ظل منصورحسن متمسكا بقناعاته السياسية لم يساوم عليها ولم يفرط في مبادئه حتى حين كان أحد المقربين من الرئيس السادات انصرف بهدوء معترضا على اعتقالات سبتمبر رغم كونه مرشحا لشغل منصب نائب الرئيس بتزكية من أطراف عديدة بما فيها السيدة جيهان السادات، وكان نموذجا فعليا لمبدأ البقاء على مسافة واحدة من كل الأطراف مؤمنا بالحوار فحظى باحترام معارضيه قبل مؤيديه، وكانت قبلته السياسية والوطنية الأولى والوحيدة هي الوطن وليس السعى وراء سلطة أو مال وفى ذات الوقت حين أجمعت عليه كل الفصائل السياسية بعد ثورة ٢٥ يناير، وأثناء شغله رئاسة المجلس الاستشارى أجمعت على ترشيحه لخوض الانتخابات الرئاسية.

وهو مولود في أبوكبير بمحافظة الشرقية في ١٠ فبراير ١٩٣٧ داخل أسرة ريفية متوسطة، وكان أكبر الأبناء «ولدان وثلاث بنات»، تعلم في مدرسة الروضة الابتدائية بأبوكبيروقرر والده أن يرسله للدراسة في كلية فيكتوريا بالإسكندرية ثم سافرمنصور حسن إلى لندن لمدة عام، ليحصل على شهادة تؤهله لدخول الجامعة وعاد ليدرس العلوم السياسية في كلية التجارة جامعة القاهرة، كما حصل على الماجستير في العلوم السياسية من جامعة ميتشجان بالولايات المتحدة.

وكان أول من اكتشف منصورحسن هو الرئيس عبدالناصر الذي ألحقه بمكتبه للشؤون العربية لمعاونة الرائد فتحى الديب، ضابط المخابرات، الذي حفظ خفايا البيت العربى بكل تفاصيله وقد عمل «حسن» في الشؤون العربية ثم استقال بعد وفاة عبدالناصر، إلى أن استدعاه الرئيس الراحل أنور السادات ليسند إليه الكثير من المسؤوليات، وقد شغل في عهد السادات منصب وزير الإعلام والثقافة عام ١٩٧٩ ليكون الوزير الخامس الذي يجمع بين الوزارتين، ثم عين في ١٩٨١وزيرا للرئاسة والإعلام والثقافة في آن واحد، ورشحته جيهان السادات، ذات يوم نائبا لرئيس الجمهورية، وكان السادات يستعد لإصدار قرار اختيار منصور، نائبا له، بدلا من حسنى مبارك، وكان «حسن» قد اعترض على ما عرف بـ«اعتقالات سبتمبر» التي حدثت قبل اغتيال السادات بفترة وجيزة، وطلب إعفاءه من منصبه وهذا ما تم.

وكانت علاقته بمبارك تدهورت بسبب ترشيحه ليكون نائبا للسادات وعقب اغتيال السادات ومجىء مبارك رئيسا للجمهورية لم يتعاون «حسن» معه إلا في موضوع واحد وهو عندما كلفه مبارك بالسفر إلى الأردن والاجتماع مع الملك حسين الذي كان زميلًا له في كلية فيكتوريا، وقد نجح في مهمته كان «حسن» قد عين مساعداً للاتحاد الاشتراكى العربى عام ١٩٧٢، ورئيساً لشركة النقل العامة عام ١٩٧٧ وانتخب في السبعينيات عضواً بمجلس الشعب ووكيلا للمجلس في ١٩٧٩، وعين وزير دولة عام ١٩٧٩ إلى أن اختير رئيسا للمجلس الاستشارى في ١١ ديسمبر ٢٠١١.

كان من الممكن أيضا أن يزيل التوتر الناشب بينه وبين مبارك بعدما تعكرت الأجواء بينهما، إثر اعتزام السادات اختياره نائبا له، من خلال عبارات ومواقف ترضى مبارك حين كان نائبا أو حين صار رئيسا، لكنه أصر على أن يقضى ٣٠ عاما في منزله، معتزلا السياسة والإعلام وحين جاءته الفرصة كان يمكن أن يكون الرئيس الذي تتوافق عليه قوى الثورة والجيش و«الإخوان»، لكنه اكتشف أن قواعد اللعبة سوف تجعل منه مجرد «واجهة لإرادات» أخرى، وكان منصور حسن خلال ثورة ٢٥ يناير، يرى أن شباب الثورة أخطأ، لأنه لم يتحد في حزب واحد يرفع مشعل التغيير، وترك الساحة خالية لأحزاب وأطياف أخرى، أما النخبة السياسية، فقد ظهر أنها تأثرت بالنظام السابق، وليست لديها رؤية سياسية، وغير قادرة على قيادة المجتمع، ومنشغلة بالصراعات الضيقة.

وعن أخطاء شباب الثورة، قال إنه بعد قيامهم بها وإسقاط رأس النظام تصوروا نتيجة قلة خبرتهم السياسية أن العهد الجديد بدأ، فتركوا الساحة، وذهبوا لتكوين أحزاب وائتلافات بالعشرات، وهذا خطأ كبير وتمني أن يكونوا أقوى وأكبر قوة في مصر، من خلال تكوين حزب واحد وحين أصدر المشير محمد حسين طنطاوى، الرئيس الأسبق للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، يوم ٨ سبتمبر ٢٠١١ القرار رقم ٢٨٣ لسنة ٢٠١١ بإنشاء مجلس استشارى يعاون المجلس الأعلى للقوات المسلحة، خلال إدارته شؤون البلاد، حتى إتمام انتخابات رئاسة الجمهورية، تم اختيار منصور حسن رئيساً لهذا المجلس.

وأصبح حسن في أوائل مارس ٢٠١٢ مرشحا محتملا لانتخابات الرئاسة، بعدما أعلن عن ذلك رسميا عندما كان رئيسا للمجلس الاستشارى، وقبل ساعات من اجتماع الهيئة العليا لحزب الوفد التي قررت دعمه رسميا في انتخابات رئاسة الجمهورية التي كان مقررا عقدها في ٢٣ مايو٢٠١٢، وأعلن حسن أنه سيستقيل من المجلس الاستشارى، لترشحه لانتخابات الرئاسة حفاظا على حيادية المجلس وهذه لم تكن هذه المرة هي الأولى التي يقترب فيها منصورحسن من مقعد الرئاسة فقد اقترب من مقعد رئاسة مصر مرتين، الأولى قبيل رحيل الرئيس السادات والثانية بعد ثورة ٢٥ ينايرعندما كان مرشحاً توافقياً لقوى سياسية مختلفة وتوافقت عليه نسبة كبيرة من المصريين، لكن منصور حسن في ٢٥ مارس ٢٠١٢ أعلن عن عدوله عن فكرة الترشح قائلا: «قررت الانسحاب حفاظًا على اسمى وتاريخى، وأرفض أن أكون (طرطورًا) بوظيفة رئيس جمهورية، لأنه في حال نجاحى بمساندة الإخوان سيصبح الأمر كذلك». وقد توفي «زي النهارده» في ٢٢ ديسمبر ٢٠١٢