كتبت - أماني موسى
 
على وقع الذكرى المئوية لتأسيس لبنان، يزداد غضب الشارع حيال تردي الأوضاع الاقتصادية إثر كورونا وكذا فاجعة انفجار مرفأ بيروت، وعلى الجانب الآخر تتصاعد الضغوط الدولية لإجراء إصلاحات بنيوية من أجل التصدي لأزمة تعد هي أكبر تهديد لاستقرار لبنان منذ الحرب الأهلية. 
 
بدأ التحرك الدولي بقيادة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حيث أمهل الساسة اللبنانيين حتى نهاية أكتوبر للبدء في تنفيذ الإصلاحات التي تسهم في انتشال البلاد من أسوأ أزمة تمر بها، وخصصت فرنسا 100 مليار يورو لانتشال الاقتصاد اللبناني من حالة التراجع التي يعاني منها والتي تعد الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية.
 
من جانبها قالت علياء مبيض، كبيرة الاقتصاديين لدى مصرف Jefferies International، أن الاقتصاد اللبناني رزح منذ مدة لمشاكل هيكلية بنياوية تقاعست السلطات اللبنانية عن مجاراتها واستكشاف الحلول لها منذ سنوات عديدة حتى انفجرت في أزمات عديدة بدأت بأزمة مالية مصرفية وأزمة للديون السيادية، ما تسبب في انفجار أزمة اجتماعية وقد جاءت أزمة كورونا وتداعياتها لتزيد عليها ثقلاً إضافيًا لا سيما في تخبط السلطة في التعاطي مع جائحة كورونا، ثم جريمة انفجار مرفأ بيروت ليضع لبنان في مسار آخر كليًا، ومن ثم فالمسار الذي تسير فيه الدولة اللبنانية هو مسار انحداري.
 
وتابعت في لقاءها مع قناة فرانس 24، أن المبادرة الفرنسية هي محاولة لتغيير هذا المسار الانحداري ولكن لا زالنا في مجال الوعود والخطط والمطالب من المجتمع الدولي في غياب وجود حكومة قادرة وفاعلة على انتشال الاقتصاد اللبناني من هذا الوضع، حيث انتشرت البطالة وأغلقت المؤسسات وتزايدت الديون وانحسر النمو، وأصبح اللبنانييون غير قادرون على استخدام أموالهم بالمصارف بسبب الأزمة المصرفية.
 
وأضافت، هناك أمل إذا ما تم التعاطي بإيجابية مع هذه المبادرة الفرنسية والأممية والدولية، وبانتظار حكومة جديدة لنرى كيف ستتعاطى مع هذه الأزمة والحلول المطروحة.
 
على الجانب الآخر قال حسن عبيد، أستاذ وباحث جامعي في العلوم المالية والاقتصادية، أن تشكيل الحكومات في لبنان قبل العام 2005 ولظرف إقليمي كانت تشكل بطريقة سريعة جدًا، ثم بعد هذا العام بدأت تأخذ حيزًا كبيرًا من الوقت، على الرغم من الأزمات الاقتصادية المتعددة آنذاك، كما بقيت لمدة عامين بلا رئيسًا للجمهورية، واليوم الرئيس الفرنسي حازم بشأن التزام الساسة اللبنانيين بتشكيل الحكومة بوقت قياسي، ولذلك أعتقد أن التدخل الفرنسي سوف يؤتي ثماره.
 
وشدد سمير العيطة، رئيس منتدى الاقتصاديين العرب، أن ما يواجهه لبنان ليس أزمة عابرة بل انهيار منظومة، وما يسمى إصلاحات يطالب بها الرئيس الفرنسي هي أمر غير متفق عليه ولا توجد خطوات محددة للوصول إليه، مشيرًا إلى تصريحات مسؤولين بصندوق النقد الدولي أن الصندوق لا يوجد لديه حلولًا تعالج الأزمة الاقتصادية بلبنان.
 
وأردف، لبنان ليس على شفا الإفلاس بل أنه مفلس.. أنت اليوم تجد حاكم البنك المركزي يقول لا أستطيع تموين الحاجات الأساسية إلا لثلاثة أشهر، ولا أستطيع أن استخدم الاحتياطي الإلزامي وهو ما وضعته البنوك من الدولارات في البنك المركزي.
 
مؤكدًا أن القصة ليست بالسهولة التي يتصورها البعض، وليس لفرنسا القوة أن تضع 40 مليار دولار في بلد مثل لبنان لإنقاذ لبنان، فحجم المشكلة بين 60 إلى 80 مليار دولار، فالأزمة أزمة نظام وساسة وليست أزمة اقتصادية فقط.