بقلم – روماني صبري 

أصاب الفنان عمر الشريف، نجاحا عظيما في المجال السينمائي بهوليوود، وذات يوما قرر العودة للعمل بالسينما في وطنه مصر، ودونا عن سائر الكتاب اختار أن يكون فيلم العودة مأخوذ عن قصة للأديب المصري الكبير "نجيب محفوظ"، ما السبب وراء ذلك؟، وهل كان يتحلى بالصبر؟، ويصف الإعلامي طارق حبيب عمر الشريف بأحد عملاقة السينما الكبار الذي تألق في سماء السينما المصرية والعالمية، وشرف بلاده كخير سفير في المجال الفني بالعالم.

 

يقول عمر الشريف ان من يبصرني على ارض الواقع، يخيل إليه إنني شخص صبورا للغاية ومرد ذلك إلى الهدوء الذي يطغي على مظهري الخارجي، ولكن في حقيقة الأمر أنا إنسان يثور ويغلي، وان كنت صبورا بعض الشيء، فكنت أتوق ان أستحيل إلى شخص يتمتع بأشد الصبر، لافتا :" فإذا جلست مدة طويلة على كرسي، وقتها يدركني شعورا بالضيق، فاشرع أثب لأحرك جسدي، وحين أصور فيلما اعجز عن الجلوس والاسترخاء بين المشهد والمشهد، كون ذلك يجعل الفنان رائق المزاج فيبدع في أداء المشهد الجديد، وهو ما اعتبره احد عيوبي، وأسعى جاهدا للانفكاك عنه." 

 

حين حل ضيفا على برنامج "من الألف إلى الياء"، تقديم الإعلامي طارق حبيب، كشف كواليس ما قبل تصوير فيلمه المصري "أيوب"، والذي عاد به للسينما المصرية، والفيلم من إنتاج عام  1983، عن قصة لنجيب محفوظ، وكتب السيناريو والحوار له محسن زايد، وأخرجه هاني لاشين، من بطولة محمود المليجي، مديحة يسري، فؤاد المهندس.

 

يقول الشريف :" اللي خلاني اعمل فيلم أيوب، رغبة المواطن المصري اللي بقابله في الشارع وفي بيني وبينه محبة كبيرة جدا، وحسيت بالمحبة دي اكتر كوني غبت عن البلد مدة طويلة، فلما رجعت لاقيت الناس بتتجاوب معايا بشكل كبير في الشارع، وطبعا أصدقائي فضلت على تواصل معاهم بعد سفري.

 

 لافتا :" محبة المصريين لعمر الشريف بعد رجوعه خليته يحس ان ليه أهل ووطن، وكنت حاسس قبل ما التقي بيهم إني خلاص مش ليا أهل من أبناء وطني، لأني سبتهم وعشت برة، وكانوا يقولولي ليه ياعمر كل أفلامك بلغات أجنبية، نفسنا تعمل لنا فيلم مصري، ومن هنا فكرت بعمل فيلم باللغة العربية.

 

موضحا :" لطالما أبديت رضايا وإعجابي بأدب نجيب محفوظ، فقلت حسنا لنختار قصة من قصص الرجل ونحولها لفيلم، وبالحق ثمة كتاب مصريين آخرين كبار، لكنني أحببت أدب الرجل طوال عمري، وبالفعل كلفت منى جبر وهاني لاشين باختيار قصة لنجيب محفوظ، حتى جاءا بقصة أيوب، وبعدما انتهيت من قراءتها، أبديت إعجابي بها.

 

وواصل :" تجربة الفيلم كانت جميلة، غمرتني بالسعادة، فهذا الفيلم جعلني التقي ثانية بعمال الاستوديوهات المصريين، والتي أبعدتني عنهم الغربة، وهم يعرفونني منذ كنت ممثلا شابا، حيث كنت شاركت في فيلم صراع في الوادي عام 1953، وقتها كنت شابا صغيرا.

 

لافتا :" لاقيت كتير من العمال اللي اشتغلوا في سينما الأبيض والأسود لسة موجودين والحمد لله، ودي كانت حاجة حلوة اوي، العودة للسينما المصرية بعد الغيبة الطويلة دي كانت لذيذة جدا.

 

لافتا :" قلت اكرر الفكرة بس في فيلم سينمائي، وكنت عامل أيوب أصلا للتلفزيون فقط، ومش عاوزه يتعرض في السينما، كون إيقاع السينما والتلفزيون مختلفين جدا، يعني إيقاع التلفزيون بيكون أبطأ، كون المشاهد قاعد في البيت وممكن يكون عاوز يقوم يعمل كوباية شاي أو ممكن ينتبه للأولاد ويطلب منهم يذاكروا أو يناموا عشان جه موعد نومهم وما إلى أخره، فالإيقاع البطيء يخليه ميفوتش كتير من الأحداث.

         

هل حقق عمر الشريف كل أحلامه بالنسبة للسينما المصرية، أو في حلم يسعى لتحقيقه في القريب، وردا على ذلك السؤال قال الشريف :" من المستحيل أن يحقق الإنسان كل أحلامه مهما حقق من أحلام، فدائما يولد حلما جديدا، وفي السينما المصرية لم أحقق كل ما حلمت به، وأنا فنان احترم أراء وأفكار الجيل الجديد، وأحب الاطلاع عليها.

 

يتحدث فيلم أيوب، عن رجل الأعمال الناجح عبد الحميد السكري "عمر الشريف"، الذي يدخل في منافسة مع فاضل رجل أعمال لا تعرف الطيبة قلبه، ولعب دوره الفنان الراحل "محمود المليجي"، وذات يوما يصاب السكري بالشلل، فيأخذ يتذكر أيام شبابه و  صديق الدراسة جلال ( فؤاد المهندس ) ، بعدها يلتقيان يتسامران ويتذكران أيام الشباب، فيقترح عليه جلال كتابة مذكراته ، فيلبي، تنزل كتابة مذكراته الضيق بعائلته، حيث رأوا فيها بابا سيفتح عليهم المتاعب جراء الشخصيات التي سيذكرها السكري فيها.

 

من مشاهد الفيلم الممتعة والمؤلمة، حين يختص الشريف فؤاد المهندس قائلا :" الشلل جعل أخاك مجبرا على القراءة، فأنت تعلم إنني لست من هواة القراءة، الشلل جعلني مثل التمثال.

 

يقول له صديقه : يمكن رجليك فاقدين الحياة مؤقتا لكنهم موجودين، عكس من فقدوا أطرافهم، حاول تقوم، وأنا بكده مش بهزر،  الكرسي اللي أنت قاعد عليه أتعمل للي فاقدين أطرافهم، عارف أنت مرضك الحقيقي مش الشلل، بل "اليأس" وهو العدو الحقيقي للإنسان."