(1857- 1941 )

إعداد/ ماجد كامل
من بين الرموز المصرية التي لعبت دورا هاما في حركة التعليم وكتابة التاريخ في مصر ؛ نذكر أمين سامي باشا (1857- 1941 ) فهو صاحب موسوعة بالغة الاهمية بعنوان " تقويم النيل " في ستة مجلدات كما سوف نري في ذلك المقال . أما عن أمين سامي نفسه ؛ فلقد ولد في سنة 1857 بقرية البرادعة مركز القناطر الخيرية بمحافظة القليوبية ؛ ولقد تدرج في مراحل التعليم المتاحة في عصره حتي تخرج من مدرسة المهندسخانة عام 1874 م ؛ ثم  عمل بعدها بنظارة المعارف  ؛ حيث عهد إليه بإنشاء مدرسة إبتدائية في المنصورة ؛فأسسها علي أحدث طراز في عصره ؛ وفي تلك المدرسة قدم  أسلوبا جديدا في التفكير ؛فكان يكلفهم بإعداد موضوعات معينة خلال الأسبوع ثم يحشد المعلمين وكبار الموظفين والنابهين ليتحدث إليهم الطلاب ؛كل في موضوعه من الذاكرة حديثا مرتجلا . كما اهتم فيها بالتربية الرياضية ؛ وإذكاء المنافسة بين الطلاب عن طريق الجوائز ولوحات الشرف وتنشئتهم علي المنهج العلمي الحديث ؛ وبسب كفاءته العلمية والإدارية عهد إليه في نهاية القرن التاسع عشر بنظارة دار العلوم ؛ وذلك في عهد نظارة مصطفي فهمي باشا ( 1895- 1908 ) ومن ضمن رؤيته التربوية ضرورة الاهتمام بالمدارس الصناعية والزراعية  مما يترتب عليه إرتقاء الصناعات الوطنية وإرتقاء أساليبها ؛ كما كان من أنصار تعليم البنات ؛ وقام بدعوة الشباب للعمل خارج دوائر الحكومة ؛ أما عن نظرته للتعليم الجامعي ؛ فقد طلب منها أن تكون معهدا للبحث الحر ؛ يتلقي فيها الطلبة طرق البحث وإجراء التجارب ؛ سعيا وراء الكشف  والإختراع والإبتكار في العلم والأدب والتاريخ والفلسفة ؛ وكان هدفه الرئيسي من إرسال الطلبة في بعثات علمية ليس الحصول علي الشهادات والدرجات العلمية ؛ وإنما جلب العلوم والمعارف ونشرها بين الأمة . ولقد عمل فترة في دار المحفوظات المصرية  . وتذكر بعض المراجع أيضا أنه هو صاحب فكرة إنشاء النادي الأهلي ؛ وتفصيل ذلك عندما أقترح عمر لطفي بك فكرة إنشاء نادي يحمل اسما مصريا خالصا ؛ وقام بطرح الفكرة علي مجموعة من أصدقائه منهم أمين باشا سامي ؛ ففكر في أسم "النادي الأهلي للرياضة البدنية " وقام بتصميم الشعار خال الملك فاروق محمد شريف صبري بك .

 ولقد عمل فترة من الوقت عضوا  في المجلس الأعلي للمعارف ؛وعضوا في مجمع اللغة العربية ؛ كما أنتخب فترة عضوا في مجلس الشيوخ منذ عام 1928 حتي وفاته عام 1941  عن عمر يناهز  66 عاما تقريبا . ( ذكرت بعض المراجع أن تاريخ وفاته هو 6 فبراير 1941 ) . ولقد شارك في تشييع جثمانه مندوب الملك ؛ وعلي باشا ماهر رئيس الوزراء السابق  ؛ ومصطفي النحاس زعيم حزب الوفد ورئيس مجلس الشيوخ ؛ وعبد العزيز فهمي باشا ؛ وأحمد باشا حسنين ؛ وتم تخليد أسمه بأن أطلق علي شارع رئيسي في حي السيدة زينب .


اما عن موسوعته الشهيرة "تقوم النيل " يذكر عنها الأستاذ الدكتور أحمد زكريا الشلق أنها موسوعة ضخمة تقع في ستة مجلدات ؛ أما عن محتويات المجلدات الستة فهي :-

1-المجلد  الأول :-ويحتوي علي مقدمة طويلة يوضح فيها أسس مشروعه ؛ثم أسماء من تولوا  حكم مصر ومدة حكمهم وشئون مصر الخاصة  ؛ وهو يتناول الفترة التاريخية الممتدة من الفتح الإسلامي لمصر ؛ وتعاقب حكام وولاة الدول الإسلامة عليها حتي نهاية عصر المماليك ؛ ليقف عند بداية دخول  الحكم العثماني لمصر .

2-المجلد الثاني :-     استكمل به حلقات تاريخ مصر من بداية الحكم العثماني مرورا بالحملة الفرنسية علي مصر وعصر محمد علي ؛ وينتهي بوفاة إبراهيم باشا عام 1848 .

3-المجلد الثالث :- ولقد تضخم منه كثيرا حتي أصبح ثلاثة مجلدات في وقت واحد حوت ( الثالث والرابع والخامس معا ) فلقد تناول الجزء الأول منه عصر عباس باشا ومحمد سعيد باشا ؛ بينما انفرد عصر إسماعيل ( 1863- 1879 ) بالجزئين الثاني والثالث بسبب توفر المادة العلمية ؛ ولقد تناول فيه أحداث هامة في تاريخ مصر مثل إنشاء السكك الحديدية ؛وتأسيس القناطر الخيرية ؛ وأوضاع الحكم في مصر والسودان ؛ وإنشاء المجالس والدواووين ؛ وعلاقات مصربالباب العالي ؛ وتأسيس مجلس شوري النواب .... الخ .

4-المجلد السادس والأخير :- وقد صدر كملحق وثائقي يحمل عنوان " ملحق تقويم النيل عن الجسور والقناطر والكباري والخزانات علي النيل ورفروعه بمصر والسودان ؛ ولقد تضمن خرائط وجداول وإحصائيات ورسوم توضيحية ( لمزيد من التفصيل يمكن مراجعة كتاب :- أحمد زكريا الشلق ؛ نهضة الكتاابة التاريخية في مصر من الحوليات إلي التاريخ العلمي ؛ دار الكتب والوثائق القومية ؛ مركز تاريخ مصر المعاصر ؛ سلسلة مصر النهضة رقم 84 ؛ الصفحات من 63- 66 ) .

وحول مصادر الكتاب ومنهج المؤلف يؤكد الدكتور أحمد زكريا الشلق أن أمين سامي  باشا قد كشف عن مقدرة عالية وتمكن في الإستفادة من المصادر بشكل علمي ؛ وربما كان هو  أول مؤرخي مصر الذين أستخدموا الوثائق التاريخية علي نطاق واسع ؛ كما أستطاع أن يخضع المصادر للنقد التاريخي من خلال مقارنة الرويات والتحقيق والتدقيق فيما ورد بها سعيا وراء الحقيقية ( نفس المرجع السابق ؛ صفحة 67 ) .

ولقد ذكر في كتابه أنه أستفاد كثيرا من كتاب عبد اللطيف البغدادي " الإفادة والإعتبار " وكتاب " ابن اياس " " نسق الأزهار في عجائب الأقطار " . ومن المصادر الحديثة أستفاد من كشف فيضان النيل ( 1050- 1215 ه ) الذي أعده المسيو لوبير أحد رجال الحملة الفرنسية علي مصر . وأستفاد كثيرا من محررات محمود باشا الفلكي ؛ واستفاد من جريدة الوقائع المصرية ؛ ووالخلاصة كما يؤكد الدكتور أحمد زكريا الشلق  أن المؤلف كان واعيا بتطور مناهج البحث في التاريخ ؛ بحكم ثقافته الكبيرة .  

بعض مراجع ومصادر المقالة :-
1-أحمد زكريا الشلق :- نهضة الكتابة التاريخية في مصر من الحوليات إلي التاريخ العلمي ؛ دار الكتب والوثائق القومية ؛ مركز تاريخ مصر المعاصر سلسلة مصر النهضة رقم ( 84 ) ؛ 2011 ؛ الصفحات من ( 55 – 71 ) .

2-أحمد منصور :- أمين باشا  سامي صاحب  موسوعة "تقويم النيل " ومقترح أسم النادي الأهلي ؛ جريدة اليوم السابع  ؛ 6 فبراير 2020 .
3-محمد مخلوف :- أمين سامي .... باشا التاريخ  المصري ؛ جريدة البوابة نيوز ؛ 6 فبراير 2021 .

4-ماهر حسن :- زي النهاردة .... وفاة المؤرخ والرائد التعليمي أمين سامي باشا 6 فبراير 1941 ؛ جريدة المصري اليوم ؛ 6 فبراير 2021 .
5- أميمة حسين ؛ رجال منسيون – علي ابواب المحروسة } أمين سامي باشا { ؛ 17 سبتمبر 2018 .

6-ماجد كامل :- أعلام مصرية ...... أمين سامي باشا صاحب موسوعة تقويم النيل ؛ موقع شروق نت ؛15 مايو 2021 .