سحر الجعارة
«سلم عقلك».. أنت أمام الشيخ خالد الجندى، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أمام نجومية ضد الكسر، وفتاوى مشاغبة مثيرة للجدل، ورصيد من المواقف المتناقضة.. لكنك فى النهاية سوف تقدر «خفة ظله» وكفاحه الطويل ليجلس على ذلك المقعد الوثير أمام الشاشة.

آخر مرة كتبت عن «الجندى» حين أطل علينا متمرداً فى برنامج «لعلهم يفقهون»، المذاع على فضائية DMC، محذراً ومنبهاً: «وقّفوا مهزلة الطلاق الشفوى، لا يوجد طلاق شفوى الآن، بعدما استقرت الدولة، وهذا فقه الدولة، الذى سنلقى الله به يوم القيامة، لا يوجد طلاق شفوى، اقتدوا بكل دول العالم الإسلامى، ما عدا دولتين، مصر من بينهما، كل دول العالم الإسلامى ألغت ما يسمى بأكذوبة الطلاق الشفوى».. وثمَّنت موقفه الذى تعارض مع رؤية المؤسسة الدينية الرسمية «الأزهر»، التى تقول بوقوع الطلاق الشفوى.. خصوصاً بعد «صدام سابق بين الجندى وشيخ الأزهر».

لكن «الجندى» فعلها، ولا أحد يدرى حساباته آنذاك، انحاز لاستقرار الأسرة المصرية.. وقدم فتوى معتدلة وسطية بعد فترة عداء معلن مع بعض رموز الاستنارة.

ورغم أن مشاهدة «توم وجيرى» حرام، بزعم أنهما يختزنان رؤية داروينية معلمنة، إلا أن هذا سوف يظل شكل العلاقة بينى وبين الشيخ «خالد»!.

«الجندى» ظهر -مع بداية رمضان- فى برنامج «لعلهم يفقهون»، ليبشر المسلمين بـ«جواز صيام الزوجين فى حالة الجماع ناسيَين، لأنها لا تفسده، وفق أحكام مذهب الإمام أبى حنيفة».. والصائم الذى لا يتذكر -عادة- إلا موعد الإفطار، تلقى الصدمة ونسى أن يسأل: لماذا وكيف؟. ومع اعتياد الصيام بدأ الصخب: تُرى فى أى مرحلة ينسى الزوج؟.. هل مع اشتعال الرغبة أم مع التهيؤ للجماع أم قبل الإيلاج أو بعده؟.. وماذا يفعل إذا تذكر خلال مباشرة زوجته هل يتوقف ويمتنع عن القذف.. وما حكم الدين هنا؟.. واعتبر البعض أننا نناقش قضية هزلية، وأن السحور ربما كان به مخدرات (الدكتور «على جمعة» مفتى الجمهورية السابق قال إن شرب الخمر أو تعاطى المخدرات بعد أذان المغرب لا يفسدان الصيام، وأوضح قائلاً: إنها من الكبائر، لكن ارتكاب المعاصى لا يفسد فرض صلاة الإنسان ولا صيامه طالما كانت الصلاة أو الصيام مكتملَى الأركان)!.

تخيل هذا المشهد: زوجان على السحور مع قليل من الخمر وتدخين المخدرات.. ومع أذان الفجر تبدأ الصلاة والصيام.. ملحوظة: (هذا المشهد لو كتبه سيناريست فى فيلم يمنع من العرض).. هل تتخيل أن الزوجين سوف يبدآن صيامهما بالذكر أو يتذكران أننا فى شهر رمضان؟!.

الرد يأتيك من الشيخ «خالد» نفسه: (إن الفقهاء لا يستظرفون ولا ينكتون، لأنهم مروا على الحالات الخمس التى يمكن أن يقع فيها الجماع أثناء الصيام، التعمد، الجهل، الإكراه، الخطأ، أو النسيان).. ولا أدرى لماذا لم يجتهد «الجندى» هذه المرة ويلتزم بالنص القرآنى.. ولا أدرى أيضاً كيف يكون الإكراه أو الخطأ.. نحن «جهلة» كما وصفنا وهو أدرى بميكانيزم العلاقة الجنسية.

لكنه يتمسك بالنص ليؤكد أن عدم تذكير الزوجة لزوجها «الناسى» طبيعى فـ«حواء» لم تذكر «آدم» عليه السلام بخطئه!!. اللطيف فى «فوازير خالد الجندى» أن الناسى ليس عليه كفارة ولا قضاء.. (ما تبسطهاش أوى كده)!.

كنت أتمنى أن يتمسك «الجندى» بالوسطية، لكنه انتقل من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار.. وذنب كل «مُكره» على الجماع أثناء الصيام فى رقبته!.
نقلا عن الوطن