أصدرت محكمة الجنح حكمًا فريدًا من نوعه لصالح المحامي عبدالله البلتاجي وكيل المُدعي، برئاسة المستشار أحمد عزت، وحضور إسلام عبية وكيل النائب العام، وأمانة سر محمد خليفة بحبس متهم لمدة 6 أشهر وكفالة ألف جنيه، وإلزامه بأداء مبلغ 5 آلاف جنية تعويض مدني على خلفية الشهادة الزور في القضية المقيدة برقم 2301 لسنة 2020.

 

الوقائع

تخلص الواقعة فى أن المدعي بالحق المدني عمرو إبراهيم محمد قد أقام دعواه بطريق الإدعاء المباشر ضد وائل ثابت رفاعي بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة على سند من القول شهادة المتهم زورا ومخالفة الواقع والحقيقة في جلسة التحقيق بالدعوى رقم 1720 لسنة 2017 بمحكمة أسرة بورسعيد مما ألحق بالمدعي أضرارا أدبية ومادية.

 

طالب المحامي عبدالله البلتاجي وكيل المُدعي، في ختام الدعوى بمعاقبة المتهم، وتوقيع أقصى عقوبة عليه وفقا لنصوص المواد القانونية (294، 296، 297، 298)عقوبات، وكذا بإلزام المتهم بأداء مبلغ خمسة آلاف جنيه على سبيل التعويض المؤقت.

الموضوع

وعن موضوع الدعوى فإنه لما كان من المقرر بنص المادة 296 من قانون العقوبات: أن كل من شهد زوراَ على متهم بجنحة أو مخالفة أو شهد له زورا يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين، ومن المستقر عليه فقهاَ أنه يشترط توافر ثلاث أركان لتلك الجريمة:

 

أولاً/ تغيير الحقيقة في شهادة يمين أمام القضاء:

فمن المتفق عليه أنه يلزم أن يكون الشاهد قد حلف اليمين أمام المحكمة، ولم يغير شهادته الزور قبل إنتهاء المرافعة لأن الشهادة الزور المعاقب عليها هي التي تحدث أمام القضاء وليس أمام أي جهة أخرى، وذلك إعمالا لنص المادة 283 اجراءات جنائية.

 

ثانيًا/ القصد الجنائي:

جريمة الشهادة الزور من الجرائم العمدية التي لا يعاقب عليها قانوناَ إلا عند توافر القصد الجنائي فالقانون لا يعاقب الشاهد إذا أخطأ وإنما يعاقبه إذا كذب عن علم وإرادة، فلا يكفى للعقاب أن يكون كذب الشاهد ناشئاَ عن عدم احتياط أو عن تسرع في إلقاء أقواله أو عن ميله إلى المبالغة عن حسن قصد وسوء نية، ويعتبر هذا القصد متوفراَ متى كذب الشاهد ليضلل القضاء بما كذب فيه.

 

ثالثاً/ الضرر الذي ترتب عليها:

وحيث أنه لما كان ما تقدم إلى المحكمة، وبعد مطالعتها أوراق الدعوى وأحاطتها بظروفها وبأدلة الثبوت التى قام عليها الاتهام، واستقرار يقين المحكمة على ارتكاب المتهم للواقعة محل الاتهام وذلك لما جاء بحوافظ المستندات المقدمة من المدعي بالحق المدني والثابت منها أن المتهم قام بالشهادة في دعوى الطاعة رقم 1720 لسنة 2017 أسرة الضواحى، المقامة من المدعي ضد زوجته نهى صابر.

 

جاءت شهادة المتهم في تلك الدعوى لصالح الزوجة مدعياً صلة القرابة التي تربطه بها، وذلك على عكس ما جاء بالمستندات المقدمة من المُدعي إلى المحكمة والتي تضم إقرار من المتهم ذاته، موثق أمام الشهر العقاري بأنه لا تربطه أي صلة قرابة أو نسب بزوجة المُدعي.

 

وبعدم دفع المتهم للأوراق الثبوتية والاتهام عن نفسه فقد انتهت المحكمة إلى إدانته وتوافر أركان الجريمة في حقه من الشهادة الزور أمام قاضي التحقيق وعن سوء قصد بنية الإضرار بالمدعي بالحق المدني، وكذلك التعدي على المجني عليه بالسب من جراء ذلك الخطأ.

 

فلهذه الأسباب، قضت المحكمة حضورياَ على المتهم وائل أحمد ثابت بالحبس 6 أشهر وكفالة ألف جنية وإلزامه بأداء مبلغ 5 ألاف جنية تعويض مدني.

 

جدير بالذكر أن الشهادة الزور تُعد جنحة على اثرها يُعاقب كل من ارتكبها بالحبس من 24 ساعة إلى 3 سنوات أو الغرامة، وللمحكمة أن تقضي بأحدهما أو كلاهما، فيما يُعاقب بالإعدام كل من شهد زورًا على متهم وترتب عليها إعدامه في جناية، وكذا يحق للمحكمة تحريك دعوى شهادة الزور للشاهد، وإحالتها للنيابة العامة للتحقيق فيها مستندة على تناقض أقوال الشاهد في تحقيقات النيابة وشهادته أمام المحكمة.

 

ويشار إلى أن الحكم في دعاوى الإدانة بالشهادة الزور يُعتبر فريداَ من نوعه لأن الغالبية العظمى من هذه الدعاوى يتم تبرئة المتهم فيها.