كتب – روماني صبري 
أحيا محبي الكاتب الكبير "جلال عامر" بالأمس ذكرى رحيله، حيث رحل عامر عن عالمنا في 12 فبراير عام 2012 اثر نوبة قلبية حادة وهو يترأس مظاهرة ضد النظام، ومنذ وطأت أقدام الراحل عالم الصحافة سرعان ما دفع باسمه إلى واجهة المشهد الصحفي لبراعته الشديدة في الكتابة الصحفية البسيطة التي لم يجد البسطاء أي عائق لفهمها، لاسيما كاتباته الساخرة الذي رصد خلالها الوضع السياسي والاجتماعي والديني في مصر ليلقب بـ "امير الساخرين"، ومن أشهر أقواله السياسية " إذا أردت أن تضيع شعبا أشغله بغياب الأنبوبة وغياب البنزين ثم غيب عقله واخلط السياسة بالاقتصاد بالدين بالرياضة."
 
البداية 
ولد عامر في الخامس والعشرون من سبتمبر عام 1952، بمحافظة الإسكندرية، تخرج في الكلية الحربية وخاض 3 حروب مصرية، كونه كان ضابطا بالجيش المصري، كما كان درس الراحل   القانون في كلية الحقوق والفلسفة في كلية الآداب، وبسبب حبه للكتابة شرع يكتب الشعر والقصص القصيرة، حتى عمل كاتبا صحفيا في جريده القاهرة التابعة لوزارة الثقافة المصرية والتي كان رئيس تحريرها الأستاذ صلاح عيسى، وآنذاك اشرف عامر  على صفحة مراسيل ومكاتيب للقراء." 
 
وبعد مضي السنوات، بزغ نجم عامر فراحت ابرز الصحف تنشر مقالاته، ولان الكاتب لا يجب أن ترتبط كتابته بجيل معين لامست كتاباته قلوب الشباب، وما يعكس ذلك عموده اليومي (تخاريف) بجريدة المصري اليوم، والذي حرص على قراءته مئات الآلاف من الشباب في مصر والوطن العربي عبر الجريدة الورقية أو موقعها الاليكتروني، إلى جانب كتاباته عبر مواقع التواصل الاجتماعي الشهيرة ومقالاته في جريدة الأهالي التابعة لحزب التجمع.
الأب الروحي للكتابة الساخرة 
يرى خبراء الصحافة والإعلام أن الراحل خلق مدرسة جديدة في فن الكتابة الساخرة تعتمد على التداعي الحر للأفكار والتكثيف الشديد وطرح عدداً كبيرا من الأفكار في المقال الواحد وربطها معا بشكل غير قابل للتفكيك بحيث تصير المقالة وحدة واحدة شديدة التماسك على الرغم من احتواءها على أفكار منفصلة عن بعضها، كما يتميز أسلوبه باحتوائه على الكثير من التوريات الرائعة التي تشد انتباه القارئ حتى نهاية المقال كما أنها تفتح مداركه على حقائق ربما غابت عنه.
مصر والعفريت 
وتضم المكتبة المصرية كتابه الشهير "مصر على كف عفريت" الذي طرح بالمكتبات عام 2009، وحقق نجاحات ضخمة في المبيعات، والكتاب واحدا من أهم الكتب التي تعتمد على السخرية السوداء وقال فيه :" انه محاولة لبحث حالة وطن كان يملك غطاء ذهب فأصبح من دون غطاء بلاعة... لماذا وكيف؟.. فقد بدأت مصر بحفظ الموتى، وانتهت بحفظ الأناشيد، لأن كل مسؤول يتولى منصبه يقسم بأنه سوف يسهر على راحة الشعب، من دون أن يحدد أين سيسهر وللساعة كام، حيث يسيرون بأمر الدكتور، ولم يعد أحد في مصر يستحق أن نحمله على أكتافنا إلا أنبوبة البوتاجاز، فهل مصر على كف عفريت؟.
 
ويكشف عامر في الكتاب انه كان ضابطا في الجيش، خاض ثلاث حروب ضد إسرائيل، لكنه يخوض الآن حرب الثلاث وجبات، حيث يخرج المواطن لشراء الخبز وقد يعود أو لا يعود بعد معركة الطوابير. 
 
موضحا، إذا كان كازنتزاكيس كتب روايته المسيح يصلب من جديد، فإن مصر تكتب روايتها "المصري يغرق من جديد"في إشارة إلى حادث غرق 1030 مصريا في البحر الأحمر في مركب أحد رجال الأعمال "عبارة السلام."
حياته الأسرية 
تزوج عامر وأنجب 4 أبناء هم : رامي جلال عامر ويعمل كاتبا، ورانيا وريهام وراجي عامر.
المصريين يقتلوا بعض! 
وبحسب مصادر إعلامية غيب الموت عامر عن الحياة يوم 12 فبراير 2012، وهو يشارك الشباب في مظاهرة ضد النظام في رأس التين ، وعلى حين فجأة رأى بعض الأشقياء يعتدون على المحتجين، فحط أغلظ الحزن داخله ما اثر على قلبه، فسقط على الأرض بعد إصابته بنوبة قلبية حادة وهو يقول :" المصريين بيموتوا بعض !."