مفيد فوزي
■ أعتذر!
أعتذر إذا «أقحمت» نفسى على تفاصيل شخصية فى حياة الرئيس السيسى، فهو الذى يعمق بطريقته المواطنة، وهو الذى ألغى المسافات البعيدة بينه وبيننا، وهو العفوى والبسيط إن تكلم عن نفسه. أتساءل بينى وبين نفسى: كم ساعة ينامها الرئيس بعمق وهو يحمل فى رأسه قضايا مصر والعالم خارجيًا وغرائب التحولات فى الدول؟، وهو القائل: «نحن نتعامل بشرف فى زمان ليس فيه شرف»، ومطلوب منه كرئيس دولة أن تكون الدبلوماسية واجهة بلاده ويكظم ضيقه كإنسان، فالدول تسعى وراء مصالحها، وتلك أولويات الحكم. إن هذا التوازن المطلوب شاق سياسيًا، ولكن الشارع المصرى المساند لظهر الرئيس يتكلم بحرية ولا يعرف الحساسيات، ولا شىء يمنعه من الضجر أحيانًا من تصرفات الدول «سد النهضة نمطًا».

أعود وأتساءل: هذا الرئيس المهموم بحياة مئة مليون مواطن مصرى، هم ينامون، ولكن الرئيس يزوره الأرق. لا أظن أن المهمة سهلة كما تبدو من الخارج، فهى مهمة شاقة وكلمة شاقة مهذبة، إنها مهمة المهمات. مسؤولية حاكم عن مئة مليون وأكثر. صحيح وراء الرئيس حكومة ووزراء، ولكنه يوجه ويرشد ويصوّب ويصحّح. ومقعد الحكم عند السيسى ليس أُبّهة ومظاهر ولكنه قمة المسؤولية، لذلك يحظى - كرئيس - باحترام العالم، ذلك لأنه يحكم شعبًا له تاريخ ومسيرة. وظنى كما أقول دائمًا فى مجالسى الخاصة أن الرئيس «مذاكر مصر جيدًا»، لابد أنه توقف كثيرًا عند أسباب قنوطها «النكسة نمطًا» وتوقف عند عوامل انتصارها «حرب ٧٣ نمطًا» وتوقف عند حكم المرشد «فترة الإخوان نمطًا» وتوقف عند نداء الشعب له لإنقاذ السفينة «يونيو نمطًا». وهو يعلم علم اليقين أن «الأشرار» لا يطيقون نجاح مصر السيسى. لقد كان الأمل أن يحكموا مصر العمر كله، ولكن السيناريو الإلهى أتى بـ«عبدالفتاح السيسى» ليعيد لمصر الاستقرار بعد فوضى، والنور بعد ظلام، والإشراق بعد إحباط.. نعم السيسى مذاكر مصر جيدًا، وتجلى هذا فى إنصافه لأول رئيس جمهورية لمصر محمد نجيب، وأطلق اسمه على قاعدة عسكرية.. ثم إنصافه ليوسف صديق، أول من ثار داخل الجيش على الملك، ولكن سيرته أخذت منحنى آخر.. نعم، مذاكر مصر جيدًا، وقرأ مقالات د. ميلاد حنا «الأعمدة السبعة». إن الوفاء من أهم فضائل الرئيس، لذلك قلت فى التليفزيون: كل الولاء للرئيس السيسى ومنتهى الوفاء لمبارك، إن العبارة تحمل الولاء لحاكم والوفاء لحاكم سابق بلا تطبيل أو تضخيم أو نفاق.

