الأنبا موسى
- يقول يشوع ابن سيراخ: «الحياة والموت من عند الرب» (سيراخ 14:11). ويقول القديس بولس الرسول: «إِنْ عِشْنَا فَلِلرَّبِّ نَعِيشُ، وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَمُوتُ. فَإِنْ عِشْنَا وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَحْنُ» (رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 14: 8).

إن سألت مجموعة من الأشخاص العاديين ما هى علامة وفاة الإنسان؟ لاتفقت إجابتهم. أما إذا سألت نفس السؤال لمجموعة من الأطباء والعلماء ورجال القانون فى بلد متقدم مثل أمريكا، لاحتاجوا إلى عقد ندوة وقد يتفقون، أو لا يتفقون فى النهاية.

إن التقدم العلمى جعل الرأى الشائع الذى يحدد وفاة الإنسان بتوقف التنفس ونبضات القلب، أمر يخالف الواقع العلمى والعلمى. ومن أشهر الأمثلة العملية: مثل المريض فى غرفة الإنعاش، الذى يوضع على الأجهزة الطبية التى تجعل القلب ينبض والتنفس مستمرًا، مما يجعل الإنسان - حسب الرأى الشائع لتحديد الوفاة - ضمن الأحياء. بينما من الناحية الطبية والعملية هو إنسان ميت، إذ بمجرد نزع هذه الأجهزة يتوقف القلب فورًا عن النبض. كما أن استمرار وضع المريض على الأجهزة الطبية، لا يؤثر على تقدم حالة المريض.

التقدم العلمى جعل تحديد وفاة الإنسان أمرًا أكثر تعقيدًا من مجرد توقف نبضات القلب وحركة التنفس. فنزع الأجهزة الطبية عن المريض فى غرفة الإنعاش، لابد أن يسبقه إعلان أكيد لوفاة المريض، وإلا نكون أمام جريمة قتل.

لذلك يتجه العالم حاليًا لتحديد وفاة الإنسان بموت المخ Brain Death.

ما معنى موت المخ؟ وما علاماته؟
المقصود بموت المخ هو توقف المخ تمامًا عن العمل، نتيجة تدمير خلاياه تدميرًا كاملاً. فقد يتوقف المخ عن العمل لفترة مؤقتة، مثل حالات الغيبوبة، أو تتوقف بعض وظائفه، ولكن هذا لا يعنى موت المخ. ولقد وضع الأطباء علامات إكلينيكية يمكن بها إعلان موت المخ. من أشهر هذه العلامات ما وضعته كلية الطب بجامعة هارفارد الأمريكية التى تسمى معايير هارفارد Criteria Harvard لتحديد وفاة المخ وهى تشمل أن يعلن الكشف الطبى على المريض الآتى:

1- عدم الإحساس أو الإدراك Unreceptively.

2- عدم الاستجابة بمؤثرات Unresponsiveness.

3- عدم وجود أى حركات تلقائية Spontaneous Movements ومنها التنفس التلقائى.

4- عدم وجود أى فعل انعكاسى Absent reflexes.

5- حركة حدقة العين Fixed dilated Pupils.

6- أن تستمر هذه العلامات لمدة لا تقل عن 24 ساعة.

7- أن يتم تأكيد نتائج الكشف الإكلينيكى برسم المخ EEG الذى يظهر باستمرار عدم وجود أية وظائف للمخ خلال فترة 24 ساعة.

لقد وجدت هذه المعايير قبولاً فى الأوساط الطبية، واعتبر وجودها دليلاً قاطعًا على توقف المخ تمامًا ونهائيًا عن العمل، بسبب تدمير خلاياه. واعتبر الأطباء أنها سبب قاطع لإعلان وفاة المريض.

لا يفوتنا أن نذكر أن هناك فرقًا بين موت المخ بمعنى توقف جميع وظائفه، وفقدان العقل. فالإنسان الذى يفقد عقله، هو كائن حى فقد بعض وظائف المخ، ولكن ليس كلها. فهو لايزال يدرك ويحس ويتحرك ويتنفس... إلخ.

الوضع القانونى:
- يحدد القانون المصرى القائم الوفاة بتوقف نبضات القلب نهائيًا، وكذلك العديد من بلاد العالم. ففى أمريكا مثلاً تحدد الوفاة فى قوانين أغلب الولايات الأمريكية بتوقف نبضات القلب والتنفس نهائيًا. ولقد قامت مؤخرًا عدد من الولايات بتغيير قوانينها، ليكون تحديد الوفاة إما بتوقف نبضات القلب والتنفس نهائيًا، أو توقف وظائف المخ توقفًا تامًا.

- إن قصر تحديد الوفاة بتوقف نبضات القلب يوجد وضعًا قانونيًا لا يواكب التقدم العلمى، ويجعل نزع الأجهزة الطبية عن المريض الذى يتوقف قلبه عن العمل جريمة قتل من الناحية القانونية. لذلك يطالب الأطباء بتغيير القانون ليواكب التقدم العلمى. فى الوقت نفسه فإن تحديد الوفاة بموت المخ سوف بفتح المجال أمام الاستفادة بنقل الأعضاء من المتوفين حديثًا. فهناك فارق زمنى بين توقف المخ تماما عن العمل (الوفاة) وتحلل الأعضاء والخلايا. (يتبع).
نقلا عن المصري اليوم