قرأتُ تصريحًا منذ أيام قليلة، أنه سيتم افتتاح 57 مسجدًا جديدًا فى 9 محافظات، ومنذ شهور قليلة قرأتُ أيضًا تصريحًا مُمَاثلًا، عن بناء وافتتاح عدد من المساجد، فى القاهرة ومحافظات أخرى.


تقريبًا، بين كل فترة وجيزة وأخرَى، أقرأ عن بناء وافتتاح مساجد للصلاة. وتساءلتُ هل هذا ما فهمته المؤسَّساتُ الدينية الرسمية، عمّا قصده الرئيسُ السيسى، عندما طالبَ بتجديد الخطاب الدينى فى آخر عام 2014؟.
 
إن حل المشكلات يبدأ دائمًا بالتشخيص السليم، وإلّا جاء العلاجُ بلا فائدة، وبلا معنى، وفى أغلب الأحيان تسوءُ المشكلة أكثر، ونكون قد تكلفنا المال، وبذلنا الجهدَ، وضيّعنا الوقتَ، عَبثا، وهدرًا. 
 
إذن تؤكد التصريحات التى نقرأها بلا توقف، عن ترميم وبناء وافتتاح المساجد والجوامع، أن بعض المؤسَّسات الدينية الرسمية فى البلد، قد شَخّصَت مشكلة المسلمات والمسلمين، هى « نقص فى عدد المساجد والجوامع»، وأن تجديد الخطاب الدينى، لا يعدو أن يكون إلا تجديدًا للمساجد والجوامع، وأن نقص التدين الحقيقى، هو نقص فى الصلاة، وأن «الإسلاموفوبيا» سيزول بازدياد ساحات الصلاة.
 
إن حال المسلمات والمسلمين فى مصر، يؤكد بألف مليون دليل وظاهرة، أن مشكلاتهم لا علاقة لها بعدد دُور العبادة. وتأمل حال الشابات والشباب المسلم، الذى يكتئب، أو ينتحر، أو يعتكف، أو يهاجر إلى بلاد «غير إسلامية»، ليس سببه أنهم حينما يريدون الصلاة لا يجدون مساجد تكفيهم. وعندما تصفعنا الإحصاءات والأرقام، أن البلاد الإسلامية فى ذيل دول العالم، من كل النواحى، فى نوعية الحياة، وصحية البيئة، ومستوى الجامعات، والمستشفيات، والمدارس، والخدمات العامّة، ومكانة النساء، وسعادة الطفولة، والبحوث العلمية، وحريات التعبير والنقد، وعُمق الإعلام، وحرية الدين والعقيدة، ورُقى الإبداع، وعدالة قوانين الأحوال الشخصية، وانحسار الإرهاب، وغيرها من ضرورات التقدّم الإنسانى، ومؤشرات التحضُّر الفكرى، والتمدُّن، حتى فى حدودها الدنيا.
 
وعندما تنبغ امرأة مصرية مسلمة فى الخارج، بعد أن تركت عالمها المسلم، وتتفوق حتى على نساء البلد المهاجر إليه، فى أى مجال، أيكون هذا بسبب أنها لم تجد فى وطنها، أماكن كافية لصلاة النساء؟. وعندما يشيد العالمُ كله بإنجازات رجل مصرى، فى الطب أو العلم، ترك مصر، واستوطن بلدًا يصفونه بأحد بلاد الغرب «الكافر»، أيكون بسبب غضبه؛ لأنه كلما حان وقت الصلاة، لا يجد له مكانًا؟. 
 
 نسيت أن أوضّح شيئًا، مرتبطا بهذا الموضوع، أننى كنت أكتب هذا المقال وقت صلاة العصر، وإمام المسجد المجاور لبيتى، يمسك بالميكروفون بصوته المرتفع جدّا، لمدة نصف ساعة. ويوميّا يحدث هذا. ماذا نصف هذه السلوكيات؟.   
 
من واحة أشعارى: 
 
عواطفى لا تُباع ولا تُشتَرَى 
 
حتى فى أزمات الكساد
 
تستعصى على كل ثمَن 
 
لا يهمنى مرور السنين
 
 واندثار العمر 
 
فأنا لا أنظر ورائى 
 
وأدوس على الزمن.  
نقلا عن روز اليوسف