CET 00:00:00 - 30/10/2009

مساحة رأي

بقلم: نبيل المقدس
سمعت أنه قيل عين بعين وسن بسن . وأما أنا فأقول لكم لا تقاوموا الشر , بل من لطمك علي خدك الأيمن فحول له الآخر ايضاً. متي 5 : 38 - 39 . يُعتبر المقطع الأول من هذه الاية ( عين بعين وسن بسن) من أقدم الشرائع فهو من زمن حمورابي الذي حكم بابل من سنة 2285 حتي 2242 قبل الميلاد . ويُعرف بقانون [ مبدأ المعاملة بالمثل] . لكن كان هذا المبدأ الذي طبقه حمورابي يشبه تماما ما يحدث لنا كأقلية هنا في بلدنا مصر ... فهذا القانون وُضع أصلا علي  أنه هدفاً للرحمة وللحد من الإنتقام ... لكنه كان  يُميّز بين الإنسان الأمير أو الغني وبين الإنسان الفقير والمغلوب علي أمره ... فلو قلع إنسان غني أو أمير عين شخص فقير أو قطع أحد أطرافه فعليه أن يدفع ثلث وزنة من الفضة ... أما في حالة لو قلع إنسان فقير عين إنسان غني أو أمير أو قطع أحد أطرافه فلا بد أن تُقلع عينه أو قطع نفس الطرف . أي أن في عصر حمورابي كان مبدأ [ المعاملة بالمثل] يُطبق فقط علي الفقراء فقط ....!!!
وسبب سن مثل هذا القانون في هذا العصرأن الناس كانوا يميلون للقتال وسفك الدماء ... وهي ليست شريعة همجية عنيفة ... بل هي بالنسبة لهذا الزمان كانت شريعة الرحمة , والحد من النزاعات الإنتقامية عند البشر. ففي النظام القبلي القديم , وعندما يحدث أن فرداً من قبيلة معينة تسبب في أذي لفرد من قبيلة أخري ,فإن كل أفراد القبيلة المُساء إليها يخرجون لينتقموا من كل أفراد القبيلة الأخري. هذا ما حدث في بلدة ديروط ... وكأننا ما زلنا نعيش عصر حمورابي ... شاب مسيحي  أساء لقبيلة تُدين بدين الإسلام عن طريق علاقة بينه وبين شابة منهم ... ماذنب أفراد القبيلة المسيحية  وممتلكاتهم وأماكن عبادتهم  حتي تستخدم أفراد القبيلة المسلمة و المُساء في حقها  ممارسة شريعة [ المعاملة بالمثل ] و بطريقة خاطئة , حيث أن هذه الشريعة  تكتفي بعقاب الشخص المُسيء وحده عقاباً مماثلاً لما إرتكبه من جُرم , كما أنها لم تكن تُعطي للفرد أو للقبيلة حق توقيع العقوبة علي من أساء إليهم , بل كانت هذه الشريعة دليلاً للقضاة في تحقيق العدالة ... وهذا ما كان يطبقهُ اليهود قديماً كما جاء في سفر تثنية 19 : 15 - 18 و حيث نري كيف أن كل قضية كان لا بُد أن يفحصها القضاة ويسمعوا الشهود.  

ومن العجب العُجاب .. في وقت ما يزال الطرف الآخر يستخدم هذا الأسلوب معنا بغض النظر عن مباديء أو عن شريعة لديهم ... نجد أن هذا الأسلوب من الشرائع ومع تقدم الإنسان ومنذ ألف سنة قبل الميلاد أي قبل ظهور الإسلام بشرائعه لم تعد تُنفذ  ... فنجد في سفر الأمثال الذي أ ُوحي به لسليمان قبل كتابة كتابهم الكثير من المباديء والتعليمات العملية التي لها تاثير ناجح علي  حياة  الفرد , وكلها تدعو إلي التوبة , ويعرفنا هذا السفر أن الله قد أعطي لمخلوقه كلمة إلهية , كما أعطاهُ أيضاً من لدنهِ حكمة بشرية والتي نسميها (الفطرة)..

وعليهما ( أي الكلمة الإلهية والحكمة البشرية ) يتصرف الفرد في حياته اليومية  بما تتطلب منه تطورات الحياة نفسها , فيتجنب الجمود والبقاء ساكناً في مكانه بلا حركة حتي ينغلق عقله ولا يري إلاّ نفسه . فسفر الأمثال مملوء بموضوعات شاملة ومنها مواضيع تخص العدل الإجتماعي مثلما جاء في 25 : 21 [ وإن جاع عدوك فأطعمه خبزاً وإن عطش فإسقه ماءً] .. وأيضا في 24 : 29 [ لا تقل كما فعل بي هكذا أفعل به , أرد علي الإنسان مثل عمله .]  كذلك جاء في لاويين أي العهد السابق  لسليمان هذه الآية التي تعبر فعلاً عن روح الرحمة الواجب أن نتحلي بها ففي 19 : 18 يقول الوحي [ لا تنتقم ولا تحقد علي أبناء شعبك , بل تحب قريبك كنفسك , أنا الرب.] 
شاب وشابة نزعا من ضميرهما الأخلاقيات , ومشيا وراء الإبليس , ونهلا من الخطية أسوء مافيها , وتحديا عقائدتهما المختلفتين , وتلاصقت أجسادهما أمام عيون الكاميرا ... قاصدين وعلي علم كل منهما , وإنغمسا في وحل النجاسة . أي أن المشكلة هنا ليست عن طريق خطف أو ليست عن إجبار وإغتصاب  أو ليست لإغراءات مادية أو ليست لتبشير أو دعوة كل منهما إلي عقيدة الآخر ... بل هي فساد وفجور . وليس بغريب أن نري هذا الفساد في أيامنا هذه, فسوف تجده كثيراً بين شاب وشابة أو رجل وإمرأة من نفس العقيدة , وهذا ما يدل عليه ما وصلت به أحوال مصر في جميع النواحي الديناوية.

