الأقباط متحدون - عقيدة اللفافة لا تزال تحكم
أخر تحديث ٢١:٣٣ | السبت ٢٧ اكتوبر ٢٠١٢ | ١٦ بابة ١٧٢٩ ش | العدد ٢٩٢٦ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

عقيدة اللفافة لا تزال تحكم

تقادم الخطيب معيد فى كلية الآداب جامعة المنصورة، وناشط سياسى وعضو فى الجمعية الوطنية للتغيير، وكان أحد أعضاء الجبهة الوطنية التى دعاها الدكتور محمد مرسى لشراكة وطنية جامعة.

تقادم الخطيب لا يدخن السجائر ولا يتعاطى الشيشة، التقيته على مقهى زهرة البستان ليلة محاضرة نعوم تشومسكى بجامعة القاهرة وتناولنا شوربة عدس مع مجموعة من أهالى شهداء الثورة وكتاب ومثقفين، ثم استأذن تقادم فى الانصراف كى يستعد للسفر لقضاء العيد مع أهله فى أقصى الصعيد.

وقبيل فجر أمس استيقظت على مكالمة من تقادم الخطيب يقول فيها إنه محتجز بمركز شرطة نقادة فى الأقصر، وأنه تعرض لاعتداءات بدنية وإهانات لفظية بذيئة من قبل ضابطين صغيرين برتبة ملازم أول، وأن أحدهما (اسمه موجود لمن يهمه الأمر) أخرج قطعة حشيش من جيبه وهدد تقادم بأنه سيضعها عنوة فى ملابسه ويلفق له قضية حيازة مخدرات.

القصة كما حكاها تقادم أن كمينا على الطريق استوقف المسافرين وتعامل معهم بشكل غير إنسانى، فاحتج على سوء المعاملة فكان أن تلقى وجبة ساخنة من الضرب والشتائم واقتيد لحجز مركز الشرطة معتقلا.

يذكر تقادم أنه قال للضابط الصغير إن ثورة قامت فى مصر من أجل الكرامة الإنسانية فكان رد الباشا «الثورة دى فى التلفزيون مش عندنا يا.. أمك» وواصل الضرب والبذاءة.

فيما بعد دارت اتصالات ومحاولات للتعامل مع الموقف حتى وصل الأمر إلى مساعد وزير الداخلية ومدير أمن الأقصر الذى أجرى اتصالا بتقادم لإنهاء المشكلة وكأن شيئا لم يحدث، والطريف أنه بينما المكالمة تدور، كان الضابط الصغير لا يزال يحاول الانقضاض على الخطيب والفتك به.

وحسنا فعل تقادم الخطيب حين رفض التصالح والذهاب لحال سبيله وتمسك بحقه فى الإدلاء بأقواله أمام النيابة (حتى عصر أمس كان لا يزال فى مقر النيابة) حيث رد الضباط بمحضر يتهمون فيه تقادم بالاعتداء عليهم بالضرب، فيما سقطت مزاعم الحشيش أو ألصقت بآخرين.

ولو رفعنا اسم تقادم الخطيب من القصة، ووضعنا اسم مواطن عادى ليس له نشاط سياسى ولا يشارك فى الشأن العام، فإن نهاية القصة بكل تأكيد ستأتى مغايرة تماما لما انتهت عليه.. ولاحظ أن كل عناصر تراجيديا استشهاد خالد سعيد توافرت فى موضوع تقادم، ضابط شاب فرحان بشبابه لا يعترف بثورة، وقطعة حشيش جاهزة للدس، وشاب يرفض الإهانة ويصمد أمام غطرسة الشرطى الصغير.. وعليه فإن التطور الطبيعى لهذه الوضعية أن ترتفع وتيرة الضرب والسحل، وغير مستبعد أن تصل إلى حد طلوع الروح، وبعدها يبدأ سيناريو اللفافة والبلعوم والطب الشرعى.

وما الذى يمنع حدوث ذلك وتكراره كثيرا، إذا كانت عقيدة الباشوات الصغار كما هى لم تتغير، ومادامت الثورة مجرد فعل تلفزيونى فقط ولا وجود لها على الأرض.

لقد وقف الدكتور مرسى يفاخر فى احتفالات أكتوبر باستعادة الأمن والسيارات المسروقة، غير أن السؤال هنا: أى أمن هذا الذى نتمنى عودته؟ الأمن على طريقة حبيب العادلى، أم الأمن الذى ينبغى أن يكون وعى درس الثورة وتغير؟

أحسب أن التعميم فى مثل هذه الأمور لا يجوز منطقيا، غير أن استمرار وجود هذه العينة من الضباط الصغار ينذر بأن خطرا داهما فى الطريق، وتذكروا جيدا أن شرارة ثورة ٢٥ يناير كانت مأساة قتل الشاب خالد سعيد على أيدى حضرات السادة الباشوات.

نقلاً عن الشروق


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع