زهير دعيم
يحلو لي في كُلِّ  مساء أن  أجلسَ على شرفة بيتي المتواضع المُطلّة على الشّارع العامّ ، استمع احيانًا الى ترنيمة ، أو أكتب قصيدة أو نجوى أو قصة ، أو اطالع مقالًا أو روايةً ، وأحيانًا أهيم بالسّماء فأروح أناجي خالقها الجميل . 
 
ولا يمرّ مساء متقدّم  أو متأخّر ، حتى يمرّ من تحت شرفة بيتي كوكبة من الشبيبة الصغار،  بل قل من الصّبيان والتي لم تتفتّح أزهارها بعد ، يحمل أفرادها أو جلّهم سجائر إلكترونيّة ينفثون دخانها بشغف،  وكأنّهم قبضوا على أعناق الأحلام ومرابع الأيام.
 
 فينقبض قلبي ... كيف لا ؟!! وهو يعشق الحياة ، ويمقت كلّ ظلٍّ أو خيال ظلٍّ يُعكّر صفو هذه الحياة ، فكثيرًا ما كتبت وتفوهّت ضدّ السيجارة التبغيّة العاديّة ، وحاولت جاهدًا أن اثنيَ الكثيرين وخاصّةً أحد ابنائي الذي تعاطاها ، الى أن نجحت فصفقتُ فرحًا . 
 
 وجاءت ميلاد هذه السيجارة ، فولدت في الصّين وترعرعت ونمت وراحت تنتقل وتحجّ الى كلّ البلدان حتى وصلت اقاصي الدُّنيا ، فانبهر بها الشباب وعشقتها الصّبايا ، فغدت امنية وحُلمًا وقصيدة أمل ! 
  لم يرق لي الأمر كما لم  يرق لكثيرين من الأهل الذين يعلمون - وقد لا يعلمون -  أنّ صغارهم يتعاطونها . 
فدخلت موقع عمو جوجل لأجد أنّها لا تقلّ ضررًا عن السيجارة التبغيّة ، فقد تُسبّب مرض السّرطان وقد تضرّ بجهاز التنفّس وتدعو  الكثير من الأمراض  لزيارة الأجساد ، فالنيكوتين فيها يسرح ويمرح ويزرع الحنايا والخبايا ضررًا وأذىً . 
 
 قال لي أحدهم : 
 انّها أخفّ ضررًا يا أستاذ ، فدخانها لا يؤذيك أنت الجالس على شرفة بيتك،  بل وحتى قبالتي حتى ولو كنت في متنزّه  ، بل أنك لا تشمّ كما السيجارة العاديّة رائحة التبغ ، فضحكتُ قائلًا : اذا كانت السيجارة العاديّة مُصيبتيْن يا هذا  ، فالإلكترونية في احلى الحالات  مصيبة تسرق الفرحة والصّحة وأحيانًا الحياة . 
 للأسف أقول ايضًا :  لقد أضحت هذه السّجائر موضة وظاهرة يتباهى بها طلّابنا وشبيبتنا ، وهم بعد في عمر الرّياحين والزُّهور... موضة تجرفهم الى حضنها المخمليّ !!! ثمّ  تروح وتقنعهم أنّها للحضارة عنوان وللرُّقيّ مظهر جميل .
 حان الوقت أن يلتفت الآباء والمُربّون الى هذه الظّاهرة المقيتة ، فيجتثونها من أصولها تارةً بالإقناع ، وطورًا بالمحاضرات والتوعية،  وأُخرى بالتأديب لو لزم الأمر. 
أتُراني سأردُّ الى قطيعي الجميل بعد هذه اللفتة الصادرة من القلب بعضًا من الخِراف الضّالّة ؟ 
  لعلّ وعسى !