كتبت - أماني موسى
قال د. محمود محيي الدين، النائب الأول لرئيس البنك الدولي، أنه تشرف بكونه من المشاركين في تأسيس هيئة الرقابة المالية، في يوليو 2009، برفقة أساطين التشريع في مصر.

وأضاف في لقاءه مع الإعلامية لميس الحديدي ببرنامج "القاهرة الآن" المقدم عبر شاشة العربية الحدث، أنه سيترك منصبه بالبنك الدولي قريبًا بعد أن قضى فيه قرابة 10 سنوات وهو أطول وقت يقضيه مسؤول في هذا المنصب بتلك المؤسسة الاقتصادية الدولية العريقة.

مشيرًا إلى أنه أخبر رئيس البنك الدولي ببدأه مشروع جديد، ووفقًا لقوانين العمل بهذا البنك لا يمكنه الإفصاح عنه حتى انتهاء الولاية الخاصة به.

ولفت إلى أنه جاب العالم كله شرقًا وغربًا أثناء فترة عمله بالبنك الدولي، وأن تجربة العمل بالبنك الدولي تجربة غنية للتعرف بشكل مباشر على أوضاع التنمية والاستقرار ليس فقط في مجالات الاقتصاد بل أيضًا بالأوضاع الإنسانية وخاصة الفقر، فنحاول الوصول إلى إجابة ما هي الأسباب التي جعلت دولة تعترضها مشكلات كثيرة جدًا رغم توفر الموارد، ودولة أخرى بلا أي موارد تكون في مقدمة دول العالم مثل سنغافورة وكوريا، فتجد أن الأسباب ترجع إلى 3، أولهم القيادة ويقصد بها القيادة العامة للبلاد وليس شخص واحد، ثم السياسات وأخيرًا المؤسسات، هؤلاء الثلاثي يحكمون التقدم بالدول.

وعن الاقتصاد في دول المنطقة بنهاية 2019 وبداية عام 2020، قال محيي الدين، الاقتصاد العربي في وضع لا يُحسَد عليه، وعند تناول ذلك لابد من التحدث عن ما يسمى بـ "لوحة المفاتيح" والتي تستخدم للتعريف بوضع الاقتصاد لديك ومؤشرات التنمية التي تشمل عدة مؤشرات مثل البطالة والتضخم وتوزيع دخل وفقر ومعدلات النمو، وإذا طبقنا هذه المؤشرات على دول العالم العربي ستجد أن الوضع الاقتصادي به في غاية السوء.

وأضاف أن معدلات النمو الاقتصادي في المنطقة هي أقل بكثير من معدلات النمو العالمي بباقي دول العالم والمنخفضة هي الأخرى، حيث بلغ معدل النمو العالمي 2.6%، وفي الوضع العربي .6% ، وأوضاع الفقر بالمنطقة العربية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي المنطقة الوحيدة التي زادت فيها نسبة الفقر المدقع على مستوى العالم.

وعن مؤشر التضخم والغلاء، هناك تفاوت بين الدول العربية في هذا المؤشر لكن أيضًا معدلات التضخم أعلى مما تحتمله دخول الناس.

المنطقة العربية هي الأسوأ في توزيع الدخول على مستوى العالم
وكذلك مؤشر ارتفاع معدل البطالة، تعاني المنطقة العربية من هذا الأمر، وللأسف أيضًا المنطقة العربية احتلت الأسوأ بين دول العالم في توزيع الدخول، وهو مكان كانت تحتله أمريكا اللاتينية لعشرات السنوات.

مشيرًا إلى أنه يجب أن تكون هناك أولويات الفترة القادمة لاعتبارات اقتصادية وإنسانية حيث  لا يجوزأن يكون هناك نحو  18 مليون في المنطقة يعانون من الفقر المدقع برغم الموارد، والذي أرتفع من نحو 9.8 مليون عام 2013 وفي المقابل نجد دولة مثل الصين التي يبلغ عدد سكانها نحو 1.4 مليار نسمة بهم نحو 58 مليون مواطن كانوا يعانون الفقر المدقع قبل سنوات، لكن الآن الحكومة الصينية وضعت برنامجًا للقضاء على هذه المؤشرات في 2020 تحت شعار لن يبقي صيني تحت مؤشر الفقر المدقع.

6 مليون مواطن تحت خط الفقر
وعن الوضع في مصر، قال محيي الدين أنه وفقًا لتقرير صادر عن جهاز التعبئة العامة والإحصاء يبلغ من يعيشون تحت الفقر المدقع في مصر نحو 6 مليون مواطن.

وفق المؤشرات العالمية مصر بها 32 مليون مواطن تحت خط الفقر
لكن في المقابل ترى المؤشرات العالمية التي تضم مكونات أخرى أن أعداد من يعانون الفقر المدقع  في مصر تبلغ نسبتهم 32% من عدد السكان بإجمالي 32 مليون مواطن، مشددًا أن هناك شجاعة من الجهات المصرية لأن تصرح عن الرقم وتظهر سياسته، وهناك إجراءات يتم اتخاذها للتعامل مع زيادة الفقر.

وشدد بأن مواجهة المشكلة ليس فقط بالدعم النقدي أو غير ذلك، لكن الطريقة المثلى التي تم استخدامها في الصين وكوريا وسنغافورة أنه يتم الاسثتمار في 3 محاور، أولهم الاستثمار في رأس المال البشري من تدريب وتعليم ورعاية صحية، والاستثمار في البنية الأساسية وخاصة التكنولوجية لتحسين حياة الناس في الحصول على فرص عمل وخلافه، والاستثمار في التوقي من الصدمات يدخل فيه كافة أشكال الدعم الاجتماعي التي تقدمها الدولة للمواطن.

التجربة الصينية نجحت في انتشال 850 مليون مواطن من الفقر المدقع
مشيرًا إلى نجاح التجربة الصينية وهي الأكبر على الإطلاق، حيث بلغ عدد الفقراء فيه بكافة شرائحه إلى 850 مليون مواطن على مدار ثلاثين عامًا، لكنهم تمكنوا من انتشالهم من الفقر المدقع، وشدد على أن هذه الإجراءات تؤثر بشكل إيجابي مفيد جدًا للطبقة المتوسطة، من خلال العناصر السابقة "تعليم وصحة" حيث نتيح فرصة لجميع الطبقات للاستفادة من جهود انتشال الفقراء من قاع الفقر.

وحول الطبقة المتوسطة في مصر التي عانت من الإجراءات الاقتصادية الأخيرة، قال محيي الدين: الحكم على الأشياء فرع عن تصوره، والتصور إما أن يكون تصور علمي من خلال بيانات الوزارات مثل التخطيط، وأيضًأ هناك انطباع لابد أن يدخل في الاعتبار وهو يهم السياسي والاقتصادي ومتخذي القرار.

لافتًا إلى أن التطور التكنولوجي سيجعل هناك أغنياء جدد، وفقراء جدد، بالضبط مثلما حدث في عقب الثورة الصناعية، ومن يطور نفسه تكنولوجيًا سيكون في مقدمة الصف، فالدولة التي ستجيد التحول القرمي والذكاء الاصطناعي ومشتملاتها ستكون هذه الدول في مصاف الدول