في مثل هذا اليوم 3 مارس 1917
"لقد استطعت أن أزور المعامل الذرية في أمريكا وعندما أعود إلى مصر سأقدم لبلادي خدمات جليلة في هذا الميدان، وسأستطيع أن أخدم قضية السلام" ... كانت تلك آخر رسالة لشهيدة العلم و الوطن العالمة سميرة موسى و التي خرجت و لم تعد !!!

ولدت سميرة موسى في الثالث من مارس 1917 بقرية سنبو الكبرى مركز زفتى بمحافظة الغربية بمصر ، تعلمت سميرة منذ الصغر القراءة و الكتابة، و حفظت أجزاء من القرآن الكريم و كانت مولعة بقراءة الصحف و كانت تتمتع بذاكرة فوتوغرافية تؤهلها لحفظ الشيء بمجرد قراءته. تعلمت سميرة في المدارس الاولية في قريتها ثم انتقلت الى القاهرة حيث كان والدها يمتلك فندقا بحي الحسين و التحقت بمدرسة قصر الشوق الابتدائية ثم بنات الاشراف الثانوية و بعد ذلك التحقت بكلية العلوم قسم الفيزياء ، تتلمذت على يد الدكتور مشرفة تلميذ انشتاين و اثبتت نبوغ و عبقرية و بعد ان تخرجت عام ١٩٤٢ اصبحت معيدة بكلية العلوم و واصلت ابحاثها و تجاربها المعملية في كلية العلوم و الطب او اللجان العلمية المتخصصة التي المسئولة عن مؤسسة الطاقة الذرية و قد حصلت سميرة على الماجستير في التوصيل الحراري للغازات و فيما بعد حصلت على الدكتوراة و كان موضوعها عن خصائص امتصاص المواد للاشعة و بعد ذلك قدمت سميرة العديد من الابحاث . وللأسف على الرغم من كثرة الأبحاث والدراسات التي قامت بها الدكتورة سميرة إلا أن معظمها لم يصل إلينا، كان أملها دوماً أن تستطيع تسخير الذرة لخدمة الإنسان في المجالات السلمية والطبية كالعلاج بالذرة وقد تطوعت في مستشفيات القصر العيني من أجل مساعدة المرضى في العلاج بالمجان.

أمنت الدكتورة سميرة موسى بمبدأ هام وهو التكافؤ في امتلاك الأسلحة النووية، فلا تفرض دولة قوتها و هيمنتها على الأخرى، فأي دولة تسعى للسلام يجب أن تسعى له وهي في موقف قوة، وقد لفت انتباهها اهتمام إسرائيل بامتلاك الأسلحة النووية و حرصها على الا يمتلك غيرها مثل هذا النوع من السلاح ، مما رسخ في فكر سميرة أهمية مجاراة التقدم والحصول على ميزة التسلح بنفس أسلحتهم، خاصة بعد ما عاصرته من مأساة القنبلة النووية التي أسقطها الأمريكان على كل من مدينتي هيروشيما وناجازاكي عام 1945 في الحرب العالمية الثانية.

و سافرت سميرة عام ١٩٥٢ في بعثة تعليمية الى الولايات المتحدة الامريكية ، و لم تكن تعلم ان عيون العدو تترصدها و انه قد صدرت الاوامر بتصفيتها !!

و في ١٥ اغسطس ١٩٥٢ كانت سميرة على موعد لزيارة احد المفاعلات النووية الامريكية و قد جاءها اتصال قبيل موعدها بانه سيأتي لها مرشد هندي ليصحبها الى المفاعل فيصحبها في طريق جبلي و على ارتفاع ٤٠٠ قدم و فجأة تظهر سيارة نقل تصدم السيارة التي تستقلها سميرة و يقفز المرشد الهندي لتسقط السيارة اثر الاصطدام القوي لتهوى بسميرة بقوة في عمق الوادي و ينكر المسئولون عن المفاعل الامريكي انهم ارسلوا ذلك الهندي !!

و ترحل سميرة شهيدة العلم و الوطن مخلفة وراءها غموضا و لغزا حول واقعة وفاتها المفاجئة ، لتظل اصابع الاتهام تشير الى العدو الصهيوني و جهاز الموساد فتاريخه حافل في عمليات الاغتيال و سفك الدماء لا سيما العلماء ممن اخلصوا لوطنهم و دينهم .