فلماذا يطبقون شريعة حمورابي غير المُعدل ... لماذا تجّلت هذه النخوة والرجولة من القبيلة التي إصطدمت بهذا الفيديو الغليع لإبنتهم ولم يوجهوا طعناتهم المسمومة عليها ... أو حتي علي الأقل لم يوجهوا طعناتهم علي الشاب والشابة أصحاب الفضيحة نفسها . نحن من الطبيعي نُحمِل هذا الشاب ما حدث ... لكننا نحمل أهل الفتاة أيضا المسئولية لإستخدامهم هذه الشريعة بقيامهم بالإنتقام بحرق وقتل وهيجان بالطرق الغوغائية ضد أهل الشاب وضد مسيحي البلد وممتلكاتهم الشخصية وأماكن عبادتهم من غير ذنب. 
كما أ ُعيب علي هذا الشاب الذي أخذ بعضه وهرب تاركاً من ورائه مذبحة وهو يعلم تماماً خصائص هذا القوم .. لم يضع في حسابه ماذا سوف تكون العواقب علي إخوتِه المسيحيين .. ألم يكتفي بقتل أبيه علي أيديهم إنتقاماٍ منه. كما أنه أوضع الكنيسة في مواقف محرجة لإتهامها بأنها تخفيه أو علي علم بمكان إختفائه . 

أنا لست مع هذه الأحداث المريرة والتي كشفت فعلاً كراهية وحقد الآخرين علينا ... لكنني حزين أنني تأكدت فعلاً أن هناك من خفافيش الظلام تريد النيل من مصر الفرعونية , لتجعلها مصر الوهابية ... فعدم قتل إبنتهم يدل علي وجود هذا المُخطط من قبل هذه القبائل والتي جاءت وتغلغلت راكبة جِمال ماركة بوينج لكي تغرز سيف عقيدتهم في صدر مصر ... أنا لا أدين جميع الآخرين ... فلنا منهم الكثيرين يريدون أن يعيشوا معنا بمحبة , وقلبهم علي تراب مصر مثلنا تماماً ... وينادون بإستمرار بدولة حرة مدنية غير دينية ... لكن قبائل الشر أقوي منهم , وأقوي من الحكومة , والتي دائما تنادي بالوحدة بيدها الشمال وممسكة بيدها اليمين البند الثاني من الدستور . 

علينا أن لا نيأس ولا نستسلم .. لكن علينا أن نعيد ترتيب أوراقنا .. وأنا أتصور أننا لم تكن لدينا أوراق عمل من قبل لكي نرتبها .. لذلك حان الوقت أن نبدأ في  تسجيل  ماذا لدينا من قدرات لكي نزيل هذا التعصب والحقد الذي جاء إلينا من الصحراء . علينا أولا أن نتمسك بماديء حياتنا المسيحية , فمبدأ الثأر والمقابلة بالمثل محاه إلهنا المتجسد الرب يسوع المسيح ... فأصبحا لا مكانة لهما في الحياة المسيحية مهما حددناه ووضعنا في طريقه القيود. 
الآن حان الوقت علي الكنيسة من جميع طوائفها أن تلم أبنائها لكي ينهلوا مباديء الحياة المسيحية الحقيقية ويعيشون فيها حياة صحيحة خالية من الدناسة والنجاسة . علي الأهالي والعائلات التمسك بارض مصر ولا يشجعون ابنائهم علي تركها . علي كل من له خدمة روحية أو حياتية عليه أن يضاعف من مجهوده . علي أصحاب الأعمال أن يدخلوا في مجال السياسة أو يشجعون من لهم القدرة علي الدخول في الحياة السياسية ... علي كل مسيحي في أرض مصر من الصغير إلي الكبير عليه أن يعلم أنه لا ينبغي أن يرد الإساءة بمثلها ... بل بالحكمة والعمل الجاد والفطرة المملوءة محبة  ... كذلك بالإصرار المتواصل وعدم ترك الساحة لقوات الشر بأن تملأ أراضينا بل علينا المواجهة لهم بكلمة الرب أولاً ثم باعمالنـــــــــا وأخلاقياتنـــــــــا .  

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١١ صوت عدد التعليقات: ٢٥ تعليق