زهير دعيم
اشتقنا الى حقائب السَّفَر. 
اشتقنا الى أنْ نُحلِّقَ فوق السّحاب . 
 اشتقنا الى رفقةٍ جميلةٍ وجلسات أُنسٍ في حضن الطّبيعة الخلّابة ، فأنا من أولئك الذين يروْن الربّ من خلال مخلوقاته وطبيعته الأخّاذة، فليس هناك أجمل وأحلى من أن تحتسي فنجانًا من القهوة  او تتناول طعام الفطور في مركب أو على ضفة نهر جارٍ أو بحيرة هامسة ، فتسرقك من ذاتك ومن همومك بعيدًا بعيدًا.
 
وأستفيق من تخطيطاتي،  فأبتسم وأروح أتذكّر السنة الفائتة ؛ سنة الكورونا  ؛ هذا الوباء اللعين الذي شلَّ الانسانية وزرع النفوسَ كلّها رُعبًا وخوفًا وقلقًا...  
 لا سقى الله تلك الأيام ولا ذكرها بالخير ، فقد كانت كابوسًا ربض فوق صدورنا ، فحفر في وجداننا جروحًا ما زالت تنزف. 
 
   حقيقة عدنا او كدنا نعود  -  وما احلى العودة   - الى الحياة الطّبيعيّة في بلادنا وفي العالم كلّه ، فالمتعة كلّ المتعة في أن ترى الملاعب الخضراء ايضًا تعجّ بالمُشجّعين الصّارخين والهاتفين لفريقهم ، فمباريات كرة القدم تفقد الكثير من رونقها بدون تواجد الجماهير،  تملأ الملاعب الخضراء ، وتصرخ وتُصفّق وتتمايل حتّى ولو تواجد ميسي هناك ورونالدو ونوير وسواهم ... خاصّة ونحن اليوم على أعتاب وأبواب كأس اوروبا  في كرة القدم ، حيث تتلاقى فيه العمالقة في مبارياتٍ  لطالما  انتظرناها وتصفياتٍ لطالما اشتقنا لها ..
 
  لقد انفلتنا كما ينفلت العُصفور من الفخّ ، وعادت الحياة طبيعيّة أو كادت ، تجري بهمسٍ نحو فجر جديد ينبثق من ليلٍ أغرق بالظُّلمة المسكونة برمّتها.
  نعم اشتقنا الى حقائب السَّفَر والى فندقٍ " يتربّعُ" حينًا في قلب الطّبيعة الغنّاء ، واخرى في شارع يعجّ بالحياة ويمور بالضّجيج ولكل واحد رونقه.
 اشتقنا... وما احلى الشّوق والاشتياق الى آتٍ جميل يُنسينا هموم الماضي المعتم ويضع على رأسه " ألف حجر " .
 
  اشتقنا الى الأفراح والمُتنزّهات والليالي المِلاح .. 
اشتقنا الى زمن نلوّن فيه أيامنا بصباحات نديّة ، عطرة وشذيّة.
  اشتقنا والله اشتقنا.