هاني صبري - المحامي
 
في تقديري أن وضع موكيت في الأرضية عليه رسم الصليب غير مقبول بالمرة لأنه يجرح المشاعر الدينية ويمس كرامة كل مسيحى وفيه إهانة علانية للمسيحيين. وأن الرسم يمثل إيماء مستفزا وينم عن فساد فى الذوق، ويمكن أن تستشعر منه الإهانة للمسيحية فى عقيدتها وشعائرها، وهذا الرسم يتسم بأنه ذات طابع مسيئ ، ومزدري للعقيدة وليس له ما يبرره علي الإطلاق. 
 
وأن دار الأوبرا هذا الصرح الكبير الذي نعتبره من احد أهم منارات التنوير لبناء الإنسان المصري أساءوا تقدير الموقف، لأن ما فعلوه تسبب فى جرح مشاعر كثير من المسيحيين فإن الأمر تجاوز الحدود المقبولة لحرية التعبير، ولا يبرره أى هدف أعد من أجله، وإنما جاء فى صورة امتهان وازدراء، وليست الإهانة جزءا من حرية الرأى أو المناقشة العلمية أو الفلسفية، والتى يجب فى المسائل الدينية مراعاة مشاعر الآخرين وأن تكون التصرفات مدروسة ومنضبطة وليس لمن توسل بما وصل إلى حد التعدى أن يتذرع بتلك بالحرية ولا أن يحتمى وراء حرية التعبير أو عدم المعرفة، فهو تعدى قد يثير فى النفوس الغضب والتعصب، وقد يصل إلى التحريض على التمييز العنصرى والبغض الطائفى.
 
ومن حق الفرد التمتع الآمن بحرية العقيدة، وإن هذا الحق يُنتهك إذا كانت الطريقة التى يتم بها نقد العقيدة الدينية تتضمن فى ثناياها تحقير منها أو سخرية علنية أو تكون مستفزة وبلا مبرر أو موجهة لأحداث ورموز دينية أساسية بعيدا عن أى حوار للأفكار.
 
أن حرية الاعتقاد والرأي مكفولة بمقتضي الدستور لكن هذا لا يبيح لمن يجادل في أصول دين من الأديان أن يمتهن حرمته أو يحط من قدره أو يزدريه عن عمد، فليس له أن يحتمي في ذلك بحرية التعبير ، وإنما تضع مرتكب تلك الجرائم تحت طائلة القانون. 
 
وأن وضع رسم الصليب علي موكيت في الارضيّة بالمسرح لتدوسه الأقدام يعد جريمة ازدراء للدين المسيحي مكتملة الأركان.
 
ويستفاد ذلك من نص المادة ( 98 و) من قانون العقوبات تنص علي "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تجاوز خمس سنوات أو بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه، ولا تجاوز ألف جنيه كل من استغل الدين في الترويج بالقول أو بالكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية".
 
والقانون يعرف جريمة ازدراء الأديان بأنها احتقار الدين، أو أحد رموزه، أو مبادئه الثابتة، أو نقده أو السخرية منه بأي شكل من الأشكال، أو إساءة معاملة معتنقيه، لأن مثل هذه السلوكيات هي التي تثير الفتن، ومن هنا، فإن الهجوم بأي شكل على كل ما يتعلق بالدين يعد ازدراء له، وأن الازدراء أو التجديف هو عدم إظهار تقدير أو احترام تجاه مقدسات في الديانات الإبراهيمية، أو الأعتداء علي قدسية الاعتقاد الديني والإساءة للدين ، ومهاجمة العقيدة ، والذي يعبر عنه بالتطرف الديني، إما باحتقاره، وإهانة الدين، أو التشدد المخل، وهي الصورة الأكثر انتشارا.
 
كما تنص المادة 160 من قانون العقوبات المصرى على انه "مع عدم الإخلال بأى عقوبة أشد يعاقب بالحبس مدة ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن ألف جنية ولا تزيد عن 5 آلاف جنية كل من شوش على إقامة شعائر ملة أو دين أو احتفال أو رموز أو أشياء أخرى لها حرمة عند أبناء ملة أو فريق من الناس.
 
وكل من حرض واحدا أو أكثر على ارتكاب جناية أو جنحة بقول أو صياح جهر به علنا أو بفعل أو أشياء صدر منه علنا ويكون الفعل أو الإيماء علنيا إذا وقع فى محفل عام أو طريق عام أو إذا وقع بحيث يستطيع رؤيته من كان فى مثل ذلك الطريق أو المكان ، أو بكتابة أو رسوم أو صور شمسية أو رموز أو أية طريقة أخرى من طرق التمثيل جعلها علنية أو بأية وسيلة أخرى من وسائل العلانية يعد شريكا فى فعلها ويعاقب بالعقاب المقرر لها إذا ترتب على هذا الإغراء وقوع تلك الجناية أو الجنحة بالفعل، أما إذا ترتب على التحريض مجرد الشروع فى الجريمة فيطبق القاضى الأحكام القانونية فى العقاب على الشروع.
 
يجب أن يسود بيننا روح التسامح وأن نتقبل الاختلاف وأن نحترم معتقدات الآخر، وأن يكون ذلك بروح من التسامح المتبادل.
إحقاقا للحق الأستاذة الدكتورة وزيرة الثقافة مواقفها الوطنية داعمة للمواطنة ونشر الوعي والتنوير وقيم المحبة وقبول الآخر بالتأكيد ترفض هذا الأمر.
 
وبناء عليه نطالب السيدة الاستاذة الدكتورة / وزيرة الثقافة بصفتها ، ورئيس دار الأوبرا المصرية بصفته، فتح تحقيق عاجل في هذا الأمر ورفع الموكيت الذي به رسم الصليب من أرضية صالون المسرح الكبير بدار الأوبرا فوراً ، وإحالة من ارتكب هذا الفعل إلي النيابة العامة لاتخاذ شؤونها، مع حفظ كافة حقوقنا الأخري.