هذا العقل الموضوعى يتأثر بشدة، تبدو على ملامحه حين يرى فى احتفالات الشباب «نبوغ بعض ذوى الاحتياجات»، وهو الذى يحلم بشعب تخلص من الأمية، وتخلص من فيروس C، أتساءل بينى وبين نفسى: هل يتذوق الرئيس طعامه؟. إن التذوق واحدة من المتع خلقها الله للإنسان. فهل هذه «الدماغ»، عفوًا المشحونة والمكتظة بشؤون الدولة خارجيًا وداخليًا، تتذوق طعامها؟. إن الفرد العادى إذا صادفته مشكلة صغيرة حتى لو كانت «ألم ضرس»، حين يجلس على مائدة غداء، يقول كما يردد الحس الشعبى «الأكل ملوش طعم»، لا أدرى كيف يتذوق رئيس بلدى طعامه! لا أدرى إن كان للرئيس وقت أطول لعائلته!، وأتصور تقديسه لمنظومة العيلة واحترامه - بلا حدود - للمرأة، عطاءً وإنجازًا وصبرًا.

وبين الحين، أرى الرئيس فى ملابس كاجوال رياضية يمارس الرياضة، هذا المشهد يجعلنى أفرح.. نعم، إن رئيس بلدى يحتاج لقسط ما من الراحة، إنه يأمر عقله بأن يكف عن التفكير، وأتصور أنه ينجح، فهو لا يخلط الأمور وقت العمل مهما طالت ساعاته، له منهج، ووقت الراحة لراحة العقل قبل البدن له احترامه.

أحيانًا أتساءل بينى وبين نفسى: كم ساعة يستغرق ما يقع تحت عين الرئيس بين تقارير شتى وقصاصات صحف وتقارير سرية؟. إن للإنسان طاقة للقراءة. لكنى أقرأ للتسلية، أما الرئيس فهو يقرأ «لاتخاذ قرار»، يقرأ وبعدها يصدر توجيهًا ما. يقرأ فيدعو المسؤولين للاجتماع، ولو كنت أعرف رقم موبايل الرئيس لسألته: يا ريس، هل تعطى أُذنك لغنوة ما؟ يا ريس هل تشارك العيلة الفرجة على مسرحية كوميدية؟، يا ريس السينما لها جمالياتها، هل يروق لك فيلم عاطفى تتابع أحداثه؟ يا ريس هل تجلس بمفردك وتسلم نفسك لعزف موسيقى، بيانو مثلًا؟ هل لك هواية لا نعرفها؟ سباق سيارات مثلًا، مصارعة حرة مثلًا، مباريات شطرنج عالمية مثلًا؟

قد تلاحظون فضولى، لكنه فضول محاور يريد أن يعرف رئيسه جيدًا، يعرفه كإنسان قبل الرئيس.

إنى أعرف - مثلًا - تقدير الرئيس لقيمة الوقت، فلا وقت مهدر لديه، فهل - من عاداته - النظر لساعته؟.

إن هناك عادات عشناها فى طفولتنا ومراهقتنا، ثم صاحبتنا العمر، فضولى يسأل: هل صاحبت الرئيس عادات نفسية وذهنية رحلة حياته؟. إن حملة «مراكب النجاة» التى تبناها الرئيس معناها الحفاظ على حياة المغامرين على سواحل أوروبا، وحملة «اتكلم عربى» تشى باحترام الرئيس للغة العربية، هنا يسأل فضولى: هل يحب الرئيس الشعر؟، هل هو قارئ للشعر القديم المقفى أم قارئ للحديث من الدواوين؟.

وأجزم بأن الرئيس السيسى هو أكثر رؤساء مصر إنجازًا فى وقت أقل. وأجزم بأن ساعات عمل الرئيس السيسى هى أكثر ساعات عمل لحاكم، وأجزم بأن «الأشرار» يتربصون ويتنمرون لنجاح السيسى. وأجزم بأن حياة مئة مليون إنسان مصرى من أكبر هموم رئيس لمصر.

وأجزم بأن الرجل محاط بشبكة عنقودية من المشاكل فى الداخل والخارج وبعقل هادئ - على أعصابه - يعيد البسمة على شفاه المصريين، وينطلق بمصر يعبر التخلف بالعلم، ويرنو للتقدم.
نقلا عن المصري اليوم