CET 00:00:00 - 23/09/2009

مساحة رأي

بقلم: سوزان قسطندي
أثارنى عنوان مقال للأخت الفاضلة محبة مترى كان قد نشر بالموقع يوم الخميس الماضى الموافق 17 سبتمبر وهو "الخلافات الزوجية.. بداية النهاية".. وبرغم أن محتوى المقال وهدفه جيد إلا أن عنوانه شديد السلبية، لأن الخلافات الزوجية هى أمر واقع وحتمى لا بد أن يجتاز به كل زوجين على وجه الكرة الأرضية- ما يجعل العنوان المذكور والمنذر أو الجازم بالنهاية (دون أن يحوى إشارات لحالات خاصة) يهدم فلسفة الزواج من أساسها !! (وهنا تأتى أهمية الحرص على إنتقاء الكلمات المناسبة والمعبِّرة عن المعنى المقصود- وهو أمر لا بد أن نتدرَّب عليه جميعنا).
نأتى لفلسفة الزواج لنقول أنها عميقة جداً وربما لا تستوعبها عدة مقالات أو عدة كتب..

 ولكنى سأركَِّز على نقطة واحدة ربما هى الجوهرية، وهى أن الزواج يعين الإنسان على التخلّص من الأنانية والفردية ويدرِّبه على قبول الآخر بل والتعاون معه فى شركة محبة، فهو يعين الإنسان على خلاص نفسه وخلاص نفس الآخر أيضاً.
الذات الإنسانية هى خليقة إلهية، وجميع ما خلقه الله هو حسن بل هو حسن جداً.. فالذات هى الوجود، الحياة، الدافع، القدرة الخ.. الذات هى الأنا.. وما من إنسان حى بلا أنا !! وبرغم القول الشائع "أعوز بالله من كلمة "أنا"، إلا أننا بدون تلك الأنا أموات !! فيجب علينا أن نفهم أن ذواتنا هى خليقة الرب الرائعة فلنشكر الرب ولنحب ذواتنا- فى الرب !!

ولكن بفعل إبليس وحسده للإنسان (تاج خليقة الله) تصيب تلك الذات الجميلة أمراضاً روحية كثيرة وخطيرة، لعل أشدها خطورة هو "تضخّم الذات"- وما ينتج عنها من أعراض الأنانية والتعالى على الآخر !!
ولعل أول أقوى مدرسة تضع الذات فى مواجهة حقيقية مع ذات أخرى: هى مدرسة الزواج !! إذ فيها يرى الإنسان ذاته كما فى مرآه - والمرآه هنا هى ذات الشريك الندّ (النظير) والذى من خلاله يرى الإنسان ذاته على حقيقتها !! وهنا يُختَبَر الإنسان !!
تأتى الصدمات حينما يكتشف الإنسان عيوبه - من خلال ردود أفعال شريكه على أفعاله !! وعندها تبدأ ذاته فى الثورة !! ويبدأ معدنه فى الظهور !! ونعرف إلى اى مدى قد تمكّنت أمراض الذات منه !!

الذات المريضة بالكِبَر (الكبرياء) ترفض الإعتراف بالخطأ وتلقى باللوم دائماً على الآخر..
والذات شديدة المرض (داء العَظَمة) تخشى مجرد المواجهة وتحاول تحطيم الآخر معتبرة إياه "عدو"  يجب صرعه..
وهناك الذات المريضة بالصِغَر (الدونية) - وهى التى لا ترى الحسن فى نفسها ولا العيب فى الآخر- فهى تدفن مواهبها وتحطِّم نفسها كمن ينتحر..
أما الذات الصحيحة فتحتاج لفترات وفترات من الصراع أو الجهاد الداخلى، والتأرجح ما بين محاسبة النفس ومعاتبة الآخر والوقوف بحسم مع النفس ومع الآخر فى صدق وجرأة، ولديها إستعدادات للتقويم المستمر- ولو كان بطيئا.. فلا هى تحطِّم الآخر ولا تسمح له بتحطيمها، بل بينما تقوِّم نفسها تقوِّم الآخر أيضاً.
ربما يبدو المقال فلسفياً جافاً خالى من الأمثلة.. ولكن ما أكثر الأمثلة الحياتية..
نتكلم كثيراً ونفعل قليلاً !!
ليتنا نتكلم قليلاً، ونفعل كثيراً.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٨ صوت عدد التعليقات: ٨ تعليق