واصلت قيادات مشيخة الأزهر هجومها على وزير الثقافة بعد التصريحات المنسوبة إليه، التى اعتبر فيها أن «التعليم الأزهرى أحد أسباب العنف فى مصر»، فى الوقت الذى تراجع فيه الوزير عن هذه التصريحات، مشيراً إلى أن هناك إصراراً على إحداث وقيعة بين الأزهر ووزارة الثقافة، وهو ما لن يخدم إلا الإرهابيين، مؤكداً أن من يقف خلف الإرهاب هم «أتباع أفكار سيد قطب وتنظيم حسن البنا».

«جبرائيل»: إدخال «الكنيسة» فى هذا السجال طائفى.. و«حسن»: المشيخة لديها تعصب مؤسسى
وقال الدكتور محمود مهنا، عضو هيئة كبار علماء الأزهر، لـ«الوطن»: «الهجمة ضد الأزهر بريطانية غربية وهدفها ضياع الإسلام، وأدعو «النمنم» ألا يكون واحداً ممن يقودون تلك الهجمة، وأتحداه أن يتحدث عن شخصيات ومؤسسات غير إسلامية، كبابا الفاتيكان والكنيسة الأرثوذكسية فى مصر، مثلما يتحدث عن الأزهر».

وأضاف: «أقول لوزير الثقافة إنه عليه أن يقرأ القرآن والسنة وإجماع الأمة والقياس وسيجد الأزهر هو الذى أفهم الناس الدين الصحيح من التراث المقدس، وأزاح عنه كل الإسرائيليات والأكاذيب التى علقت به، فالأزهر يدرس علماً أكاديمياً منضبطاً، والإسلام لا يوجد فيه إرهاب ولا تنطع ولا تشتت، والأزهر هو منبر الإسلام الوسطى فى مصر والعالم الإسلامى، وزيارة شيخ الأزهر للشيشان كانت خير دليل على المكانة التى يتمتع بها الأزهر فى الدول العربية والإسلامية».

وتابع: «نرفض التحامل على الأزهر الذى شهد له الأعداء والأصدقاء بالنزاهة والمعرفة التى أذهلت العالم كله، وأدعو الوزير لأن ينمى ثقافته».

وفى سياق متصل، رفض الدكتور محمد مهنا، مستشار شيخ الأزهر، تصريحات «النمنم»، قائلاً: «ابتلينا بوزراء متتابعين يعيشون بيننا أغراباً، وأفكارهم مستوردة تربوا عليها ويريدون أن يفرضوها على الأمة». وأضاف، فى تصريحات إعلامية: «نتعجب من هذا البلاء الذى نراه كل يوم من هؤلاء.. ولا أصدق أن يصدر هذا التصريح من وزير مسئول ينتمى لثقافة بلاده.. ويصنع فتنة طائفية وتمزيقاً للمجتمع». وأشار «مهنا» إلى أن «الأزهر صنع الصور الرائعة التاريخية الحضارية للاعتدال والفكر والثقافة المصرية، مضيفاً: «هذا الوزير يمزق الأمة فى عقر دارها ويلعب على نفس وتيرة الفتن الطائفية».

فى المقابل، واصل وزير الثقافة تراجعه عن تصريحاته السابقة التى هاجم فيها الأزهر، مؤكداً، فى بيان صدر عنه، أمس، أن «هناك إصراراً على إحداث وقيعة بين الأزهر ووزارة الثقافة، وأنه كمواطن مصرى، وباعتباره كاتباً قبل أن يكون مسئولاً، يحذر من هذه الوقيعة التى لن تخدم إلا الإرهابيين والمتشددين، مؤكداً أن ضرب الأزهر أو إضعافه لن يصبان إلا فى خدمة الإرهابيين والمتشددين، على حد قوله. وأوضح الوزير، فى بيانه، أن موقفه من الإرهاب معروف، وأن من يقف خلفه هم أتباع أفكار سيد قطب وتنظيم حسن البنا، وهذا الموقف مسجل فى مقالاته وكتبه ولا يزال متمسكاً بهذا الرأى.

وفيما يتعلق برأيه حول مؤسسة الأزهر، فقد أشار الوزير إلى أنه عبر عنه فى كتابه «الأزهر.. الشيخ والمشيخة»، الذى يضم رأيه بوضوح فى أنه يجل ويقدر الأزهر كمؤسسة وكدور تاريخى، حيث كان الأزهر دوماً صوت الاعتدال، مؤكداً تقديره واحترامه للإمام الأكبر.

من جانبه، أكد الدكتور عمار على حسن، أحد المشاركين فى ندوة «حوار الثقافات والسلام المجتمعى: حول دور المجتمع المدنى فى مواجهة العنف»، التى أقامتها الهيئة القبطية الإنجيلية بالإسكندرية، الجمعة الماضى، وألقى فيها «النمنم» التصريحات المنسوبة إليه، إن وزير الثقافة كان يجب أن يفرق بين وضعه ككاتب ووضعه كمسئول وأن وجوده ليس بوصفه حلمى النمنم، كاتب الرأى ولكن النمنم وزير الثقافة وممثل الحكومة.

وأضاف «حسن» لـ«الوطن»: «الأزهر لديه حساسية تجاه أى نقد، وهو ما يشككنا فى إمكانية خروجنا من هذا النفق المظلم طالما استبدلنا بالعصبية الجاهلية العصبية المؤسسية، وعلى المسئول القانونى بمؤسسة الأزهر الذى سبق وهاجم الوزير أن يراجع مداخلة الوزير كاملة قبل أن يتفرغ للهجوم عليها، وإدخال مؤسسة الأزهر، الجامع والجامعة، إلى معارك وهمية والزج باسم الإمام الأكبر فيها»، مؤكداً أن سياق حديث الوزير لم يكن عدائياً تجاه الأزهر، لكن كان ينتقد التعليم الدينى ويدعو لضرورة مراجعة الأزهر للمناهج التى كانت سبباً فى العنف.

من جانبه، قال نجيب جبرائيل، محامى الكنيسة، أن خطاب «محمود مهنا»، عضو هيئة كبار علماء الأزهر، لـ«الوطن»: «طائفى»، وما كان يجب أن يتم إدخال الكنيسة فى هذا السجال بين الوزير والأزهر. وتابع: «تصريحات قيادات الأزهر إهانة للكنيسة وتوريط لها وتؤدى لإحداث نوع من الكراهية بين الأقباط والمسلمين»، على حد قوله.