كتبت – أماني موسى
قال الكاتب والباحث ثروت الخرباوي، القيادي السابق بالجماعة، هل تظن أن الوثنية غادرتنا؟ أنا لا أظن ذلك، هل تعتقد أن تجسيم الإله مقصور على أديان أخرى؟ اعتقادك فى غير محله.
 
متابعًا في تدوينة عبر حسابه بالفيسبوك، أنا لن أناقشك فى الأحاديث التى يخرجها لنا أهل الحديث، ويدافعون عنها، فالحقيقة أننى أصبحت ضيق الصدر من هؤلاء، لن أقول لك إن العرب عندما حيل بينهم وبين عبادة الأوثان التى يرونها ليل نهار كان أن ابتكروا إلهًا وثنًا يتعبدون له، وأعطوا لنا أوصافه، وإذا عنَّ لك أن تعرف وثنهم فاستخرج عشرات الأحاديث المزيفة التى «وثنوا» بها الله، فكان هذا الوثن فى بعض الأحيان عبارة عن «شاب جعد الشعر أبيض الوجه أمرد لا لحية له»! ثم نسبوا هذا الكلام إلى عبدالله بن عباس فيقولون إنه قال: «رأى محمد ربه فى روضة خضراء دونه فراش من ذهب، على كرسي من ذهب تحمله أربعة من الملائكة»، وللحديث وجوه أخرى كثيرة، إلا أن أهل الحديث قطعوا بصحة هذا الحديث وإن كان البعض منهم تأوله على أن الرؤية هنا كانت رؤيا منامية! ويبدو أنهم نسوا قولهم بأن رؤيا الأنبياء حق وأن الله ليس كمثله شيء، ومعنى ذلك أنه طالما رآه في المنام على تلك الصورة فتكون تلك هي صورته، سبحانه ننزه عن ذلك.
 
واستطرد الخرباوي، ومع ذلك فلن أناقش الآن هذا الحديث ولا كلام أهل الحديث عنه، ولا أريد أن أشاغب الآن أصحاب الدين الزائف فى هذا الأمر، ولكننى أوردت هذا الحديث لأتحدث عن كيف يتصورون الله. 
 
أصحاب الدين الزائف «وثنوا» الله فى ضمائرهم، سبحانه ، فهم يرونه «صاحب شرطة»، أو «مقدم درك» له بعض الجنود الغلاظ، وهو فوق ذلك يعمل عندهم، فهم الولاة أو السلاطين، أليسوا هم أهل التقوى وأصحاب الفضيلة، وقد أعد صاحب الشرطة لهم الجنة لتكون مراحهم ومغداهم! ثم إنهم أعطوه أسماء خصومهم وطلبوا منه أن يلقيهم في النار، ولا يخرجهم منها أبدا! هذا هو الله الذى ظنوا أنه يعمل لديهم، لذلك تصوروه شاباً جعداً أمرد منعماً مترفاً يجلس على عرش يحمله بعض الحرس.
 
وتابع، لكن كيف كان ذلك؟! استمع لهم وهم يأمرون الله! تحت مسمى الدعاء، وأنصت لشيخهم المزيف عندما وقف في إستاد القاهرة قبل ٣٠ يونيو ٢٠١٣ وأخذ يقول بطريقته الآمرة وكأنه السلطان الذى يتوجه بالأمر إلى قائد جنده: "اللهم رد كيدهم فى نحورهم، واجعل تدميرهم فى تدبيرهم، اللهم اهزمهم وانصرنا عليهم" صدر الأمر من السلطان محمد عبد المقصود وليس لقائد جنده إلا أن يستجيب!. 
 
والسلطان الآخر وجدى غنيم يجلس فى مكانه ويوجه الحديث لقائد الجند قائلاً: اللهم عليك بالجيش الخائن، والشرطة الخائنة، والشيوخ الخونة، والعلمانيين الكفرة، والصليبيين المشركين، ثم يتذكر الشيخ أنه دعا هذا الدعاء من قبل وأن قائد الجند لم يقم بالواجب المنوط به، فأراد الشيخ وجدى أن يستثير حمية الله فى قائد جنده، فقال له: «إنهم يا رب لا يعجزونك»، ثم يستمر فى إصدار الأوامر قائلاً: «اللهم ضعهم على خوازيق على مرأى من كل الناس لينالوا الفضيحة»!
 
وعندما ظنوا أن الله قد يكون قد انشغل عنهم ونسي طلباتهم السابقة، فأعطوه اللائحة الكاملة قائلين: «اللهم إن الانقلابيين الخائنين استعانوا بما فى أيديهم من سلاح وعتاد، وتقووا بأعداء الشعب والبلاد، وفوض صغيرهم كبيرهم فى القتل والإفساد، وإنا نستعين بك عليهم وعلى مَن وراءهم، نسألك أن تجعلهم للناس عبرة وآية»، ثم عندما رأوا أن طلباتهم أصبحت كثيرة، رأوا أن يثيروا حميته وحماسه ببعض كلمات، فقالوا: «إنه لا يعجزك شىء فى الأرض ولا فى السماء».
 
مختتمًا، ولكنهم مع ذلك لم يروا الله ينتصر لهم، بل إنهم نالوا الهزائم الواحدة تلو الأخرى، لا ضير، فإنهم سيقولون لرعيتهم إن قائد الجند لم يستجب لكم، لأن فيكم عشرات العيوب، أتريدون أن ينتصر لكم وأنتم لا تخلصون له فى الدعاء؟! والرعية لاعب لها، فهم كالببغاء عقله في أذنيه.