بقلم: زهير دعيم
 
جلس طلاب صفّ البستان بشكلٍ دائريّ مع معلمتهم ديمة ، بعد فترة الألعاب والفعاليات ، جلسوا يستمعون الى القصّة اليومية .
 
  إنهم يُحبّون القصص والحكايات ، جلسوا مسرورين إلا هديل التي وضعت رأسها الصغير على ركبة المعلمة وأخذت تبكي ، فقد عضّها  منير  قبل دقائق معدودة ، منير هذا الطفل الشّقيّ.
 
  بدأت المعلمة بالقصة وهي تُداعب شعر هديل بحنان : " كان يا ما كان ، في قديم الزّمان ، ثعلب مكّار يعيش في الغابة ...
  ولم تكد تنتهي المعلمة من هذه الجملة وإذا بصرخة قوية تصدر من رنين : آخ...آخ...آخ...
 
فسألت المعلمة عن الأمر فقالت رنين : " لقد عضّني منير ، عضّني منير" 
فجاء ردّ منير سريعًا : " لقد داست على قدمي !! ".
 
 وهزّت المعلمة رأسها بامتعاض شديد ، وطلبت من رنين أن تأتيَ وتجلس بجانبها .
  لم تبكِ رنين ، فهي طالبة قوية الشخصية.
 
 احتارت المعلمة ، ماذا تفعل بهذا العضّاض الذي يعضّ كلّ يوم ...يعضّ هذا ويعضّ هذه ..وكثيرا ما عانقته بحرارة وحدثته عن أضرار العضّ ولكن دون فائدة.
 
 وتابعت المعلمة سرد القصة .
 وعندما جاءت أمّ  منير لتأخذَ ابنها بعد انتهاء الدّوام ، أخبرتها المعلمة أنّ ابنها ما زال يعضّ الطلاب ، فاليوم فقط عضّ طالبتين ، وهذا الأمر يقلقها ويقلق الأمهات .
 
  وعضّت أمّ منير على شفتها خجلًا وقالت  : " آسفة ..ماذا أفعل ...لقد استعملت أنا  وأبوه كلّ الطُّرق لكي يترك منير هذه العادة السيئة ولكن دون جدوى ، ورغم ذلك سنحاول ثانية  ".
 
  ولم تنمِ المعلمة في تلك الليلة وهي تبحث  عن وسيلة تمنع فيها منير من العضّ .
 
   وفي اليوم التّالي ، وفي السّاعات المبكرة من الصّباح ، وبينما كانت المعلمة تقوم بالتركيز ، سمعت صرخة قوية : آخ..آخ..آخ ..
 ودون أن ترفع المعلمة رأسها صاحت " : منير ..منير تعال إلى هنا،  تعال إلى هنا ".
 
وقف منير أمام المعلمة باكيًا وهو ينظر والدّموع تملأ عينيه ..ينظر إلى يده الحمراء ..
 لقد عضّتني رنين ، لقد عضّتني .
 
   وضحكت المعلمة ، وعانقته بحرارة وهي تؤنّب رنين .
 
 وتابعت المعلمة التركيز الذي كانت تقطعه كل فترة ببسمة خفيفة قائلة : أيكون هذا ....؟؟
 وفي اليوم التّالي والأيام التي تلت غاب العضّ عن الصفّ ، غاب إلى الأبد.