سليمان شفيق
اعتبرت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل امس الإثنين أن أزمة فيروس كورونا المستجد تشكل أكبر اختبار للاتحاد الأوروبي منذ تأسيسه، مؤكدة أن ألمانيا "مستعدة للمساهمة" في دفع التكتل قدما.

وقالت المستشارة الألمانية للصحافيين قبيل مؤتمر لوزراء مالية منطقة اليورو يهدف إلى إعداد خطة إنقاذ لاقتصاد التكتل "برأيي... يواجه الاتحاد الأوروبي أكبر اختبار له منذ تأسيسة

وأضافت ميركل "الكل متأثر على حد سواء، وبالتالي من مصلحة الجميع وألمانيا أن تخرج أوروبا قوية من هذا الاختبار".

وتواجه المحادثات بين قادة الاتحاد الأوروبي حول حزمة المساعدات الممكنة اصطفاف الدول الأكثر تضررا من الفيروس في مواجهة الدول الأقوى اقتصاديا.

وتطالب إيطاليا وفرنسا وإسبانيا، وهي الدول الأكثر تضررا من الفيروس في أوروبا، ألمانيا والنمسا وهولندا بالموافقة على إصدار "سندات كورونا"، وهي آلية ديون متبادلة مثيرة للجدل لمساعدة دول التكتل الأكثر تأثّرا بكوفيد-19 على تمويل جهودها لدرء التداعيات الاقتصادية المدمرة للوباء.

لكن القادة المحافظين في دول شمال القارة يتخوفون من أن يؤدي هذا الأمر إلى التشارك في الديون السيادية وأن يدفع مواطنوهم فاتورة تفلّت موازنات دول الجنوب.

وأكدت ميركل الإثنين الموقف السابق لحكومتها من تفعيل آلية الاستقرار الأوروبية لدعم موازنات الدول الأوروبية، علما أن وزير المال الألماني أولف شولتز قال الجمعة "لن تكون هناك شروط غير عقلانية كما حدث في الماضي. لن تأتي أي ترويكا إلى الدول لإخبار الحكومات أي سياسة عليها أن تتبع".

وقالت المستشارة الألمانية للصحافيين الإثنين إن على أوروبا أن تحقق "اكتفاء ذاتيا" في إنتاج الكمامات الواقية، معتبرة أن هذا الأمر هو "من الدروس التي تعلّمناها من هذه الجائحة".

وأضافت "نحتاج إلى نسبة معيّنة من الاكتفاء الذاتي أو على الأقل إلى دعامة من صناعتنا الخاصة" في ألمانيا أو في دول أخرى في الاتحاد الأوروبي.

وفي فرنسا حذر وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير من أن بلاده ستشهد عام 2020 أسوأ معدل نمو منذ 1945، إذ لم يستبعد أن يتجاوز بكثيرالمعدل الذي سجل في 2009 إثر الأزمة المالية الكبرى عام 2008، وبلغ حينها 2,2- في المئة. وفسر ذلك بتوقف عدة قطاعات عن العمل بسبب الحجر الصحي المفروض لاحتواء وباء كورونا.

وقال برونو لومير خلال جلسة استماع أمام لجنة الشؤون الاقتصادية في مجلس الشيوخ الفرنسي إن "أسوأ معدل نمو سجّلته فرنسا منذ العام 1945، كان في العام 2009 بعد الأزمة المالية الكبرى عام 2008، وبلغ 2,2- في المئة" مضيفا "يبدو أننا سنتخطى بكثير نسبة -2,2%" هذه السنة.
وتابع "مرد ذلك حجم الصدمة الاقتصادية التي نواجهها" مع توقف العديد من القطاعات عن العمل بسبب الحجر الصحي الذي فرضته السلطات سعيا لاحتواء تفشي وباء فيروس كورونا.

وكانت الحكومة قد قدرت سابقا في ميزانيتها المعدلة التي أقرتها في منتصف مارس أن يصل الانكماش الاقتصادي إلى 1% هذه السنة، لكن برونو لومير أشار بعد أيام إلى أن تراجع النشاط الاقتصادي سيكون أكبر بكثير.

وبحسب أرقام معهد "إينسي"، فإن شهرا من الحجر المنزلي يكلف فرنسا حوالى ثلاث نقاط من إجمالي ناتجها الداخلي على مدى عام، وكلفة شهرين حوالى ست نقاط.

وكان الاتحاد الأوروبى رفض أن يتحمل تبعات الأزمات الاقتصادية التي تنطوى على تفاقم كورونا، فقد كان هذا هو رد الاتحاد على طلب إيطاليا الذى تزعمه ألمانيا، على عكس فرنسا التي أكدت ضرورة إرسال مساعدات مالية لإيطاليا لمواجهة الأزمة التي تتعرض لها والتي تدمر اقتصادها.

رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي أكد أن الاتحاد الأوروبي قد ينهار بسبب تلك الجائحة، منتقدا غياب خطة موحدة لمواجهة وباء كورونا، مضيفا: "على أوروبا أن تظهر قدرتها على مواجهة فيروس كورونا لأن إيطاليا تؤدي دورها".

وهدد رئيس وزراء إيطاليا خلال قمة الاتحاد الأوروبى التي نظمت عبر الفيديو الأسبوع الماضى بعدم التوقيع على الإعلان المشترك في حال لم يعتمد الاتحاد تدابير قوية، وذلك بعدما رفضت ألمانيا ودول شمال أوروبية أخرى مناشدة تسع دول، من بينها إيطاليا الأكثر تضرراً، من أجل الاقتراض الجماعي من خلال سندات كورونا للمساعدة في تخفيف الضربة الاقتصادية للوباء.

الا ان عالم الاقتصاد البارز د .طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن الأزمة التي يمر بها الاتحاد الأوروبى خلال الفترة الراهنة، بسبب أزمة فيروس كورونا والخلاف الكبير بين دول إيطاليا وفرنسا وألمانيا حول تقديم مساعدات للدول الأوروبية التي تعرضت لأزمة كورونا وأثرت على اقتصادها لن تؤدى في النهاية إلى انهيار الاتحاد ولكن قد تؤدى إلى وجود تعديل في اتفاقية بروكسيل التي بمقتضاها تم إنشاء الاتحاد.

وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، لـ"اليوم السابع"، إن الانهيار غير وارد للاتحاد الأوروبى أو انسحاب بعض الدول، لافتا إلى أن سلطات الاتحاد الأوروبى محدود وفقا لاتفاقية بروكسيل، حيث ان دور المفوضية الأوروبية هو التنسيق بين الدول الأوروبية لتقديم مساعدات لبعضها حال تعرضت لزلازل أو أعمال إرهابية أو لكارثة، لافتا إلى أن البند رقم 222 من اتفاقية بروكسيل ينص على أن الدول الأوروبية عليها تقديم المساعدات للدول الأعضاء المنكوبة بسبب كوارث، وفيروس كورونا يعد من تلك الكوارث.

ولفت الدكتور طارق فهمى، إلى أن الخلافات الدائرة حاليا حول عدم تقديم مساعدات كافية لإيطاليا بسبب كورونا لن يؤدى إلى تفكك الاتحاد، موضحا أن الأمر يحتاج إلى تعديل بعض البنود بما يسمح بإلزامية تقديم المساعدات، موضحا أن فرنسا وألمانية المختلفان الآن حول تقديم مساعدات لإيطاليا حريصين للغاية على بقاء الاتحاد الأوروبى.

ولازال الجدل مستمرا في الاتحاد الاوربي حول امكانية التصدي لكورونا علميا واقتصاديا .