فى مثل هذا اليوم 17يونيو1795م..
فكرة فرنسا لمصر'> احتلال فرنسا لمصر تَرجع إلى القرن السَّابع عشر، أيام حكم الملك لويس الرابع عشر [1672 - 1714م]؛ وذلك بهدف ضرب التجارة الهولنديَّة في الهند والتي تمرُّ بها، ثمَّ تجدَّدَت الفكرة أيام حكم الملك لويس الخامس عشر، ولكن عن طريق التفاوض مع الدولة العثمانيَّة من أجل التنازل عن حُكم مصر للفرنسيين، وتجدَّدَت الفكرة مرَّةً ثالثة أيام حكم الملك لويس السادس عشر؛ وذلك إثر المنافسة الشَّرسة بين إنجلترا وفرنسا على مناطق النُّفوذ في الهند وأمريكا الشمالية، والتي انتهت لصالح إنجلترا، وتنازلَت فرنسا عن مستعمراتها في أمريكا الشمالية سنة 1763م.

في سنة 1789م قامت الثَّورة الفرنسيَّة الكبرى ضد النظام الإقطاعي والملكيات القديمة، ليس في فرنسا وحدها، ولكن في أوروبا كلها؛ وذلك بدعم كبير من المحافل الماسونيَّة واليهوديَّة العالمية، ونجحَت الثورة في إعلان الجمهورية سنة 1792م، ثمَّ أعدمَت ملك فرنسا في العام التالي، وانذعرت الملكيات الأوروبية من تنامي قوَّة الثورة الفرنسية، وخافت من امتداد أثَرها ومبادئها إلى سائر أوروبا، فشكَّلَت حلفًا أوروبيًّا ضد الثورة الفرنسية من أجل القضاء عليها، إلَّا أن قوات الثورة بقيادة نابليون بونابرت حقَّقَت عدَّةَ انتصارات على تَحالُف الملكيات خلال الفترة من سنة 1795 - 1797م، ما عدا إنجلترا التي ظلَّت بعيدةً عن ضربات بونابرت بحكم جغرافيَّتها البحرية والمنعزلة عن سائر الدول الأوروبية؛ لذلك رأى الفرنسيون ضرورةَ التوجُّه إلى الشرق لضرب إنجلترا في مستعمراتها بالهند والسيطرة على طرق التجارة العالميَّة، ومن ثمَّ عادَت فكرة احتلال مصر لأذهان الفرنسيين مرة أخرى.

وحتى لا يظن القارئ أنَّ التنافس الفرنسي الإنجليزي كان هو الدَّافعَ الوحيد لشنِّ هذه الحملة الصليبية الظالمة على بلاد مصر؛ كان لا بدَّ من التأكيد على دور الدِّين وأثَر الكنيسة الفرنسية في الحملة، وهذا سيتضح جليًّا من تعامل الفرنسيين مع مسلمي مصر واستعانتهم بنصارى مصر في حَملتهم، ومن هنا كانت أهداف الحملة خليطًا من الأهداف الاقتصادية والسياسيَّة والتوسُّعية والدينية، لا تستطيع أن تَعزل هدفًا عن سائر الأهداف، والهدف الدِّيني الصليبي بمثابة القوة الدافعة والباعثة لهمم المقاتلين.

قبل قيام الحملة الفرنسية على مصر، قدم شارل مجالون القنصل الفرنسي في مصر تقريره إلى حكومته في 9 فبراير 1798م يحرضها على ضرورة احتلال مصر، ويبين أهمية استيلاء بلاده على منتجات مصر وتجارتها، ويعدد لها المزايا التي ينتظر أن تجنيها فرنسا من وراء ذلك.

وبعد أيام قليلة من تقديم تقرير مجالون تلقت حكومة فرنسا تقريرا آخر من - تاليران - وزير الخارجية، ويحتل هذا التقرير مكانة كبيرة في تاريخ الحملة الفرنسية على مصر حيث عرض فيه للعلاقات التي قامت من قديم الزمن بين فرنسا ومصر وبسط الآراء التي تنادي بمزايا الاستيلاء على مصر.

وقدم الحجج التي تبين أن الفرصة قد أصبحت سانحة لإرسال حملة على مصر وفتحها، كما تناول وسائل تنفيذ مشروع الغزو من حيث إعداد الرجال وتجهيز السفن اللازمة لحملهم وخطة الغزو العسكرية، ودعا إلى مراعاة تقاليد أهل مصر وعاداتهم وشعائرهم الدينية، وإلى استمالة المصريين وكسب مودتهم بتبجيل علمائهم وشيوخهم واحترام أهل الرأي منهم؛ لأن هؤلاء العلماء أصحاب مكانة كبيرة عند المصريين.!!

شارل موريس تاليران واسمه الكامل "شارل موريس تاليران-بريغور" (بالفرنسية: Charles-Maurice de Talleyrand-Périgord)‏ والمعروف اختصاراً بتاليران، سياسي ودبلوماسي وقائد عسكري فرنسي ولد في 2 فبراير 1754 وبها توفي في 17 مايو 1838. كان يعمل برتبة عليا في نظام لويس السادس عشر، وعمل كذلك خلال الثورة الفرنسية وبعد ذلك تحت حكم نابليون الأول، لويس الثامن عشر، وشارل العاشر، ولويس فيليب. عرف منذ مطلع القرن 19 ببساطة تحت اسم تاليران، وما زالت هذه الشخصية تستقطب اهتمام المؤرخين وتثير الجدل في اوساطهم. البعض أعتبره أحد الدبلوماسيين الأكثر كفاءة ومهارة، ومؤثرا في التاريخ الأوروبي، والبعض يعتقد في المقابل بانه كان خائناً للنظام القديم، وللثورة الفرنسية، ولنابليون. وهو أيضا يعتبر سيئ السمعة لانه ادار ظهره للكنيسة الكاثوليكية بعد التنسيق مع الكهنوت، وبسبب تكريس حكومة الأساقفة.!!