نادر شكرى 

لاشك أن طريق الحوار والتعايش المشترك ، هو عمل يحتاج للعديد من الجهود ، فى ظل تصاعد خطاب الكراهية فى بعض المناطق ، ومحاولة تهديد التعايش المشترك ، والتقليل من الرصيد الإنساني ، ولذا ، حاول منتدى حوار منتدى الثقافات بالهيئة الإنجيلية ، على طرح العديد من المبادرات من خلال القادة الدينيين ، لنشر فكر التسامح  وقبول الأخر من خلال مبادرات للحوار والعمل المشترك ، وتدريب الشباب على الدفع للغة الحوار وليس التصادم .
 
ومن جاءت مبادرة شباب إمبابة بمحافظة الجيزة ، وهى إحدى المناطق التى سبق وشهدت العديد من أعمال العنف بين أصحاب الديانات ، ومنها الهجوم على كنيسة مارمينا وحرق كنيسة السيدة العذراء بشارع الوحدة ، ولاسيما لسيطرة التيار الدينى المتشدد على هذه المنطقة الكبيرة لسنوات طويلة ، ولذا طرح أحد الشيوخ والقساوسة مبادرة باختيار مجموعات من الأقباط والمسلمين معا ، والعمل على  تدريبهم حول ثقافة الحوار والتسامح ، وتم اختيار مجموعة من الشيوخ والقساوسة بمنطقة إمبابة ، وبدأ العمل على تدريبهم ، من أجل تشجيعهم على نقل ونشر هذاالفكر لشعب المنطقة لأنهم أكثر ارتباط ووصولا بأهالى المنطقة .
 
ومن طرح كلا من الشيخ أحمد عبد السعيد مدير الإرشاد والتثقيف بمديرية أوقاف الجيزة والقس بيشوى صفوت راعى الكنيسة الإنجيلية بأكتوبر ، هذه المبادرة بتدريب أول مجموعة ل 25 شيخا وقسيساً ، وركزت المبادرة على وضع مادة تدريبية عملية ، تهدف لخلق تفاعل بين القادة الدينيين من الجانبين ، وفتح حلقة من الحوار ، وورش العمل ، وطرح موضوعات مشتركة ، تمس البيئة المشتركة للطرفين ، وتعتمد على القيم الإنسانية المشتركة ، على أرضية مشتركة لجميع الأديان .
 
ولقد نجحت هذه المبادرة فى تحقيق تقارب ملموس ، وتحقيق أهدافها من خلال قيام القادة الدينيين فى تدريب مجموعات أخرى ، وإجراء مبادرات مشتركة وفعاليات متعددة من خلال أنشطة رياضية مشتركة ، وكرنفالات ، وقوافل طبية مشتركة لجميع سكان المنطقة ، كان الهدف منها كسر العزلة بين الجانبين وخلق حالة من الحراك والتفاعل ، على أساس أرضية المواطنة والتعايش الإنساني .
 
وبعد نجاح أول مبادرة من نوعها ،تم التوسع فى هذه المبادرة لزيادة عدد المشاركين ، لتدريبهم لتوسيع رقعة التفاعل ، وزيارة القساوسة والشيوخ معا للمنازل وللمدارس وقصور الثقافة ، وهى صورة جديدة ، كانت تجد ثمارها على أرض الواقع بين سكان المنطقة بالتأكيد أن الأديان تعمل معا من أجل الإنسان وليس لأجل صراع ، وما يتم تصديره  من أفكار غريبة تعمل على الكراهية ورفض الأخر ، لا يتفق مع رسائل الأديان السماوية ، التى تعمل من أجل رفعة الإنسان ، والعمل معاً لأجل الخير والتعايش .
 
ونظرا لدور رجال الدين فى المجتمع المصرى وتأثيره على المواطن ، جاءت فكرة البدء برجال الدين ، وتدريبهم ، لمناهضة التعصب الفكر المتطرف ، ولكن من خلال العمل على أرض الواقع وليس بالشعارات والكلمات المعتادة " وفكرة عاش الهلال مع الصليب " ولكن من خلال فكرة قبول الأخر الذى يعيش معى ، والعمل معا من أجل المجتمع والوطن والإنسان.