لم تكد أنوار الفرح الملونة تنطفئ، سعادة غامرة تغزو القلوب، رغم نهاية الزفاف السعيد، إلا أن ليلة العروسين لم يسدل ستارها بعد، توجها معا إلى أحد المنازل، لتناول العشاء المجهز لهما خصيصا، لكن سرعان ما تلاشت الفرحة بوعكة صحية مفاجئة، أعقبتها حالة من الذهول والقلق تمكن فيها الحزن من القلوب، جرت في ذيلها أيام من الترقب والشكوك والضبابية، حتى حانت مشيئة الله وتحول الفرح إلى مأتم، ونصب سرادق العزاء مكان الكوشة، «العريس مات».

رحيل غامض وتفاصيل صادمة
ساعات قليلة قضاها العريس الشاب محمد كامل الغرابلي، سائق، من قرية صول مركز أطفيح بالجيزة، مع عروسته قبل أن يخلعا ملابس الزفاف، لينقل في نفس الليلة إلى المستشفى في حالة صحية حرجة، استقر على أثرها داخل غرفة العناية المركزة، حتى غادر الحياة بعد أسبوعين من زفافه، لتنتهي آلامه المفاجئة المحاطة الغموض والتفاصيل الصادمة، التي يرويها لـ«هن»، جاره وصديقه المقرب عبد المحسن دويدار.

نكسة ليلة الفرح
ذهب الغرابلي، البالغ من العمر 23 عاما، إلى منزل أحد أقرباء عروسته، وهناك انتظره عشاء العرسان، إلا أنه في خلال دقائق قليلة شعر بتعب شديد، نقل على إثره للمستشفى، وبشهادة جاره وأصدقائه، لا يمكن أن يتناول العريس أي نوع من المسكنات، أو الأقراص والعقاقير المخدرة والمنشطة التي يلجأ إليها البعض ليلة الزفاف، خاصة أنه يتمتع بسيرة حسنة وسلوكيات مثالية، ووالده مؤذن في المسجد، ويعملان باليومية، ولا يهمهما غير رضا الله عليهما: «العريس ده كان طبيعي جدا، مفيش أي مشكلة، فجأة بدأ يتقيأ دم، وهو مش بيتعاطى مخدرات، هو متربي كويس جدا، مفيهوش جدال».

مرض العريس الغرابلي
طوال حياته عاش الغرابلي، حياة صحية، لم يشتك من أي مرض يذكر، فضلا عن صغر سنه، إلا أن تقيؤ الدماء، وألم المعدة، كان حولهما الكثير من الغموض، خاصة أنه أصيبا بهما بعد تناول وجبة عشاء العرسان، واستمرت الأوجاع على مدار أسبوعين، قضاهما داخل مستشفى معهد ناصر، تدهورت خلالهما حالته من سيئ إلى أسوأ.

وسط ذهول الأهل والأصدقاء، شخص الأطباء الحالة بسرطان الدم، وقرروا تغيير دماء العريس، أكثر من مرة، دون جدوى، حتى تعقدت الأمور كثيرا، بعدما أصيب بشلل نصفي، وتضاعفت الحقن والأدوية والعقاقير بشكل يومي، لكنه لم يستجب لأي من العلاجات التي وضعها الأطباء، الذين سحبوا عينات من عاموده الفقري لفحصها وتحليلها.


«إزاي يحصله كده بين ليلة وضحاها، وهو اللي عمره ما أخد قرص إسبرين؟»، تساؤل مثير للشكوك، دفع الأهل إلى التفكير في الاستعانة بـ«شيوخ»، لمعرفة سبب مرض الشاب، إلا أنه لا جديد حدث، حتى مات العريس في نهاية المطاف، تاركا جدلا كبيرا حول أسباب الوفاة.

دُفن الشاب واشتعل صراع المرض والسحر
توفي العريس صباح اليوم، وودعه الأهل والأحباب، عقب صلاة العصر، إلا أن الغموض ما زال يحيط بالوفاة، في ظل عدم قناعة المقربين إليه بإصابته بسرطان الدم، إذ ترسخت في أذهانهم قناعة، بأن السحر له دور رئيسي في مرضه، على حد قول صديقه: «جابوله شيوخ كتير جدا، وكل اللي جاله قاله معموله سحر، وأكل دم حيض، بس مفيش حاجة ممكن تأكد ده أو تنفيه، الغريب أنه تعب في ليلة الدخلة، وملمسش عروسته، وهي لسه بكر».