقدي الخارج عن طائلة المسائلة القانونية من زمن ما بعد ثورة 1952 و حتى آخر فترة حكم مبارك.

و رغم تأثير هذه النكته الصعيدية  أو الشعبيه على المجتمع و رغم عمرها الطويل الذي تعدى الستين عاما إلا أن هذه النكته أختفت تقريبا و بصورة مفاجئة في فترة حكم الاخوان بالرغم من ان هذه الفترة لم تستمر طويلا  لكن لكونها كانت غزيرة بالطرائف و المواقف و الفتاوى الشاذه و خطابات مرسي التي اصبحت وقتها اشبه ببرامج التوك شو .

لقد اصبحت النكتة جزء من حياة المصريين ، نرسم معاناتنا بنكتة ، نسخر من فقرنا بنكتة،نلوم زماننا بنكتة ، نلخص فساد السياسة و السياسيين بنكتة . صحيح أن عنوان النكتة تغير مع بداية حكم الاخوان لكننا ظللنا نضحك ونسخر و ننتقد بشكل أو آخر من النكات لكن بعد ثورتين بذلنا فيهم كل ما هو غالي و ثمين من خيرة شبابنا و خير أجناد الارض عدنا لنفس المعاناة بل و أسوأ ، الفقراء لا زالوا تحت مستوى خط الفقر ،خطف القاصرات و المتزوجات تحت مسميات الاسلمة و غيرها ، طلب الاتاوات و التهجير و حرق الكنائس .

لقد فقد جزء كبير من المصريين إن لم يكن الجميع جزء هام من تكوينه و هي النكته أو مغازلة الواقع أيا كان بالنقد الساخر

ما عسى أن يكون هذا يا سيادة الرئيس في غياب نكتة المصريين  هل لاننا فقدنا الامل في المستقبل و بالتالي غابت البسمة و ظلت المعاناة  أم أننا في حالة صمت المترقّب لبصيص أمل وسط الغيوم من خلالكم كنتيجة لاختيارنا الديمقراطي لكم لتعيدوا للمصريين بهجتهم و آمالهم في العيش الآمن الكريم في وطنهم ...


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع